Sunday 8th September,200210937العددالأحد 1 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شدو شدو
في الاستشراف المنطقي..
د/ فارس محمد الغزي

حدثت الثورة الصناعية الأوروبية في القرن الثامن عشر الميلادي في وقت تشبعت فيه أوروبا من التشويه الذي طال الإسلام والمسلمين منذ القرون الوسطى. وقد حدث نتيجة لذلك ما حدث من استعمار واستغلال وتبعية. وبما أن قطار التشويه هذا لم يتوقف في ضوء الثورة التقنية التي نشهد معالمها الآن فهل سوف يعيد التاريخ نفسه فتكرر نفس«النتائج» ذاتها مرة أخرى؟
فمن المعلوم أن حملات التشويه والتنميط التي سبقت- وصاحبت وأعقبت- الثورة الصناعية قد أدت لاشك إلى نتائج كوارثية للعالم العربي، حيث أينعت التراكمات الذهنية المغلوطة في عقول الأوروبيين لتتزاوج مخرجاتها العملية مع تجسد الفجوة الصناعية بين الغرب والشرق واختلال موازين القوى لصالح الغرب الصناعي الذي لم يتوان من ثم عن التطلع إلى«الرخيص» من الموارد والأيادي العاملة والأسواق المستهلكة لمنتجاته الأمر الذي دفع به إلى استعمارنا بل إقامة دويلة بني يهود في قلب وجودنا جغرافيا وسياسيا وعقديا وحضاريا ونفسيا وخلافها.
إذن فالسؤال مطروح مرة أخرى: هل سوف يعيد تاريخ التشويه نتائجه مرة أخرى في ضوء الثورة التقنية/ المعلوماتية المعاصرة كما نجم عن الثورة الصناعية، لاسيما في خضم ما يدور خلف الكواليس منذ أحداث 11 سبتمبر المؤسفة؟
أما المنطق فيؤكد حدوث ذلك وتتعين حيثيات هذا الاستشراف المنطقي في ظل عدد من الحقائق المجملة كما يلي:
1- اتساع دوائر مفهوم المنافسة العالمية في الوقت الحاضر عنها في قرون الثورة الصناعية.
2- ازدياد حملات التشويه في وقتنا الحالي كما وكيفا بشكل لم يسبق له مماثل أو نظير.
3- تواتر التطور«المتقهقر» لمخرجات العلوم والتقنية، فكما سخرالغرب الصناعي علوم البايولوجيا والأنثروبولوجيا والسوسيولوجيا والانسانيات في سبيل تدعيم فكرة تفوقه العرقي على غيره من الشعوب، فها هو التاريخ«العلمي/ المعرفي» يعيد نفسه مرة ثانية بدليل توجه غرب العولمة إلى الغوص في أتون الدراسات التطورية ومتاهات الاستنساخ والوراثة الجينية والجينوم وخلاف ذلك.. ومن ضمن دلائل ذلك التقنية المصنعة عرقيا كما يتجسد ذلك في«كاميرات» المطارات وسواها من الوسائل التقنية«الأمنية» التي تم تصنيعها«بايولوجيا» اعتمادا على بعض السمات الجسدية للشعوب والسلالات كحدقات الأعين ونوعية الأسنان بل طبيعة روائح الأجساد«عرقيا!».
4- إن العالم الغربي وقت الثورة الصناعية كان- على الأقل- أكثر التزاما أخلاقيا مما هو عليه الآن ومع ذلك فقد فعل بنا من الفظائع ما فعل، وبما أنه من الثابت أن«العالم» يزداد تقهقرا أخلاقيا كلما ازدادت معدلات تقدمه علميا وحضاريا، فما هو المتوقع أن يزف لنا تاريخ ليس لنا؟.. استعمار فعلي آخر كسابقه.. أم استعمار من نوع جديد؟.. لا أدري غير أنني أدري أنه مهما كانت نوعية هذا الاستعمار فحتما سوف يكون أشد فتكا ووحشية وضراوة!
في الختام أين عالمنا العربي من كل هذا..؟.. حسنا مما يبدو فقسم منه يلوح بالبيضة والقسم الاخر بالدجاجة.. فاللهم المزيد.. المزيد من البروتين الحضاري..!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved