Sunday 8th September,200210937العددالأحد 1 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
هذا تَلاحُمنا
عبدالرحمن صالح العشماوي

قال لي صاحبي: أما ترى إلى هذه الصورة المشرقة التي يظهر بها أبناء هذا الوطن الكريم في اخائهم وتلاحمهم وتواصلهم صغيراً وكبيراً، قيادة وشعباً؟؟
وأشار إلى هذا الاحتفاء بعودة سمو الأمير نايف وزير الداخلية من رحلته العلاجية بعد أن منَّ الله عليه بالشفاء والعافية، كما أشار إلى ذلك الاحتفاء الكبير بعد نجاح عملية العين لخادم الحرمين الشريفين، قبل ذلك، وظلَّ صاحبي يشير إلى ملامح هذه الصور المشرفة في هذه البلاد الغالية، فأشار إلى تلك المتابعة الكبيرة من أبناء هذه البلاد جميعاً ملكاً وولي عهد ومسؤولين وشعباً لحالات علمائنا الكبار الذين عانوا من المرض زمناً قبل وفاتهم، فتحدث عن متابعة الناس لحالة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وابن عثيمين وغيرهما من العلماء رحمهم الله جميعاً وجمعنا بهم في جنات النعيم، وذكر لي من أخبار متابعة خادم الحرمين، وولي عهده، والنائب الثاني، ووزير الداخلية ونائبه، وأميرالرياض وغيرهم من الأمراء، والوزراء، والعلماء، ورجال الأعمال لحالة الشيخ ابن باز وابن عثيمين ما يؤكد قوة التلاحم بين أبناء هذا البلد الغالي.
قلت لصاحبي أليس غريباً ما تذكره على أهل بلدٍ شرَّفهم الله بخدمة مسجده الحرام، ومشاعر الحج، ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وأكرمهم بإعلان شريعة الإسلام دستوراً ومنهجاً، وهداهم إلى العناية بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تعليماً، وطباعةً ونشراً، وإلى عمل الخير واقامة المراكز الإسلامية وبناء المساجد داخل المملكة وخارجها، ليس غريباً عليهم أن يكونوا أصحاب هذه الصورة المشرقة التي أشرت إليها..
هنا جَسَدٌ واحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، قال صاحبي: لقد سمعت من أخبار المتابعة الخاصة من كبار المسؤولين لحالة من ذكرتهم سابقاً من العلماء والمشايخ ما يُعجب ويطرب، وقد رأيت كيف كان خادم الحرمين وولي العهد والنائب الثاني ومعظم مسؤولي الدولة في مقدمة المصلِّين على فقيد الأمة الشيخ عبدالعزيز بن باز - رحمه الله -.
ورأيت كما رأينا كيف كانت العناية الخاصة من ولي العهد بالشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - ومن الأمير عبدالعزيز بن فهد ومازلنا نرى هذه الصورة المشرقة للتلاحم في هذا التواصل الذي لا ينقطع بين الجميع، والكلُّ يطمع في الأجر الوفير الذي وعد الله به أهل التآخي والتواصل والمحبة فيه.
إنَّ هذه المواقف هي التي تزيل الغَبَش، وتؤكد عُمق العلاقة بين أهل هذه البلاد الطيبة المباركة.
وهل ينسى المسلم ما وُعد به من الأجر الكبير على زيارة المريض، وتشييع الجنازة، وعلى التزاور في الله، والسؤال عن الاخوة، وهو يعلم أنه فضل عظيم من الله لعباده؟؟، إذا خَلُصت النية، وسلم القصد.
قلت لصاحبي: هذه الصورة هي التي تبرز دائماً في المواقف كلها، ومازلتُ أذكر احتفاء الناس الكبير بعودة الملك خالد بن عبدالعزيز - رحمه الله - من رحلته العلاجية وقد زاره وفدٌ من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في ذلك الوقت برئاسة د. عبدالله بن عبدالمحسن التركي، وكنت معهم وألقيت قصيدة قلت فيها:


يا أبي إننا نعيش أماناً
وإلهي أعطى النعيم وأسدى
فتذكر فضل المهيمن دوماً
وتذكرَّ يوماً ستُعرض فردا
كلُّ فعل سيُسأل المرء عنه
إن نسينا فالله أحصاه عَدَّا
كلُّ راعٍ عن الرعية مسؤولٌ
فطوبى مَنْ كان لله عَبْدا

ما زلت أذكر ذلك الشعور الأبوي الفيَّاض الذي استقبل به الملك خالد - رحمه الله - هذه الكلمات، وشعرت حينها أن هذه البلاد تشكل أسرةً واحدةً وهو الشعور الذي يبقى حيّاً لأن تلاحُم هذه الأسرة لا ينفصم.
وما دمت يا صاحبي ذكرت عودة وزير الداخلية «نايف بن عبدالعزيز» فاقرأ معي هذه الكلمات التي كتبها الأديب الكبير المحقِّق محمود محمد شاكر - رحمه الله - في مقدمة كتابه الشهير «المتنبي»:« أما الرجل الذي أجرى الله على يديه لطفه بي، واستنقذني بمروءته من العمى، وحاطني حتى عُدْتُ بصيراً فإني لا أملك له جزاءً إلا الإقرار بفضله، وإلا الدُّعاء له كلما أصبحت وأمسيت، صديقٌ لا تنام صداقته عن أصحابه، ورجلَُ لا تغفلُ مروءته عن غير أصحابه «نايف بن عبدالعزيز» صرَّحتُ بذكر اسمه مطيعاً لما يُرضيني، عاصياً لما يُرضيه».
هذا ما كتبه الأستاذ محمود شاكر عام 1397هـ، بعد أن فقد بصره فتبرَّع الأمير نايف بعلاجه على نحو ما ذكر في كتابه.
هنا، يكون حديثك يا صاحبي صحيحاً عن هذه الصورة المشرقة للتلاحم التي نراها في بلادنا كلَّ يوم.
والقصص الواقعية «كثيرة جداً» لا تغيب عنا جميعاً، وإنما نشير هنا إليها اشارة عابرة تناسب المقام.
هذا تلاحمنا.. وعلينا جميعاً مسؤولية الحفاظ عليه، ومراقبة الله فيه، فهو أثمن من متاع الدنيا الذي لا يبقى.
إشارة:


يا من تبادلني الشعور بحالنا
وللحن شعري عندها استحسان
ما ساء ظني فيك يا من نفسُها
نفسي وطول حنينها بُرهان

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved