بمناسبة الاحتفال بيوم الإعلاميين الذين سيحالون على التقاعد أقول: إن سنة الحياة أن يعقب جيل جيلاً آخر، ويعقب هذا الجيل جيل ثالث، وهكذا تستمر الحياة، وليست هناك ميزة لجيل على آخر، فلكل جيل ميزته وخصوصيته التي يتفرد بها عن غيره، فمثلاً الجيل الأول هو جيل السبق والريادة، والجيل الثاني هو جيل التأصيل والترسيخ، والجيل الثالث هو جيل الاستمرار والتواصل، والجيل الرابع هو جيل الانطلاق، وهكذا.. فلكل جيل علامته وبصمته التي تفرقه عند غيره، والتي تجعل له مكانته وتاريخه في ساحة العمل الإسلامي ومسيرته.
فالمحتفى بهم اليوم جيل سيترك بصمته في دنيا الإعلام، فصرح الإعلام الكبير لم يُبن دفعة واحدة، بل بني لبنة لبنة، يوماً بعد يوم وسنة بعد أخرى فكان صرح الإعلام الشامخ الذي بني من جهودهم وجهود من سبقوهم وسيستمر إن شاء الله بجهود السابقين واللاحقين فكل ساهم في هذا الصرح الكبير على قدر جهده وطاقته وظروفه، إذن لكل جيل مساهماته ومشاركاته، وقد تبدو هذه المساهمات متشابهة ومتقاربة لا نكاد نفرق بينها إلا إننا لو ابتعدنا قليلاً عن هذه الصور لاتضح الفرق بينها وظهر جلياً واضحاً أن صورة الجيل الأول تختلف عن صورة الجيل الثاني، وصورة الجيل الثالث تختلف بالضرورة عن صورة الجيل الأول والثاني.
وهكذا نلحظ الفروق، بل يمكن أن نلحظ الفروق بالمقارنة الموضوعية بين الأشياء.
انظر كم عدد الصحف والمجلات والمطبوعات أمس وأنظر كم عددها الآن.
انظر كم عدد محطات الإذاعة والتلفزيون أمس وانظر كم عددها الآن.
انظر كم كانت قوة البث الأرضي والفضائي أمس وانظر كم قوتها اليوم.. إلخ
هذا كله لم يتم في لحظة، ولم يتم في دفعة أو في جيل، بل تم في سنوات وأجيال كلها تضافرت في صنع ما ننعم به الآن من نهضة إعلامية، هذه النهضة التي رفعت اسم المملكة العربية السعودية عالياً بين الأمم، وهو ما يجب أن يكون وجعلت اسمها قرين التطور والرقي والتقدم والحضارة.
هذه النهضة لم تكن لتُوجد لولا توفيق الله ودعم حكومتنا الرشيدة وإيمانها بأهمية الإعلام بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو نائبه ولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز وسمو النائب الثاني وسمو رئيس المجلس الأعلى للإعلام حفظهم الله ذخراً للأمتين العربية والإسلامية، ولولا جهود المخلصين من أبناء هذا البلد الأمين، وعلى رأسهم صاحب المعالي وزير الإعلام الدكتور فؤاد بن عبدالسلام الفارسي الذي قفز بالإعلام السعودي هذه القفزة الكبيرة كماً وكيفاً حتى أصبح اسم المملكة عالياً في الوسط الإعلامي الدولي.
وهذه الجهود التي لمسناها بالأمس، ونلمسها اليوم وغداً إن شاء الله فماذا يكون جزاؤها؟ سيكون الاعتراف بالجميل وتقدير الجهود المتميزة، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان، هكذا علمنا القرآن الكريم. فنحن أمة لا تقابل الجهد المخلص إلا بالشكر، ولا تقابل العمل إلا بالعرفان. ولا تقابل الإحسان إلا بالإحسان، ولا تقابل الفضل إلا بالتقدير. فهؤلاء بمشيئة الله خير سلف لخير خلف وجهودهم وأعمالهم لن تنس، بل ستكون مثالاً يحتذى ونموذجاً يقتدى، وأساساً يبنى فوقه غيرهم بكل فخر واعتزاز ولذلك فإن وزارة الإعلام وهي تكرم أبناءها فهو تكريم واجب تجاه من بذلوا الجهد والعرق، ومن شاركوا في تعليم الأجيال القادمة فخير واجب تجاه المعلم تكريم واجب واعتراف بما قدمه وأسداه ذلك الجيل في مسيرة الإعلام السعودي ليصل إلى ما وصلت إليه اليوم من تميز يُعرف به على الساحة الدولية مصداقية وحكمة وموضوعية وسعة وانتشاراً.
فهنيئاً للمكرمين بتقدير الجميع لهم. وهنيئاً لإعلامنا بما يلقاه من رعاية واهتمام وتقدير.
وبالله التوفيق.
|