ناشد الدكتور طارق الحبيب الأستاذ المشارك استشاري ورئيس قسم الطب النفسي بكلية الطب والمستشفيات الجامعية بالرياض بضرورة إدخال مادة التربية النفسية ضمن مناهج التعليم العام للبنين والبنات.. وأنا هنا أضم صوتي لصوت الدكتور الحبيب، ونطالب بضرورة وجود مادة التربية النفسية لما لها من أهمية كبيرة يحتاجها الشاب والطفل لتكسبه العديد من المهارات التي يفتقدها.. ويعطيه التفاعل الموجه السليم مع الآخرين ومع المجتمع بالصورة السوية.
الآن.. لو نظرنا بشكل سريع على هذا الجيل بكل محتواه شباباً كانوا أو أطفالاً لوجدنا أنهم جيل التقنية فهم يعيشون عالم الإنترنت والقنوات الفضائية.. بكل صالحها وطالحها.. وقلة منهم من يكون تحت عملية الرقابة المباشرة أو التوجيه.. أما البقية فهم تائهون بتلك العوالم ويتخذون منها مركزاً للتقليد وعقولهم مفتوحة لكل شيء ولكل القناعات والمبادئ يؤمنون بها بالشكل الذي يتوافق مع تفكيرهم ومع ما يريدون!! هنا يكمن لدينا العديد من المخاطر وخصوصا من ناحية التقبل والاقتناع بكل شيء فعلى سبيل المثال التفكير في «الانتحار» تختلف أسبابه ولكنها تصب في معين واحد «الضغط النفسي»، فلو كان الشاب على معرفة بكيفية التخلص من الضغوط النفسية ومواجهتها بالصورة الصحيحة لما انتحر!!
أنا هنا الآن لست بصدد الانتحار.. والخوض فيه، بل في ضرورة إعادة النظر في المناهج وتطويرها بشكل يتوافق مع المتغيرات الفكرية والاجتماعية ومتطلبات الحياة، وهذا يجعل من المسؤولين أن يعيدوا النظر في المناهج والمواد، وتكون مادة التربية النفسية على دائرة النقاش والبحث لتكون مادة واقعية يتعلم من خلالها هذا الجيل العديد من المهارات والتقنيات التي يفتقدونها ويحتاجونها حاجة ملحة.
فالعديد من الأبناء والشباب يفتقدون العديد من مهارات التواصل الاجتماعي، يفتقدون القدرة على مواجهة المشكلات والتفاعل معها بالشكل الصحيح والبعيد عن ضيق المدى، الكثير منهم يفكرون بشكل مشتت ومحصور في دائرة معينة، وتغيب عنهم العديد من المدركات التي لابد من خلالها أن تتم عملية تفكيرهم، كثيرا منهم يفتقد إلى قياس عملية القرار بشكل شامل ومدروس ووجود مثل تلك المادة المستقلة والتي ستقوم على عملية التدريب الفعلي للمهارات الحياتية وعملية التفكير السليمة والتواصل مع الآخرين بالصورة الفعالة والإيجابية وتبتعد كل البعد عن عملية الحشو والتلقين فقط سوف تهيئ لنا جيلاً واعياً ومدركاً لكل التحولات والمواجهات الحياتية أمامه.
كذلك هناك الكثير من أبناء هذا الجيل لا يعرفون ماذا يريدون!! وما الهدف الذي سيصلون له!! غير مدركين لمكامن النجاح والسبيل له!! مشتتو التفكير، ولا يعون حجم المسؤولية!! نظرتهم قاصرة للأمور والأحداث من حولهم!! العديد منهم يفتقر إلى كيفية التعامل مع المشكلات ومقاومتها!!
هناك من لا يملك الجرأة لمكاشفة نفسه والتعرف على عيوبه!! ومنهم من يعتبر النقد إهانة لا يقبلها!! هناك من لا يستطيع التكيف مع المستجدات الحياتية التي تطرأ عليه!! هناك من الشباب وغيرهم من تكون له المشكلات نهاية العالم ولا يكلف نفسه عناء البحث بها عن دروس حياتية جديدة!!
وغير ذلك كثير..
لذلك يتحتم علينا وجود منطلق لينطلق منه الشاب في هذه الحياة بصورة سليمة، بصورة تجعله مكيفاً ومهيأ نفسياً للخروج من خضم المعارك الحياتية بأقل الخسائر.
وهذا المنطلق أو القاعدة التي سيتعلم منها الشباب والأطفال سيرتكز عليها في تكوينهم الشخصي وفي تأسيس المهارات الحياتية لديهم وتدعيمها بالتقنيات التي تساهم في توسيع مدركاتهم ومفاهيمهم الذاتية والاجتماعية، وتحقيق عملية التواصل بالشكل الفعال، وتحقيق الاستقرار والأمن النفسي لهم.
فهل نجد مادة التربية النفسية منهجاً قائماً تستقى منها الصحة النفسية؟ وتبعد التشتت وعدم الاستقرار النفسي عن أبنائنا؟.
للتواصل: ص.ب: 56951 الرياض: 11564 |