* تحقيق : سعيد الدحية الزهراني
يبدو اننا نغالط أنفسنا بصدق عندما نطالب أن تكون المناشط الثقافية أكثر حضوراً في فترة الصيف مما هي عليه الآن. كيف لا نغالط انفسنا عندما نطالب بذلك بعد ان وجد بيننا من اصحاب الهم الثقافي من يدعى وجود مناشط ثقافية في فصل الصيف لها من الفاعلية والاهمية ما يجعلها جديرة بالمتابعة الاعلامية والصحفية تلك التي تملأ الصفحات والفراغات (بتأجير مساحات أملاك خاصة) كما قيل أو ادعى.
أي مناشط تلك التي لا يحضرها الا نفر وقليل لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد الواحدة وتطالب الصحافة (الجزيرة أو غيرها) بالمتابعة والتغطية.
(الجزيرة الثقافية) وهي تطرح هذه القضية إنما تصحح نظرة من يزعم التعاون والتخاذل بحجته ومنطقه عندما تتيح له فرصة المشاركة وإبداء الرأى مع اسمين اسمائنا الثقافية والادبية اتسمت بالعقلانية والموضوعية والصراحة والغريب ان التناقض يبدو واضحاً وجلياً في اجزاء ذلك الرأى.
ولن أطيل عليكم فهذا ما ستجدونه في ثنايا هذا التحقيق الذي كان نصه (ما مدى منطقية ان تبقى مناشطنا الثقافية والادبية هامشاً لا يتأتى الا من خلال الزمن الدراسي. هل ينبغي لها ذلك؟ أم أن همنا الثقافي والأدبي أساسا لا يعترف بظروف الزمان والمكان أو الطقس والمناخ؟ وفي نظركم الى من يعزى هذا الخلل وهل للمنابر الثقافية والاعلامية دور فيه؟
ونحن بطبيعة الحال عندما نطرح هذا التساؤل لا نقصد به المناطق والمدن السياحية التي قد يكون العامل السياحي أحد العوامل التي تحتم على تلك المناطق وجود نشاط ثقافي وهو بلاشك لن يكون بدرجة التعمق والتفصيل التي نشهدها في فترات الزمن الدراسي تلك التي نسلم أيضا بأنها ليست بالمستوى المأمول منها في كافة المناطق والمدن.
ضيوف هذا التحقيق هم: الاستاذ الروائي والاديب ابراهيم الناصر الحميدان والاستاذ الشاعر عبدالله السميح، والاستاذ القاص محمد الشقحاء. وقد جاءت مشاركة الاستاذ الناصر كما يلي:
الحقيقة أنني لا أفهم العلة في مثل هذه الاجازة الصيفية لمنابرنا الثقافية ولا سيما أن اداء هذه المنابر - عامة - لم يكن خلال العام الكثافة والنشاط بحيث نشعر بالارهاق وتمتعض من استمرار العمل فالذي يحدث كما لاحظت ان المؤسسات الثقافية والاندية تحديداً تعيش في رفاهية تحسدها عليها الجهات الرسمية الاخرى التي هي جزء منها فالدوام حسب المزاج.. وأعرف ان بعض المسؤولين لا يحضر الى النادي سوى ساعتين بعد المغرب وحتى صلاة العشاء ثم ينصرف الى مصالحه الخاصة وشؤونه البيتية فأي جهد هذا الذي يبذله السادة؟ جهاز النادي يحتاج الى اجازة صيفية بينما العمل يقتصر اساسا على ندوات شهرية واصدار عائم حسب تجمع المشاركات وباقي العام جلسات خاصة واستقبالات بيروقراطية.
ولعل رعاية الشباب المكلفة بمراقبة نشاط الاندية هي المسؤولة عن تقاعس تلك المنابر وتحتاج الى المساءلة المستمرة من انجازات هذه الاندية التي تزداد عدداً وتتراجع انتاجاً. ولا اريد الدخول في متاهات مطالبات الاندية لرعاية الشباب بالدعم الاضافي فهذا شأن لا يعنيني لأنني بكل أسف لم اجد ما يشدني الى ارتياد الاندية رغم استعدادها لتفعيل بعض أنشطتها الثقافية وكذلك الأمر بالنسبة لجمعية الثقافة التي هي نسخة ممسوخة للوضع في مختلف انديتنا وإهمالها لانجاز ظروف الادباء الذي طال انتظاره والحل هو انتخاب وليس ترشيح ادارات جديدة لمعظم الاندية التي شابتها الشيخوخة أكبر دليل على تقاعسها.
* أما الشاعر السميح فقد عنون مشاركته ب(هامشية الأنشطة الثقافية في الصيف) ذاكراً ان هذا أمر طبيعي وهو نتيجة معقولة في مجتمع ليست القراءة من تقاليده العريقة، المجتمع الذي لا يعرف أفراده وجه الكتاب الا اثناء عبورهم للمراحل الدراسية حيث يتجرعون القراءة تجرع المريض المكره على الدواء المر ثم ان الفعل الثقافي هو هامشي أصلا فكيف نريد والحالة هكذا من المنابر الثقافية ان تستنفر جهودها في الصيف وهي التي تتثاءب طوال العام ولا تمنع نفسها من الغفوة بين الحين والحين إذاً الخلل في تركيبة المجتمع على ان هذا الأمر لا يعطي المبرر للمنابر الثقافية والمؤسسات التعليمية بالتماهي مع هذه الحالة المحزنة انطلاقاً من دورها التوعوي تجاه مجتمعها.
* أما القاص الشقحاء فقد استهل مشاركته بتساؤل كان نصه: وأين هذا المشروع الأدبي.. المبرمج حتى نحضره..؟
قائلا بعد ذلك نحمل المؤسسات الأدبية والثقافية مسؤولية ما نراه غير مطلوب وهذه المؤسسات حكومية القائمون عليها موظفون ، همهم ان تكون ابواب مؤسستهم مشرعة للزوار على حساب المهام.
ومن خلال هذه الممارسة الادارية البحتة شرع هذا السؤال سيفه وكان فراغ الصيف يجب ان يفعل بأنشطة أدبية. الأدب له مواسم حتى مع وجود الأندية الادبية وتكون هذه المواسم مع المناسبات التي تحرص كل أمة على الاحتفاظ بها متوهجة حتى لا تفقد الاجيال سياقها التاريخي. ونحن مع الاسف نجتهد نظريا ونشرع برامجنا.
إنما نخاف تطبيق ما قمنا بتنظيره حتى يتراكم التراب والتقادم على الهاجس.
النشاط الادبي في الصيف قائم إنما أين الصحافة عنه؟ وهنا أحاسب القسم الثقافي في الجزيرة أين المحررون مما هو قائم وقد غدت صفحات الثقافة في الجريدة مساحات أملاك خاصة تؤجر من الباطن لمشاريع وأفكار ساذجة وميته بخلاف ما نشاهده في صحف أخرى. إن الذي يطرح السؤال عن المناشط الادبية وارتباطها بالعام الدراسي ويرى ذلك خللا يغالط تركيبتنا الاجتماعية ويمارس الحوار في فضاء لا يتحكم في اجوائه بقدر ما يحاول ملء فراغ.
كل مؤسسة ثقافية لها مناشطها الادبية والفنية والاجتماعية وتعد برامجها في تعتيم إعلامي مقصود من وسائل الاعلام.
إنما نحن بحاجة الى اقسام أدبية نزيهة تسعى لتحقيق مشروعنا الوطني الذي يكابد الادباء حتى يتحقق من خلال ما نصدر باجتهاد فردي يعيش الشتات ومزاجية ساذجة لا تحمل هوية ترفض مقاومتنا الموت كأدباء لنا مشروعنا الذي أخر مولده توزعنا فتعددت صياغته حتي فقدنا الحماس بدعوى ان هناك مؤسسات حكومية تقوم بالواجب.
أنا أجد في هذه القضية نواة لنقاش عام حول دور المؤسسات الادبية والثقافية في تنمية دورنا الادبي وماذا قدمت لنا كأدباء على ضوء ما نشاهد في الأقطار العربية والعالم وإذا اتفقنا على الأهداف سوف نخرج بمشروع وطني يساهم فيه كل الأدباء..؟
|