Sunday 8th September,200210937العددالأحد 1 ,رجب 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

وتاليتها... وتاليتها...
أ.د. هند بنت ماجد بن خثيلة

دخل إلى الشركة، ووقف أمام موظف الاستقبال يسأل عن المدير. فسأله الموظف:«من حضرتك، وماذا تريد؟» أجاب «وفي صوته تهدّج وارتجاج بسبب التعب الذي أصابه بعد أن جاء راكضاً من حيث المصعد»: لي معه موعد.
أنا فلان. استغرب الموظف، وقال له: ياسيد.. الموعد كان الساعة الواحدة ظهراً، والآن الساعة تشير إلى الواحدة بعد الظهر؟!
حاول أن يسوق الأعذار لتأخره، لكن الموظف لم يعطه المجال، وقال بنبرة حادة وقاطعة: لا يمكن أن يقابلك المدير الآن، لديه مواعيد أخرى، وعليك أن تأخذ موعداً جديداً ليوم غد، على أن تلتزم به تماماً.
تم الاتفاق على أن يكون الموعد الحادية عشرة صباحاً في اليوم التالي، وغادر صاحبنا بعدما سجل له الموظف الموعد الجديد في ورقة صغيرة ناوله إياها قبل أن ينصرف.
في اليوم التالي، وفي تمام الساعة العاشرة صباحاً، جاء الرجل ووقف كما بالأمس أمام موظف الاستقبال، وقال: «هذا أنا جيتكم قبل الموعد بساعة، حتى لا تقولوا تأخرت» أو غير ملتزم في مواعيده!
طلب منه الانتظار حتى الساعة الحادية عشرة ليتمكن من المقابلة فاستغرب الرجل كيف يكون حاضراً قبل الموعد بساعة كاملة ولا يستطيع الدخول على المدير! دون أن يخطر على باله أنه من الممكن أن يكون المدير مشغولاً بموعد آخر.
يحدث هذا عندنا، في الوقت الذي نشاهد ونقرأ ونطلع على سلوك العالم المتحضر في هذا المجال، حيث الالتزام التام بالمواعيد، وهو ما يؤدي بالضرورة إلى الالتزام بالحقوق والواجبات التي يمكن الدفاع عنها وتحصيلها أو اداؤها على الوجه الصحيح. فالبعض يظن أنه يعيش خارج دائرة الكون من حوله، إلى درجة أنه يعتقد أنه وحده الذي يحمل موعداً مدوناً في ورقة، أو محفوظاً في الذاكرة، حتى وإن شاهد على شاشات التلفزيون العدّ العكسي لإطلاق الصواريخ والأقمار الصناعية، التي لا تنطلق أبداً قبل لحظة الصفر.
علينا جميعاً أن نخرج من دائرة الزمن المفتوح، فالعصر وتداعياته، يفرض علينا أن نساير الركب، وأن نكون جزءاً من المسيرة، لأننا بذلك فقط نستحق أن نحجز لنا مكاناً في هذه المسيرة.
أما اعتمادنا على قاعدة«كل شيء يصير» فهو الحلقة الكبيرة المكسورة التي توسع الهّوة بيننا وبين العالم المتمدّن. فما الذي يمنعنا أن نلتزم بمواعيدنا، كما نطلب من الآخرين الالتزام بها؟ وما الذي يمنعنا من أن نكون صادقين مع ذاتنا، فنوقفها عند سلبياتها، ولا نتحرك إلا بعد أن نتبين الأسباب، ونقف على العوامل التي ادت إلى وجود تلك السلبيات، ثم نعمل مخلصين على تجاوزها؟ ما الذي يمنعنا من ذلك، ونحن أكثر تأهيلاً من غيرنا في هذا الجانب؟ أولم نكن - كما وصفنا عز وجل - خير أمة أخرجت للناس؟!!..
وتاليتها؟!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved