يتزايد قلق دولي من انهيار صرح العلاقات الدولية والضوابط التي تحكمها بما في ذلك المؤسسات الدولية كالأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي مع تجاهل دول كبرى لهذه العناصر.. والإشارة بشكل خاص هنا إلى هجوم أمريكي على العراق يتجاوز الأمم المتحدة بما فيها مجلس الأمن الدولي.
بعض من هذه المخاوف افصح عنها الاتحاد الأوروبي عقب اجتماع وزراء خارجيته في الدنمارك، حيث قال أنه يؤيد واشنطن في أن العراق «دولة خطرة» لكن الاتحاد الأوروبي طالب الولايات المتحدة بالحصول على موافقة مجلس الأمن على أي عمل عسكري.
وبينما لا توجد مبررات لعمل عسكري أمريكي ضد العراق فإن أوروبا تتجاوز هذه الحقيقة مقابل حرصها على استشارة مجلس الأمن الدولي، وهي بذلك تتمسك بالوجود الرمزي على الساحة الدولية.
غير أن الطروحات الأمريكية بعيدة عن أفكار الكثيرين حتى من أقرب حلفائها الأوروبيين، فواشنطن تردد أنها ستضرب العراق سواء عاد مفتشو الأمم المتحدة أو لم يعودوا، ولا يعرف أي دور لمجلس الأمن الدولي إزاء هذا الطرح الذي يتحدى موقف العالم ككل.
ومع ذلك فإن دولة مثل بريطانيا التي يبدو أنها أصبحت تبتعد رويداً رويداً عن الموقف الأمريكي، باتت تتحدث عن إمكانية توجيه انذار إلى بغداد وتحديد موعد نهائي لها لكي تسمح بعودة المفتشين.
ومن الواضح أن بريطانيا تفضل القول أن المشكلة الأساسية تدور حول عودة المفتشين وترى بالتالي أن مع عودتهم فإن المشكلة تكون قد زالت.
لكن واشنطن - كما أشرنا - لا تكتفي بمجرد عودة المفتشين وإنما تتطلع إلى تغيير النظام في بغداد.
وقد يكون مفيداً أن تسعى الدول التي تتعاطى مع واشنطن في هذه المسألة بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، إلى اقناع الولايات المتحدة بأن ليس من مهامها تغيير النظام في بغداد وأن المسألة من اختصاص الشعب العراقي.
إن مطالبة واشنطن بضرورة نقل الموضوع إلى مجلس الأمن يطلق طائفة من الأسئلة حول أن عناصر الموضوع يمكن أن يبحث فيها مجلس الأمن، وبينما يمكن للمجلس النظر في مسألة المفتشين، فإن من الصعب أن يدلي برأيه حول تغيير النظام في أي دولة، حيث إن الثوابت تقول بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، ومن باب أولى يتمسك مجلس الأمن الدولي بذلك.. ومن هنا فلا أحد يستأذنه لتغيير نظام دولة ما..
|