Sunday 1st September,200210930العددالأحد 23 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

لما هو آت لما هو آت
أحلام المفكرين!!
خيرية إبراهيم السقَّاف

لا أدري لماذا تلوح لي «كليلة» ومعها «دمنة» كلما جلست إلى أحداث العالم، فرأيته غابة كبيرة.. مليئة بالمخلوقات والأحداث، وصراع هذه المخلوقات ليس من أجل البقاء...، وإنَّما من أجل السلامة من الباقين...، أمَّا أولئك الذين غادروا هذه الغابة على أيِّ شكل، وفي أيَّة حالة، فإنَّهم قد نجوا من صراع هذه الغابة...
الكاتب إنسان بلا ريب...، يتفاعل مع الأحداث بمثل ما يتفاعل معها كلُّ من يعيش الإحساس بها، وكلُّ من يقف على تفاصيلها.... والكاتب، لأنَّ له رؤية أوسع، وإحساساً أشمل فإنَّه دوماً تعبٌ، حزينٌ، ربَّما تصيبه من الغمَّة ما لا يصيب سواه، لأنَّه مرهون بما يحس، ومسؤول عمَّا يقول...، ولأنَّ الكاتب هو الذي تُناط به أحلام الأمم، وأماني الإنسان الذي يُمثِّل أفرادها...، فكيف هو حاله إن غدا كلُّ الناس إنساناً واحداً، وتشكَّل هذا الإنسان في هذا الكاتب؟...
ولأنَّ ما يحدث يفوق تخيُّل الكتَّاب المثاليين، الذين يُطرّزون أحلام الإنسان بحروف من نور، ويشكِّلونها بأسلاك من آمال، ويزخرفونها بألوان من المشاعر، فإنَّهم مصابون بخيبة أحلام، وتدني مستوى الثقة في إمكانية أن يكون لأمانيهم، وأحلامهم فرص المثول بين مخلوقات هذه الغابة الكبيرة بعد أن عاثت فيها مطامح الطامحين غير الأوفياء لعدالة الحق الذي يمنح الإنسان الآخر على اختلاف مواقعه، وأدواره، وقربه وبعده، وغناه وفقره، حقَّ الحياة في سلام من هيمنة الّلون، أو العرق، أو العنصر أو.. أو.. أيّ من بواعث المطامح التي هيمنت وهيمن بها القويّ على غيره، فقط بقوة المادة وليس بقوة الحق..
لذلك يبدو أنَّ الكتَّاب، والمفكرين، والأدباء، يعيشون في مآزق..، بل في أشد لحظات يمرّون فيها بالاحساس الحاد بصعوبة المرور من أعناق هذه المآزق التي وضعهم فيها إنسان هذا العصر، بل هذه المرحلة...
فكيف سوف يتحقق لهذه الفئة أن تنقل سكان الغابة من اضّطراب الحيرة إلى سعة الاطمئنان؟! ومن كآبة المآسي إلى انشراح الانعتاق منها؟، ومن الإحساس بخيبة الأحلام إلى تمثُّلها في واقعهم؟!...
ربَّما يكون للإجابة عن هذه الأسئلة وقت غير هذا...
حتى يتمكنوا من الخروج من مأزق الواقع الذي لن يتيح لهم فرصة المروق إلى آفاق الأحلام بحياة هانئة...، لا قلق فيها ولا تضارب ولا تناحر دون الذي يعيشون... ذلك لأنَّهم يحتاجون إلى حلم الكاتب وأمانيه في غابة كليلة ودمنة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved