Sunday 1st September,200210930العددالأحد 23 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
قمَّة الأرض والتلوُّث الأخلاقي
عبدالرحمن صالح العشماوي

هناك «في جوهانسبرغ» انعقدت قمَّة الأرض، هذا الكوكب الذي يعاني من ضوضاء ساكنيه، وصخبهم، وإشعاعات صناعاتهم، وموادِّ التلوُّث التي يطلقونها في كل اتجاه...
قمَّة الأرض.. صرخةٌ من البشر ينادي فيها الضعيفُ منهم القويَّ قائلاً: ارحم أيها المغرور بقوته ضعفي، وينظر فيها القويُّ المغرور إلى الآخر نظرةً فيها الكثير من الاستهزاء والازدراء، والقليل من الشفقة، فما أظن قلب ذلك المغرور قد أصبح فارغاً تماماً من الشفقة الخفيفة التي لا تراها العين المجرَّدة، ولا تشعر بها النفوس المُجْهَدَة.
قمة الأرض.. «تناقش.. التلوث البيئي» و «المواد الكيماوية» و «الإشعاعات» المختلفة، وتلوُّث الهواء والماء والتراب، وأبخرة المصانع، وأسمدة المزارع، وأشعة الأجهزة المختلفة، وعوادم السيارات، والصخب والضجيج، كما تناقش اختلاف أجواء المُناخ، وضعف طبقة «الأوزون»، وذوبان جبال الجليد، وفيضان البحار والأنهار، والتصحُّر والجفاف في مواقع من كوكب الأرض، ومشكلة الرؤوس النووية، التي تهدِّد البشرية، وانفجار بعض النجوم والكواكب هناك في الفضاء البعيد، وغير ذلك من مشكلات الأرض وأهل الأرض التي تناقشها قمة الأرض، ذات الطول والعرض.
أما المشكلة الأهم والأكبر، التي تُعَدُّ أُمَّ المشكلات، وأصل البلايا، ومَنْشَأ الرزايا، فلم تتعرض لها قمة الأرض، لأن أهل الأرض غافلون عنها، مشغولون بغيرها، وكثيرٌ منهم غارقٌ فيها..
إنها مشكلة «التلوث الأخلاقي» التي نشأت بسبب مجاهرة أهل الأرض بالكفر، ومحاربتهم المعلنة لشرع الله، ودين الله الحقِّ، مشكلة التلوُّث القاتل الذي يتحدَّث عنه العلماء والعقلاء في الغرب حديثَ الذي يشعر بفظاعة الخَطْب، وعِظَم النكسة، وخطورة الهاوية التي يسقط فيها أهل الأرض، الذين يعقدون قمَّة الأرض.
مئات الشهود هناك، في منابع «التلوُّث الأخلاقي» يصرخون في وجه العالم قائلين: الكرة الأرضية في ملعب «المدنيَة الغربية» تركلها أرجل المذاهب المنحرفة والدعوات الإلحادية، والحركات الماسونيَّة رَكْلاً سيُلقي بها في مَهاوي الرَّدَى، ولسان حال أولئك الشهود المغلوبين على أمرهم يقول «فحقَّ الجهاد وحقَّ الفِدا».
يا قمَّة الأرض.. كلُّ عوامل التلوُّث البيئي إنَّما نشأت من غرور إنسان هذا العصر، وخرجت من تحت قُبّعةِ الإنسان «السوبرمان» الذي يحمل في نظر «جُهلاء علماءِ هذا العصر» صفاتٍ لا يُوصف بها إلاَّ الإله عز وجل نعم يا قمَّة الأرض ، هنالك مشكلات بيئية كبيرة، وهناك مظاهر تلوُّثٍ خطيرة، وهناك قلوب كسيرة، وهناك استبدادٌ من الدُّول الكبيرة واستغلال منها لموارد الدول الصغيرة.. لكنَّ المشكلة الأكبر هي الكفر بالله، ومحاربة منهج الله محاربةً علنيَّة، من أهم مظاهرها ما نراه من انحراف فكري وخُلُقي وتفسُّخ اجتماعي وخَلَل سلوكي تعاني منه الأرض، وتدعمه مؤسسات رسمية وغير رسميَّة تحت شعار المساواة والحريَّة.
الإنسان المعاصر يا قمَّة الأرض ينحرف عن الطريق، ويستسلم للأوهام، ويخضع لدعاوى التضليل، وتستعبده شهواتُه، وتزيغ عن رؤية الحقِّ نظراتُه، وهنا مَكْمَنُ الدَّاء، وسرُّ هذا الشقاء، والعاقل مَنْ يسعى إلى إزالة أسباب المرض، دون الانشغال بعوارضه التي لن تزول إلا بزوال الأسباب.
إشارة


من حاربَ الله يا أماه حاربَهُ
ومَنْ يحاربُه الرحمن مغلوبُ

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved