يقوم وليام بفاف في هذا الكتاب غضب الأمم بسرد لحكايات مثيرة عن سقوط الإمبراطوريات وصعود الأمم كما يتحدث عن القومية المعاصرة التي أصبحت أقوى قوة سياسية في عالمنا المعاصر و يشرح كيف أن القومية قد قامت بكل من تكوين الأمم وتدميرها على حد سواء؛ فقد مهدت الطريق أمام النازية ولكنها في النهاية دمرتها كما أجبرت الجيوش السوفيتية على الخروج من أفغانستان وأوروبا الشرقية وفي النهاية حطمت الشيوعية.
وقد أسقطت الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية ولكنها تركت إفريقيا في مواجهة الفوضى السياسية كما أدت إلى سيطرة أمم جديدة فاشية وطموحة على معظم قارة آسيا؛ إنها عدوة الأيدلوجيا الأممية التي تدعو إلى التعاون الدولي ولكنها أصبحت أيدلوجية بنفسها ووظفت أدوات النظم الشمولية للبحث عن مجتمعات فاضلة مكانها في الماضي وليس في المستقبل.
والقومية العرقية تلك القوة التي أشعلت الحربين العالميتين قد أدت إلى خراب يوغسلافيا كما هددت الدول التي خلفت الاتحاد السوفيتي في الوقت الذي استمرت فيه في طريقتها المدمرة في معظم آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا ولكننا في المقابل لا نستطيع إدانة القومية بحجة أنها متخلفة تلك القوة التي سيتم تجاهل منجزاتها في المستقبل كما تؤكد فلسفات التقدم وفلاسفة التاريخ فهي متأصلة داخل الحاجة الإنسانية للعيش في مكان آمن وداخل الشعور بالوفاء للمجتمع ومتأصلة داخل الهوية الفردية للمواطنين فهي عامل لا يمكن استئصاله من الوجود السياسي.
كما يصف وليام بفاف المحاولات المعاصرة لاستبدال القومية بالتعاون الدولي تلك المحاولات التي تحطمت على صخرة القوة القومية وأحدث صورة منها والتي حظيت بجمهور كبير هو الاتحاد الأوروبي الآن والذي يواجه هجوما مميتا من النزعات القومية.
كما يعارض بفاف الرأي القائل بأن النازية كانت أيضا حركة توحيدية دولية فقط بسبب أن النازي كان يهدف إلى توحيد أوروبا تحت حكم السكان الشماليين لأوروبا فخطر النازي من وجهة نظره تغلبت عليه المقاومة التي أشعلتها المشاعر القومية وبفاف الذي يكتب بصفة دائمة في جريدة النيويورك يعتبر أن القومية الأمريكية كقوة قادرة على تقديم تضحيات كبيرة للآخرين ولكنها في الوقت ذاته تتمتع بصور من العنف الانتقامي.
المؤلف: William Pfaff الناشر: Simon & Schuster |