Sunday 1st September,200210930العددالأحد 23 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شهود عيان يروون تفاصيل المعركة الدموية شهود عيان يروون تفاصيل المعركة الدموية
قصة إسقاط الطائرة الأمريكية «بلاك هوك» في الصومال

  من ضمن الأسباب التي زادت من إثارة الأفلام الحربية في الوقت الحالي هو أن العديد من الأمريكيين لم يواجهوا في حياتهم الحرب الحقيقية، لذلك فبالنسبة لرجل لم يتعرض في حياته لنيران معادية ولم يختبر شجاعته كجندي في يوم من الأيام، فإن أفلام الحروب مثل «الخيط الأحمر الرفيع» أو «إنقاذ الجندي ريان» يمكن أن يكونا نماذج مناسبة لخوض تلك الحروب الافتراضية التي تؤثر في النفوس كذلك.
لقد ازدادت الصورة كآبة في حرب الصومال في يوم 3 أكتوبر 1993 عندما خاضت القوات العسكرية الأمريكية أسوأ معاركها منذ حرب فيتنام، والتي قتل فيها19 جنديا أمريكيا تلك الحادثة التي بدأت بإسقاط طائرتي هليكوبتر خلفتا وراءهما العديد من الخسائر البشرية وتم إخلاء المصابين منهم عبر شوارع مقديشيو في الوقت الذي هرع فيه صناع القرار الأمريكي إلى ترتيب الانسحاب من الصومال.
وقد قام كتاب «إسقاط الطائرة بلاك هوك» بإعادة تسطير أدق تفاصيل تلك المعركة الدموية التي حدثت في ذلك اليوم، الذي كانت فيه العمليات تحدث فعليا على أرض الواقع لا من خلال عمل سينمائي، وقد قام «مارك بودن» بمحاورة 50 مقاتلا من الذين شاركوا في هذا الصراع، الذين استعادوا كل ثانية من تفاصيل ذلك الصراع في مقديشيو، وقد حمل ذلك الكتاب أصوات ومشاعر القتل، وكأنك تشاهد رصاصك يتطاير ناحية خصمك الذي لا تعرفه، وشعورك الرهيب بالفزع حتى تقوم بمحاصرة ذلك الغريب الذي تطلق عليه النار، وقد بنى جسورا من الثقة مع الجنود الذين أجرى معهم الحوار لدرجة أنهم أخبروه بكل شيء بدءاً من أدق التفاصيل التافهة (بدا الأمر وكأنه فيلم) إلى أعنف وأشرس أحداث المعارك (عندما حاول أحد الجنود أن يغلق شريانه بخنصر يده ليوقف الدماء) ومرورا بأحرج لحظات القتال.
وقد أدت الحرب في مقديشو إلى ظهور العديد من الكتب والأفلام الوثائقية، وبمجموعة جديدة من الأفلام التي بثتها قناة «سي إن إن»، وقد جعلت طائرات التجسس وكاميرات المراقبة من حرب الصومال واحدة من أفضل المعارك الموثقة في التاريخ، ولكن كتاب بودين كان هو الأدق والأشمل، وذلك لأنه بالإضافة إلى مقالات شهود العيان استطاع الوصول إلى أرشيف سجلات العمليات العسكرية للجيش الأمريكي.
وقد تخطى بودين إلى أكثر من مجرد محاورة بعض الجنود الأمريكيين الذين كانوا يظنون أن الجيش مجرد نزهة وسبيل لإثبات الشجاعة، فقد قام بمحاورة العشرات من المقاتلين الصوماليين الذين ألقوا بأنفسهم في مواجهة الجيش الأمريكي المجهز بالتقنية الحديثة ، مضحين بأنفسهم من أجل أن يلقنوا حكومة الولايات المتحدة درسا، وأحيانا ما كان بودين يخوض أكثر في التفاصيل الأخلاقية لتلك الحرب.
كما أراد لنا أن نعلم أين كان كل رجل من أفراد الجيش لحظة بلحظة، ولذا كان هناك الكثير من المعلومات والتفاصيل والعديد من القصص المؤثرة والشخصيات في هذه المعركة لدرجة أنها باتت محيرة، لذا قام بإدراج العديد من الخرائط والرسوم التوضيحية لكي تشرح للقارئ تفاصيل تلك المعارك.
وذلك النوع من السرد المعتمد على شريط أحداث زمني كان ملائما تماما لمواقع الإنترنت، لذا فقد قام الجنود الأمريكيون باستخدام مقالاته الأصلية التي نشرت في جريدة «فيلادلفيا إنكوايرر» ليصنعوا منها نصبا تذكاريا لأحداث مقديشو على موقعهم على الإنترنت، كما قاموا بربط النصوص إلى الخرائط عن طريق وصلات في طريقة سهلة ومختصرة للأحداث، وكان يمكن ل«بودين» أن يعمد إلى الاختصار وأن يفرض أسلوبا دراميا على الأحداث ويقوم باستبعاد بعض الشخصيات الثانوية في الحرب، ولكنه بذلك يكون قد أغفل الكثير من التفاصيل المهمة مثل آخر اللحظات في حياة بعض الجنود الذين قضوا نحبهم وبذلك لن يتذكرهم أحد. ولكن إذا كان بودين قد عمد إلى تحويل سجله الفريد لهذه الحرب المنسية على هيئة موقع على الإنترنت فإنه بذلك يكون قد جعل من قصته أقرب إلى فيلم حربي.

المؤلف: Mark Bowden
الناشر: Penguin USA

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved