Sunday 1st September,200210930العددالأحد 23 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

قناة الجزيرة.. وست سنوات من الصيد في «الماء العكر» قناة الجزيرة.. وست سنوات من الصيد في «الماء العكر»
اتحاد إذاعات الدول العربية رفض عضوية قناة الجزيرة القطرية لمخالفتها لمواثيق الشرف الإعلامي

* القاهرة مكتب الجزيرة طه محمد:
ست سنوات وقناة الجزيرة القطرية تصطاد في «الماء العكر»، خالفت خلال هذه المدة كافة مواثيق الشرف الإعلامي، الأمر الذي جعل اتحاد إذاعات الدول العربية يرفض قبول عضويتها، فضلاً عما إثارته من فتن داخلية للدول العربية، نالت خلالها قدراً كبيراً من غضب السياسيين والمثقفين على السواء.
وفي التحقيق التالي يؤكد خبراء الإعلام ل«الجزيرة» أن القناة القطرية عليها أن تراجع أوضاعها مجدداً، بحيث تطلب الموضوعية والحيادية على حساب قلب الحقائق وتزكية الخلافات وإثارة الفتن، والتدخل في الشؤون الداخلية، كما تسعى إلى ذلك حالياً.
وطالب خبراء الإعلام بعدم تعدي برامج الجزيرة على غيرها من أفكار وبرامج الإذاعات والفضائيات العربية، عندما اقتبست فكرة برنامج «شاهد على العصر» من شبكة البرنامج العام في الإذاعة المصرية.
اقتباس الملكية الفكرية
في البداية يؤكد الإعلامي عمر بطيشة رئيس الإذاعة المصرية أن السطو على الملكية الفكرية أمر مرفوض، وقناة الجزيرة سطت على حق أصيل لي، عندما اقتبست اسم برنامجي «شاهد على العصر» الذي أقدمه في شبكة البرنامج العام على مدى 15 عاماً، مما يعد مخالفة لقوانين الملكية الفكرية.
ويقول: إنه إذا كانت قناة بمثل هذه الحالة تسطو على أفكار الآخرين، فإنه جدير بالإعلاميين والمشاهدين أن يعيدوا النظر في مساندة هذه القناة، فهي استهدفت تفكيك أواصر الإعلام العربي والسطو على وحدته، والنيل من محاولات تضامنه، فضلاً عما أثارته من زعزعة للصف العربي والوحدة العربية، والتدخل في شؤون الدول الداخلية، مما أحدث استياء رسمياً لدى معظم المؤسسات والحكومات العربية، والتي أبدت احتياجات رسمية لدى قطر حول تدخل الجزيرة في شؤونها الداخلية.ويؤكد بطيشة أنه كان من الضروري أن تحافظ الجزيرة على الحقوق الفكرية وألا تكون مقلدة لبرامج الآخرين، خاصة وأن قضية الملكية الفكرية مطروحة بقوة على أجندة العالم.
ويشدد عمر بطيشة على ضرورة أن يقوم كل المتضررين من قناة الجزيرة برفع دعاوى قضائية ضدها في محاولة لملاحقتها حتى تكف عن الخوض في الشؤون الداخلية للدول والنيل من الزعماء والقيادات والرموز العربية، فضلاً عن توقفها عن اقتباس أفكار وملكات الآخرين.
برامج مثيرة
ومن جانبه يعتبر الإعلامي الكبير سعد لبيب أن الجزيرة إذا كانت قناة إخبارية متخصصة في الأخبار والبرامج وسرعتها في نقل الحدث من خلال الاعتماد على شبكة متميزة من المراسلين، إلا أنها أخذت طريقاً من البداية يعتمد على النبرة العالية والأسئلة الحادة والمقدمات الساخنة وإثارة الموضوعات الحساسة.
ويقول لبيب: إن الجزيرة تقدم برامجها بطريقة مثيرة وعصبية في أحيان كثيرة، وهي نظرية في الأداء الإذاعي والتلفزيوني تتبع في الولايات المتحدة، وإن كنت لا أميل إلى هذا التوجه، الذي يؤدي لاحقاً إلى إفساد الذوق العام، والتورط في اتخاذ مواقف بعيدة عن الموضوعية.
ويضيف أن النبرة العالية في الإعلام لا تجعل الإنسان يفكر بطريقة موضوعية، وإنه ربما قصدت الجزيرة بنبرتها العالية شد الانتباه، كما يستخدم الصحافيون المقدمات الحادة والمانشتات المثيرة، وإن كان هذا لا يتناسب مطلقاً مع الفضائيات و التليفزيون، والذي ينبغي أن يستخدم فيه التفكير الهادئ والموضوعي.
ويشير إلى أن الجزيرة نجحت في جذب مجموعة من المشاهدين والمتلقين، ولكنها سعت ببرامجها إلى إثارة الحكومات العربية بالتدخل في شؤونها الداخلية، وزكت الخلافات العربية، وعملت على اشتعال الفتن في الدول العربية، فإذا وجدنا بوادر خلافات طائفية في لبنان مثلاً، نجد الجزيرة تسارع في عرض برنامج عن الحرب الأهلية في لبنان، وكأنها تستهدف إعادة الجراح بدلاً من تضميدها.
ويقول لبيب: إن الاستهانة بالرموز العربية والقيادات أمر لا يمكن تقبله، لأن ذلك يخلق فجوة بين هذه القيادات والشعوب، وهذا ليس هدف الإعلام الذي ينبغي أن يبني ولا يهدم، والجزيرة تستهدف الاستهانة بالقيادات والرموز العربية وهذا ليس في صالحها مطلقاً، وإن بدا ذلك في بداية الأمر حالة إيجابية إلا أنها سرعان ما تفقد الموضوعية والمصداقية لدى المشاهد.
قناة.. لمهاجمة الآخرين
ونفس الاتجاه يذهب إليه الدكتور محمود علم الأستاذ في كلية الإعلام بجامعة القاهرة والذي يؤكد أن قناة الجزيرة لم تعد تبحث عن مشاكلها الداخلية وانشغلت فقط بالبحث عن مهاجمة الآخرين، مما يجعلها تأخذ تقييماً ضعيفاً للغاية، فهي تشغل نفسها بالآخرين، وترى أن النجاح يتوقف فقط على الهجوم على الآخرين.
ويقول: لست مؤيداً أن نعطي للجزيرة هذه الهالة التي يعطيها البعض، فكفانا حديثاً عنها، لأنها لا تستحق كل هذا الضجيج الإعلامي، وأنه لا داعي لتقليد برامجها.
ويستنكر موافقة بعض المثقفين والسياسيين على مشاركتهم في برامج الجزيرة، وأنه يجب مقاطعتها مقاطعة تامة حتى تتوقف عن الإساءة للآخرين والنيل من الزعماء والقادة التاريخيين للدول العربية، خاصة وأنها تذيع أحياناً أشياء على أنها واقعية، وهي في الأساس أشياء غير واقعية.
ويتناول الظروف التي انطلقت منها الجزيرة، والتي جاءت في إطار تعثر بث قناة الBBC القسم العربي، ووجدت الظروف مهيأة تماماً لبثها بنفس فريق عمل المذيعين الذين كان سيتم الاستعانة بهم في القناة الإنجليزية الناطقة باللغة العربية، مع إضافة بعض المذيعين من خارج هذا الفريق.
ويستعر ض د. علم الدين الهجوم الذي تشنه الجزيرة على مصر مؤكدا أن هذا قدرها أن تهاجمها قناة مثل محطة الجزيرة، حيث وجدت مصر وحكومتها وقضاياها مادة ثرية للنيل منها.
ويقول: إن هوية قناة الجزيرة اتضحت حالياً، خاصة بعدما تردد عن التبادل البرامجي بين الجزيرة وإسرائيل، وإن كانت القناة لم تنف ذلك بشكل قاطع، مما يثير الاتهام حولها.
ويضيف أن الجزيرة هي الفضائية العربية التي تتبنى في كثير من الحالات وجهة النظر الإسرائيلية، وتقوم بالتطبيع المباشر مع إسرائيل، بعد الإعلان عن تبادلها للبرامج كما هو مشار سابقاً مشيرا إلى أن الجزيرة وجدت سوقاً فضائياً متاحاً لها، فخرجت ببرامج أثارت الجميع، ونالت من الرموز والقيادات في العالم العربي بأكمله.
ويدعو إلى ضرورة عدم إضفاء هالة من الإعجاب على برامج الجزيرة، كما أنها لا تستحق الاهتمام الواسع من جانب السياسيين والمثقفين والإعلاميين في العالم العربي، لأن هدف هذه القناة أن تحظى بقدر كبير من الاهتمام ونجحت في ذلك على حساب الآخرين.
قلب الحقائق
فيما يصف الدكتور سامي الشريف الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة قناة الجزيرة بأنها إذا كانت أول قناة إخبارية متخصصة وغير حكومية في العالم العربي، إلا أن هناك العديد من التحفظات على كثير من برامجها، وخاصة تلك التحفظات المرتبطة بإطلاقها، وبدايات هذا الاطلاق.
ويقول: إنه يجب أن نقرر أنها قناة حركت المياه الراكدة في القنوات العربية بتقديمها عدداً من البرامج سواء من مواقع الأحداث أو تلك الأخرى التي تتميز بنسبة كبيرة من حرية الرأي والتعبير، إلا أنها اتسمت فيما بعد بعدم الموضوعية وعدم الحيادية.
ويضيف أن الظروف كانت مهيأة لبث الجزيرة بعد التعثر المالي لقناة BBC القسم العربي، وكان من نتيجة ذلك أن استقطبت القناة فريق العمل بالقسم العربي مشيراً إلى أنه كان يعتقد في البداية أنها كانت مستقلة وغير حكومية، ولكن لوحظ فيما بعد أنها قناة تتبع وزير الخارجية، بل ووثيقة الصلة بالحكومة، وهذا مجال كبير من التحفظ، حيث لم تهاجم الحكومة في قطر ولم تتعرض لها.
ويؤكد أن الجزيرة فتحت بابا للجدل والخلاف مع عدة جبهات عربية في كل من سوريا، مصر، الأردن، السعودية، المغرب، الكويت، تونس، وعدد آخر من الدول، عندما انطلقت في برامجها لمناقشة القضايا الداخلية للدول، فأثارت جدلاً في برامجها، أدى لاحقاً إلى الاحتجاج الرسمي على تدخل الجزيرة في شؤونها الداخلية.
ويوضح أن برامج الجزيرة ليست محايدة كما يعتقد البعض، ولكنها تخدم أهدافاً معينة، ويقول: إن هذا لا يعني أنه يؤيد نظرية المؤامرة، والتي هو يقف ضدها، فلا يمكن إثبات عمالتها لإسرائيل مثلاً، وإن كانت هناك أقاويل حول هذا الغرض.
ويؤكد أن الجزيرة تجور عادة على الحقيقة، وتغلب الخيال على الواقع، وإن كان هذا لا ينفي وجود مذيعيين على مستوى عال لهم قدرة على الحوار والحضور.
ويقول: إن الحقيقة والموضوعية والحيادية أمور لا يمكن إدراكها بشكل كامل في الجزيرة، فهي لا تجرؤ على انتقاد أمور معنية، ولا تهاجم أطرافاً لها مصالح معها، وتدخل دائماً في أمور لا تعنيها تؤلب الوحدة الوطنية وتثير الفتن في العالم العربي، وإن كان هذا الدور ليس مطلوباً من الفضائيات العربية أن تعمل على تحقيقه، وأنه من الضروري أن تخدم هذه القنوات القضايا المصيرية في الصراع العربي الإسرائيلي، وإبراز مساوئ وجرائم الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية، وهذه قضية لا خلاف عليها، وإذا تناولتها الجزيرة بعمق فإنها يمكن أن تصل إلى درجة من وضوح الهدف، وعمق الرسالة الإعلامية التي تؤديها.ويقول: إنه يؤخد على الجزيرة أيضاً أنها فتحت الباب واسعا للإسرائيليين أو المؤيدين لسياستها للحديث عن التطبيع وكراهية العرب، وهو أمر يجب على الإعلام العربي كله أن يتخذ منه موقفاً عدائياً، لأننا في صراع مع هذا العدو الذي يحتل الأرض، ويمارس أبشع الجرائم ضد الأطفال والشيوخ والنساء، ويواجهه شعب أعزل من السلاح، على الإعلام العربي أن يسعى إلى نصرته وتأييده بكل الوسائل.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved