.. التصريحات التي أدلى بها النائب الأردني «ليث شبيلات» مؤخراً، وقال فيها ما قال في وزير خارجية قطر، الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، ونقل عنه ما نقل عن المملكة العربية السعودية بوجه خاص.. هذه التصريحات، لو أنها جاءت من طرف شخص آخر خلاف «ليث شبيلات»، لأصبح هذا الطرف، مادة دسمة ل«جزيرة قطر»، وهدفاً مستساغ التصويب، لأزلامها ورفاقها، من أجل الرد عليه، ووصمه بالعمالة للسعوديين، ولوظفت بشكل احترافي مدروس ومبرمج، للنيل من المملكة العربية السعودية، وتشويه سمعة شعبها، مثلما تعودنا من «حليمة» القطرية..!
.. لكن «ليث شبيلات»، هو أحد وجوه هذه القناة قبل سنوات، وهو المناضل والمكافح والناذر نفسه للدفاع عن «صدام حسين» وحزبه، الذي هو حزب «قناة الجزيرة»، وعندما يتكلم بهذا الوضوح عن صاحب قناة الجزيرة، وينقل ب«أمانة» عن ضابط اتجاه بوصلتها التخريبية، فهو يفجر قنبلة لا تقوى الجزيرة على تحملها، وهو بهذا الخروج والتصرف المفاجئ، يخيب آمال الأزلام والرفاق، ويستحق عقاب «القاسم وحداد» ، وبقية الزمرة فيها، بالسكوت والتجاهل والتهميش..! ألا.. فلتحيا إذن هذه الديمقراطية الحديثة، التي تمارسها وتنادي بها «جزيرة قطر»..!
.. قد كان ل «دولة أقطر» العزيزة فيما سبق، جزيرة جغرافية على الخارطة، لكن الشيخ حمد وطاقمه «السيا إعلامي»، أراد أن يكون لها توأم يسندها ويعلي من شأنها، فاختلق لها «جزيرة تلفازية» محلقة في الفضاء..!
وذلك لكي تذكر العالم بشقيقتها الجغرافية التوأم، حتى لا ينساها الناس، في زحمة «الحوادث العظيمة»، التي تجري في «عوالم كبيرة».
.. أذكر أن أستاذنا في الجغرافية على مقاعد الدراسة العامة، كان يحرص على تشبيه بعض الدول من أشكالها على الخارطة بما يقاربها من أشكال حسية معروفة، لكي يرسخ شكل كل خارطة في أذهاننا. فكان يقول لنا، إذا أردت أن ترسم خارطة لإيطاليا، فتذكر رجل لاعب، وعلى قدمه كرة قدم..! على اعتبار أن جزيرة صقلية، هي الكرة التي تستقر عند مشط قدم اللاعب. أما إذا أردت أن ترسم خارطة لقطر، في الطرف الشرقي من جزيرة العرب، فتذكر «الزائدة الدودية» في خاصرة الإنسان..!
.. بطبيعة الحال، لم تكن إيطاليا رجل لاعب كرة في يوم من الأيام ولن تكون، حتى ولو ظهر فيها أشهر اللاعبين المحترفين، ولا حتى جزيرة صقلية، هي الكرة التي تداعب القدم الإيطالية، كما أن «جزيرة قطر الأرضية»، ليست هي زائدة دودية في خاصرة خليجنا، ولن تكون إن شاء الله..! ولكن «الجزيرة الفضائية»، مع ما تتبناه من نهج تخريبي في المنطقة، يمكن أن تكون تلك «الزائدة الدودية»، الذي يريدها وزير خارجية قطر لأهداف مكشوفة، ونوايا مفضوحة، راح يبين عنها هو قبل غيره من القائمين على قناته، فاليوم.. اليوم، جفت بركة قطر، فبانت ضفادعها للعيان.
.. إنه مع احترامنا لأشقائنا القطريين، الذين نعرف أنهم لا يسرهم أن تتحول الدوحة، إلى «دوخة»، بفعل قناة فضائية تؤسس لنهج «فرق تسد»، وتؤصل لطرح «خالف تعرف»، في الخليج الهادئ، إلا أن الظاهر لنا، مما في هذه «الجزيرة الفضائية»، يوحي بأنه جسم غريب، لا يمت لأبناء قطر بقرابة، ولا لأهل الخليج بصلة، وأن «أزلام» هذه القناة، من ذوي «الكرافتات» البراقة، كأنما هم لا غيرهم، الذين يحركون القرار السياسي في قطر، فيجعلون من عضو مؤسس في منظومة خليجية محترمة كدولة قطر، طائراً مغرداً خارج سربه.
.. نعود إلى ما أعلنه السيد «ليث شبيلات» ، وجه «الجزيرة» العريق الذي غيبته الجزيرة عقاباً له وردعاً لأمثاله، فقد نقل عن الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مالم يكن في الحسبان عندما قال وهو يصف نفسه على الدوام، بأنه واضح وصريح بأن: «قطر.. تتقوى على السعودية بإسرائيل»..! فهذا القول الصريح «الفصيح» حتى العظم، يعني أن السيد الوزير بحنكته السياسية، وفطنته الإعلامية، قد اكتشف بعد مجيئه إلى سدة السياسة القطرية، أن المملكة العربية السعودية، الدولة الشقيقة، التي ظلت تجاور قطر وتحيط بها «جغرافياً» إحاطة السوار بالمعصم طيلة مئة عام..!
أصبحت تشكل خطراً على دولته، وليس لهذا من تفسير أو معنى، إلا أن السيد الوزير، وبسبب زياراته المكوكية إلى بغداد وتل أبيب، ومتابعاته المستديمة لقناته الفضائية الفضائحية، يعاني من مرض اسمه: «الحالة بين العراق والكويت»..!
فهو كأنه يرى صورة «عراق صدام» في المملكة، وصورة «الكويت» في قطر..! وهذه الحالة المرضية العجيبة، هي نتاج طبيعي للطرح التخريبي الذي تنتهجه وتمارسه «جزيرته الفضائية»، وليس الأرضية الجغرافية، لأن جزيرة قطر، الأرض والبشر، هم جزء لا يتجزأ من نسيج أرض الخليج العربي وناسه، الذين يجمعهم رباط قوي من الأواصر والقربى والتاريخ والمصير، وإذا أراد الشيخ حمد أن تتعافى قطر من هذه الحالة المرضية العجيبة، فليس أمامه سوى علاج أسبابها الحقيقية، وهي لا تخرج عن وجود إسرائيلي في الدوحة، يرتبط بوجود قناة فضائية تغذي مخاوفه، وتنفخ في أوداجه.
.. إن مهندس السياسة الخارجية القطرية اليوم، لم يترك باباً من أبواب المبادرات والواسطات والتوسلات بين الدول إلا طرقه، فهو حامل بريد طائر..! حتى أنه زار إسرائيل، والتقى بيريز، وزار بغداد من أجل أن «يوقف الحملة» على الحكومة العراقية كما قال..!
دون أن يتعهد بعدم انطلاقها من قاعدة العديد في قطر بطبيعة الحال، ودعا إلى «التوسل» من أجل فلسطين، دون أن يطرد الإسرائيليين من الدوحة.. فماذا وفر من نجاح لأبناء فلسطين، ولأمة العرب في شأن القضية الأم، غير شعارات زائفة، واستعراض لعضلات، ممن لا يقوى على التصارع..؟!
.. لقد ظل الفلسطينيون في نضالهم من أجل استرداد حقوقهم المسلوبة في فلسطين، يرتكبون الأخطاء نفسها منذ أكثر من ستين عاماً، فالشعارات والهتافات التي كانت ترتفع في سماء أكثر من عاصمة ثورية، لم تجلب لهم إلا المزيد من التشرذم والتشرد والقتل على أيدي الثوريين، ولو أنهم استوعبوا الدروس التي مروا بها من قبل، ماكانوا وصلوا إلى هذه الحال التي نراها اليوم.
إنهم لم يدركوا بعد، أن سبب نكستهم الحالية، هو «صدام حسين» و«ابن لادن»، يضاف إليهما، «جزيرة قطر الفضائية»..
.. إن رأس النظام العراقي، هو الذي فتح جبهة شرقية استنزف بها طاقة الأمة وجلب لها العار، ثم احتل أرضاً عربية، ومزق بهذه الفعلة وحدة العرب، وشغلهم عن عدوهم الأول، و«ابن لادن»، احترف الإرهاب، وقدم للصهاينة خدمة جليلة لا تعوض، وذريعة ثمينة لا تهمل، استغلوها لإذلال الأمة، فكان أهل فلسطين أول الضحايا، أما قناة الجزيرة القطرية، فقد ظلت منذ ظهورها وحتى اليوم، ذلك البوق الإعلامي الذي خدم الدولة العبرية بشكل جيد، فمثلها المفضل والممجد من الحكام العرب، دكتاتور يقتل دون رحمة هو «صدام حسين»، ومن المغامرين، إرهابي حالم بالسيطرة هو «ابن لادن»، يتبعه شبان بسطاء جهلة مغرر بهم، تقدمهم هذه القناة، وهم يسجلون اعترافاتهم بجرائمهم البشعة، ثم يفخرون بما صنعوا، من تفجير وتدمير وتخريب، وقتل للأنفس..! ومن أرباب الصحافة والإعلام، كلامنجيين من أمثال «عبدالباغي عصوان»، و«محمد المسفر»، و«الديب»، وغيرهم. ممن يرسل الكلام مدراراً، حسب در الدولارات،..!
فلا عجب أن يتخرج من دهاليز الجزيرة القطرية، قادة وزعماء، فنرى كيف أصبح «عبدالباغي عصوان»، زعيماً لجماهير الأمة، لأنه يكره الحكام البخلاء الذين لا يخنعون، فيدفعون ويدفعون، ويحب منهم الكرماء، حتى ولو تسببوا في نكسة الأمة، وكيف تحول الدكتور «محمد المسفر»، إلى مبعوث الأمة إلى «صدام حسين»، فيكتشف بقدرة قادر، أن الرئيس العراقي، ملاك طاهر، عفيف نظيف، وأنه وحده على حق وكل العالم على باطل، وأن ستة ملايين عراقي في المنفى، ملعونون وخونة..!
.. أذكر أني كتبت هنا عدة مقالات على مدى ثلاثة أعوام، حاولت من خلالها كشف بعض اللعب التي تدار من خلال شاشة هذه القناة، ضد هذه البلاد وضد شعبها ووحدتها، فاتهمني البعض ب«سوء الظن»..!
.. حسناً.. هاهي بركة قطر بعد أن جفت..! ماذا فيها يا ترى غير ما نرى، من أمثال هذه الوجوه التي لا تبطن الكره والحقد لنا فقط، ولكنها تظهره صباح مساء على شاشة «جزيرة قطر».. فهل ننتبه لما يجري، ونتعظ مما ندري..؟!
وهل نفهم ذات يوم، أن «سوء الظن من حسن الفطن»..؟!!
fax: 02 73 61 552
|