Saturday 31th August,200210929العددالسبت 22 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

رأي رأي
المأزق الأمريكي

الأنظمة الحاكمة الديوقراطية لا تبدأ الحروب، وعندما تحتم الظروف على هذه الانظمة اللجوء إلى هذا الخيار فإن حق إعلان الحرب يكون من نصيب الذين سيدفعون الجانب الأكبر من ثمنها وهم الشعوب، لهذا يلتزم الكثير من أساتذة السياسة بفلسفة إيمانويل كانط الفيلسوف الألماني والتي تقول إن الالتزام بالديموقراطية هو أفضل سبيل لتحقيق السلام العالمي.والآن يجد الشعب الأمريكي نفسه على مقربة من إعلان الحرب ضد دولة أخرى ذات سيادة، وهذه الدولة وهي العراق لم تهاجم الولايات المتحدة، كما فشلت الإدارة الأمريكية في العثور على دليل على وجود علاقة بين العراق وبين الذين هاجموا أمريكا في الحادي عشر من سبتمبر، فإذا أصر الأمريكيون على الحرب فهذا يعني أنهم تحولوا إلى معتدين.
وقد يكون من الخطأ أن نعتبر هذه الحالة سبباً للجدال حول العلاقة بين السلام والديموقراطية ولكن بدلاً من ذلك يجب أن نستغل هذا الظرف لكي نطرح الأسئلة الصعبة التي تتعلق بما إذا كانت أمريكا دولة تتحرك وفقا للقيم الديموقراطيةعموماً أم لا،الحقيقة أن مسألة الممارسة الديموقراطية لأمريكا أصبحت محل شك، فقادة هذا الشعب يختارون الحرب بدون تفكير كبير فيما قد يصيب أصدقاءهم أو أحبابهم من مخاطر تماماً كما يقوم قادة الكونجرس بفرض ضرائب على فئات كانت معفاة من هذه الضرائب دون التفكير فيما قد يصيب هؤلاء من أخطار.ولا شك أن بعض القادة الأمريكيين يشعرون بقلق شديد بشأن أرواح المواطنين التي يمكن أن تذهب بها هذه الحرب، ولكنهم قد يعتمدون على التقدم التكنولوجي الذي تحقق للأمريكيين للقول بأنهم يستطيعون خوض الحرب والفوز بها بأقل قدر ممكن من الخسائر.
ولكن الخطورة هنا في الرسالة التي سنوجهها للعالم والتي تقول اننا نستخدم ما توفر لنا من قدرات عسكرية وتقنية لتدمير الأمم الأخرى في نفس الوقت الذي نمتلك قدرات متواضعة لإعادة بناء هذه الأمم.
ونحن بالفعل نشن الحرب عن بعد حالياً باستخدام أسلحة دقيقة تجعل عملية القتل نشاطاً محدداً ونكتفي بتسجيل أعداد الضحايا ومعدلات سقوطهم، وأصبح من النادرأن نتذكر القيم الأخلاقية من خلال نظرة أخيرة على قنابلنا الضخمة الذكية ولا حتى بالتفكير في مصير الأبناء والإخوة الذين نتركهم خلفنا، ولا حتى بالفوضى السياسية التي تتركها العمليات العسكرية عندما ترحل القوات العسكرية وجيوش الإعلام عن ساحة القتال.
أيضا هناك عنصران للمخاطرة الأخلاقية تنطوي عليهما أي حرب ويجب أن يتم وضعهما في الاعتبار عند الإقدام على هذه الحرب، الأول أن أي شخص لا يجب أن يقدم على الحرب بدون أن يكون واثقاً من قدرته على اقتناص اللحظة التاريخية بحيث يحقق من هذه الحرب مكاسب أكثر مما يحقق من خسائر، وأي مبالغة في تقدير هذه القدرة سوف تحول الحرب إلى وسيلة لإيجاد حالة من الفوضى الملعونة.
العنصر الثاني أنه لا يجب لأي شخص أن يختار اللجوء إلى الحرب بدون أن يكون واثقاً من أن دوافع هذه الحرب ليست شريرة ولا لمجرد الانتقام أو لمجرد الشعور بالقدرة على هزيمة العدو، وأيضاً المبالغة في نقاء دوافع الحرب تؤدي إلى الدخول في دائرة الشر.
والحقيقة أن العنصرين موجودان في الحرب الأمريكية ضد العراق، لقد خاض الأمريكيون للتو مغامرة عسكرية في أفغانستان وكل المؤشرات تقول ان المحاولات الأمريكية لإقامة دولة في أفغانستان لم تسفر عن شيء سوى دخول البلاد دائرة العنف.
ونفس الأمر ينطبق على العراق فقد تتمكن القوات الأمريكية من الإطاحة بصدام حسين لكنها لا يبدو أنها ستتمكن من إيجاد بديل مستقر له، كما أن ضرب العراق ينطوي على احتمال دفع صدام حسين إلى استخدام أسلحة لم يكن ينوى استخدامها.
وهناك سبب آخر وجيه يدفعنا للابتعاد عن القتال هو أننا نشعر بالغضب والرغبة في الانتقام بسبب خسارة آلاف الأشخاص في هجمات الحادي عشر من سبتمبر، حيث تسود الرغبة في الانتقام لدى الأمريكيين.ويلزم التأكيد هنا أن حلفاء أوروبا بالكامل يعارضون الحرب ضد العراق باستثناءرئيس الوزراء البريطاني توني بلير الذي يربط نفسه بالسياسة الأمريكية عموما فهو الذي يبدي تأييداً وإن كان حذراً لتحركات الإدارة الأمريكية ضد العراق.

تالبوت بروير/ واشنطن بوست

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved