يعتبر التسويق الزراعي الجانب الأكثر أهمية من أجل تحقيق تنمية زراعية منشودة، ولا يخفى على أحد بأن ضعف أو بمعنى أصح انعدام التسويق الزراعي المنظم لدينا انما يمثل أحد أهم العقبات والتحديات التي واجهتها شركاتنا الزراعية وحدت من نجاحها، وفي ذلك نجد أن معالي وزير الزراعة في حديثه لمجلة الأسواق (العدد 90، شهر أغسطس 2002) يقول: ... إن الحلقة المفقودة بين ما تحقق في التنمية الزراعية وما وصلنا إليه من منتجات زراعية في مستوى عال من الجودة والمواصفات والكميات المنتجة، انه لم يواكبها فتح مجالات التسويق وقنوات التسويق المطلوبة بالشكل الفني السليم، وهذا ما يعيب نهضتنا وتطورنا في الجانب الزراعي واننا لم نمكن المزارع ان يجد أمامه كل ما يجعله مطمئنا في تصريف وتسويق منتجاته ولكن هذا سيتحقق إن شاء الله.
أعتقد بأننا لابد ان نعترف بأننا لم نُولِ هذا الجانب حقه من الاهتمام مما انعكس سلباً على نمو القطاع الزراعي بالمملكة، فوزارة الزراعة لم تنشئ إدارة مختصة بالتسويق الزراعي إلا مؤخراً، ولا نعرف ما هو مبرر هذا التأخير في إنشاء تلك الإدارة، إضافة لذلك فإن جانب التسويق الزراعي له من الأهمية مما يتطلب معه الكثير من الاشراف والتنفيذ والتنسيق ما يعني بأهمية انشاء وكالة متخصصة بالتسويق الزراعي في الوزارة دون الاقتصار على إنشاء تلك الإدارة.
وقد يقول قائل انه سبق أن أعلن مجلس الوزراء الموقر عام 1419هـ، الموافقة على إنشاء (شركة التسويق الزراعي السعودية) وعلى الرغم من ابتهاجنا بصدور هذا القرار إلا أننا وبعد أربع سنوات من صدور تلك الموافقة، نجد أن تلك الشركة الحيوية المهمة لم ترَ النور بعد.
فلماذا التأخير؟ نعم ما الذي يجعلنا نستغرق أربع سنوات حتى ننتهي من تأسيس شركة في غاية الأهمية لقطاعنا الزراعي، بل انني لا أبالغ إذا قلت إن مستقبل ونجاح القطاع الزراعي في المملكة متوقف على وجود مثل تلك الشركة التسويقية.
أعتقد بأن هناك حقيقة لا يمكن اغفالها وهي ان هناك الكثير من الأجهزة الحكومية والمؤسسات العامة تستغرق الكثير في الوقت غير المبرر من أجل تنفيذ بعض القرارات العليا أو التوجهات العامة وهذا في اعتقادي يقف عائقا أمام الكثير من التطورات والانجازات التي يفترض ان نكون قد أتممناها بشكل أسرع قياساً على ما تزخر به مملكتنا الغالية من امكانات بشرية ومادية، نعم فهناك الكثير الكثير من الموضوعات والمجالات التنموية التي تستغرف منا السنوات الطويلة لنتخذ فيها القرار التنفيذي الملائم بشأنها على الرغم من ادراكنا لأهمية سرعة اتخاذ القرار في تلك الموضوعات، وعلى الرغم أيضاً من إدراكنا لحجم الخسائر التي قد تتحقق من جراء ذلك التأخير في اتخاذ القرار المناسب.
أعود وأطرح تساؤلي السابق: لماذا تأخرنا في إنشاء شركة التسويق الزراعي السعودية على الرغم من صدور الموافقة السامية عليها قبل أربع سنوات، وعلى الرغم من إدراك الجميع للأهمية البالغة لتلك الشركة لمستقبل قطاعنا الزراعي؟
| 
