هل يشغل الأمريكيون العرب بالدفاع عن بقاء الرئيس ياسر عرفات على رأس السلطة الفلسطينية ليتفرغوا لتغيير النظام العراقي وإزاحة الرئيس صدام حسين،
أو بوضوح أكثر هل يسعى الأمريكيون إلى مقايضة بقاء عرفات مقابل السماح بإزاحة صدام حسين عن رئاسة العراق بحرب عسكرية المتضرر الوحيد منها العرب كل العرب وبالذات العراقيون الذين سيسقط الآلاف منهم قتلى ويتدمر ماتبقى من بنيته الأساسية بحيث تُهدم مستشفيات وتُدمر جسور وطرق ومطارات وغيرها من خسائر الحرب بحيث تزداد معاناة من يتبقى ممن أخطأته قنابل وصواريخ الأمريكيين.
مقايضة عرفات بصدام قرأها المحللون السياسيون والصحفيون الذين تابعوا زيارة مساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد سترفيلد التي تتواصل.. وان هؤلاء المتابعين فهموا من جملة الإشارات التي تضمنتها تصريحات المسؤول الأمريكي سواء في القاهرة أو في عمان أنه قدم للمنطقة من أجل مهمة واحدة وهي إقناع الدول العربية بالتخلي عن ياسر عرفات، بل والطلب منهم الضغط على الفلسطينيين لتنحية عرفات من خلال تأييد فكرة تعيين أو ترشيح رئيس وزراء للسلطة الفلسطينية لمتابعة المهام التنفيذية و«ركن ياسر عرفات على الرف».
والقراءة المتمعنة لمقابلات المبعوث الأمريكي تكشف أنه لم يجد قبولاً عربياً لما حمله من واشنطن حيث لوحظ أن الدول التي زارها لم يصدر عنها أقوال وتصريحات تشير لا من بعيد أو قريب لأفكاره كما أن مقابلاته اقتصرت على الوزراء.
والحقيقة أن الرجل لم يقل للصحفيين في المحطتين اللتين أتيحت له فيهما فرصة لقائهم في القاهرة وعمان إنه يبحث وضع عرفات باعتبار أن الأمريكيين يتجنبون ذكر اسم عرفات منذ أوقف الرئيس بوش الاتصالات معه ولكن «الحلفاء» الإسرائيليين أنابوا عنه في هذه المهمة فقد أشاعوا قبل أن يستقل طائرته من واشنطن بأنه مرسل لبحث وإقناع العرب بفكرة «تحييد» عرفات وفرض التقاعد المبكر للرمز الفلسطيني من خلال استحداث منصب رئيس وزراء للسلطة.
ورغم أن الوزراء الفلسطينيين نفوا علمهم بهذه الفكرة.. إلا أن النفي كان يفترض أن يصدر منه كشخص معني بها.. والسكوت يعني القبول.. هذا على الأقل ما فهمه كل من تابع زيارات السيد ديفيد سترفيلد.
|