Saturday 31th August,200210929العددالسبت 22 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المنشود المنشود
قنابل موقوتة!!
رقية الهويريني

إن حياة الرفاهية التي نعيشها ونحمد الله عليها قد أفرزت ظواهر سلبية، ومنها الاعتماد الكلي على العمالة المنزلية كأمر مسلم به ولا يمكن الفكاك منه! وحين تناقش أي شخص في هذا الأمر فإنه سيدخلك في حجج ومبررات يرى من وجهة نظره ضرورتها لأنه اعتاد وجودها!
ولعلنا نناقش خطورة العمالة المنزلية من زاوية ما يهدد المجتمع، وهو وجود السائقين امام مدارس البنات ومكاتب الاشراف التربوي والاجتماعي والدوائر الحكومية والاهلية التي لديها اقسام نسائية.
وحين ننظر بتمعن لهؤلاء السائقين الذين تنتهي مهمتهم بتوصيل الموظفة الى مقر عملها وانتظارها لساعاتٍ طويلةٍ لإعادتها للمنزل نجد ان وقت الذهاب والاياب يستغرق نصف ساعة تزيد او تنقص وبقية الوقت يقضونه في غرفةٍ صغيرةٍ تفتقد للنظافة والتهوية وقد تكون من الصفيح الحار صيفاً والبارد شتاءً وتنحشر فيها الاجسادُ التي تنبعث منها الروائح النتنة!
وفي غياب الرقابةِ وطول ساعات الفراغ بلا عملٍ تدور النقاشات الحادة يلوك فيها هؤلاء السائقون تلك الساعات البطيئة والثقيلة وقد يتمخض عنها مخاطرُ عديدة ومنها تهديد الأمن، والتآمر على كفلائهم لاسيما انهم يعرفون دقائق مجريات حياتهم وتحركاتهم فتظهر حوادث سرقة واعتداءات داخل المنازل حين يكون اصحابها في اعمالهم وتكون الدوافع إما بهدف السرقة ذاتها او الانتقام من الكفيل او للتخريب فحسب!
إضافة الى اختلاف دياناتهم وثقافاتهم وجنسياتهم التي ربما تكون دافعاً للشجار والنزاع العرقي والديني كما حصل أمام إحدى الدوائر الحكومية وتحول الشجار الى تصفيةٍ جسدية بالقتل!! كما أن عودتهم الى المنزل ثانيةً وعدم تجمهرهم امام دوائر العمل قد يترتب عليه مشاكل اخرى لانعدام الرقابة بسبب انشغال الأسرة وعدم تواجدها في البيت.
ولو فكرنا بطريقةٍ مناسبة للقضاء على هذه الظاهرة السيئة التي قد نكون البلد الوحيد الذي يعاني منها بأن نجعل مصلحة الوطن فوق المصالح الشخصية والرغبات الذاتية ولاسيما ان وجود عمالة بهذا الشكل يهدد أمننا ويقوض اقتصادنا، ولكننا لانشعر به إلا إذا حسبنا ذلك بدقةٍ وعندئذٍ سنعرف مدى الخسارة الاقتصادية التي يتكبدها المواطن وبالتالي الوطن نظير وجود سائقٍ واحد خلال سنتين حيث سنجد الآتي:
** استقدام 5000 + رواتب 000 ،20 + مصاريف استهلاك شخصي وسكن وفواتير كهرباء وماء 7000 + إقامة ورخصة عمل 1500 + تكاليف تناقص العمر الافتراضي للسيارة سنوياً 000 ،10x2 (أي لمدة سنتين) + وقود 000 ،10 + صيانة 000 ،50 + تذاكر سفر 1500، وبالتمام والكمال تكون تكاليف المواصلات بوجود السائق لمدة سنتين هي ما يقارب سبعين الف ريال!!
أي ما يقارب 3000 ريال شهرياً وقد نواجه بمبررات أن ربّ الأسرة لا يتواجد طيلة اليوم أو غالب الوقت، كما أن دخله في الأسبوع الواحد قد يتجاوز هذه التكاليف!!
وإذا اعتبرنا ان العمالة المنزلية تستنفد نصف هذا المبلغ والفواتير تقضي على النصف الآخر ونصف الراتب يذهب للسكن، فماذا بقي للمتطلبات الضرورية والادخار؟!
وقد يطالب الكثير منا بالبديل الآمن المريح وهذا يتطلب الدراسة الجادة للأمر ولعل ذلك يُناط بالجهات المختصة ومنها مجلس الشورى، ولربما يكون الرأي المطروح حالياً هو تنشيط النقل العام والخاص عن طريق شركات ومؤسسات النقل بحيث يمكن الاستفادة من السائق طيلة النهار مع وجود أوقاتٍ للراحة له، واستئناف العمل بحيث يكون تحت رقابة الشركة ويمكن طلبه في أيّ وقتٍ ولاسيما ان الاتصالات اللاسلكية لدينا أصبحت متيسرة، ويمكن التعاقد مع هذه الشركات لتوصيل الطلاب للمدارس عبر حافلاتٍ صغيرةٍ ومريحة.
وكذلك الموظفات لمقار اعمالهن، وإنهاء متطلبات منزلية أخرى في جدولةٍ مدروسة ومنسقة، وبهذا يمكن الحد من خروج المرأة المتكرر بدون داعٍ بحجة ان السائق متوفر في كلّ وقتٍ.
وهنا نكون قد عالجنا الأمر اجتماعياً وأمنياً واقتصادياً، كما ساهمنا في حلّ مشكلة تلويث البيئة والازدحام في الشوارع وحوادث السير، وكذلك القضاء على ظاهرة الاستقدام الفوضوي وتحقيق مبدأ التعاون، وحب الوطن والمصلحة العامة!
والأهم نزع فتيل قنابل موقوتة مسكونة بالفراغ داخل منازلنا ووطننا!!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved