Saturday 31th August,200210929العددالسبت 22 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

حول قيمة «روبوت» مستشفى الملك فيصل التخصصي! حول قيمة «روبوت» مستشفى الملك فيصل التخصصي!
د. علي بن شويل القرني

خبر نقلته احدى محرارات صحيفة الوطن في جدة بتاريخ «17/6/1423هـ» عن الجراح الآلي «الربوت» الذي سيشتريه مستشفى الملك فيصل التخصصي بقيمة خيالية تصل إلى ملياري ريال «الفي مليون» ريال..
هذا هو الخبر الذي صعقني وأنا أطالع تفاصيله من أحد الاستشاريين متحدثا على هامش تقديمه عن المؤتمر الدولي لأمراض وجراحة القولون الذي سيعقد قريبا في المستشفى التخصصي بجدة..
ثم تابعت الصحيفة الى موعد كتابة هذا المقال، فوجدت تعقيبا في نفس الصحيفة «20/6/1423هـ» من مصدر طبي لم يفصح عن اسمه بالمستشفى اشار إلى أن الرقم الصحيح هو مليونا ريال وليس ملياري ريال..
ولكن المحررة «منال الشريف» أكدت ان الخبر الأساسي صحيح وأكده التسجيل الصوتي لمصدر الخبر وكرره مرتين وبحضور أحد مسؤولي العلاقات العامة بالمستشفى..
وسؤالنا الذي نطرحه نحن القراء ونحن المواطنين.. من نصدق؟ وماذا يختفي من حقائق وراء هذا الخبر؟ وهذه سياقات أطرح رؤيتي من خلالها في هذه القضية..؟
1- أنا شخصيا- وأعوذ بالله من كلمة أنا - لا أصدق ان جهاز روبوت متقدم ومتطور جدا بتعقيدات تكنولوجية فائقة التعقيد والدقة يتكلف مليوني ريال فقط لا غير، أي بما يعادل حوالي نصف مليون دولار وزيادة قليلا.. ولاسيما ان هذا الجهاز لا يوجد الا في الدول المتقدمة، وربما لا يوجد في منطقة الشرق الأوسط او الدول النامية، حيث يمكن لهذا الجهاز ان يجري عمليات جراحية عن بعد فيتولى طبيب من دولة اخرى اجراء العملية لمريض في جدة أو الرياض مثلا..
2- وإذا صدق ما بثه المصدر التعقيبي على الخبر من كون هذا الجهاز فعلا هو بمليوني ريال، فإن مديري المستشفيات الخاصة والعامة في المملكة سيتقاطرون على مندوب الشركة المصنعة للربوت عندما يأتي لحضور المؤتمر العالمي في جدة خلال الأيام المقبلة.. فقيمة الجهاز رخيصة جدا اذا قورنت بالفوائد التي سيجنيها المستشفى والمرضى.. وستمتلئ مستشفياتنا بالروبوتات التي تجري مثل هذه العمليات، فكما أشار المصدر - كذلك - فإن 5% أو أكثر من سكان المملكة هم مصابون بأمراض القولون..
3- وربما قد نسأل إذا كانت قيمة الجهاز مليوني ريال لا غير، فلماذا ينتظر المستشفى عامين كاملين لاستخدام هذا الجهاز وتوفيره للمرضى؟
ومن الطبيعي اننا نعرف تماما ان هناك تجهيزات لوجستية، وكذلك اتفاقات مع بعض المستشفيات العالمية لتحقيق هذا الهدف..
ولكن المستشفى سيكون قادراً على اختصار الوقت لتوفير هذا الجهاز خلال أشهر للاستفادة الكاملة منه..
4- اما إذا لم تكن قيمة الجهاز مليوني ريال، وكانت قيمته ملياراً أو قريبا من ذلك، فإن المسألة ستتغير كثيرا، ونصبح امام قضية مختلفة تماما.. ولو صح فعلا الرقم الملياري كما ورد في الخبر الأساسي وأكدته تسجيلات المحررة، فاننا نريد فعلا التأني في مثل هذا الاجراء.. والتفكير مرة ومرات كثيرة قبل أن نقدم على هذه الخطوة..
وبدلا من أن نصرف هذا الرقم الخيالي على هذا الجهاز يمكن استثمار برامج بديلة تكون استفادتها عالية وذات مردود كبير على المواطن والأجيال القادمة.
وختاما، أرى ان مستشفى الملك فيصل التخصصي منذ تأسيسه عام 1975«أي قبل سبعة وعشرين عاما تقريبا وهو يقدم خدمات جليلة للمواطن السعودي، حتى ان هذا المستشفى أصبح علامة مضيئة في الخدمات الطبية المتقدمة ليس في المملكة فحسب، بل في منطقة الشرق الأوسط عامة..
وما يميز في نظري - وقد يختلف معي آخرون - المستشفى كونه تأسس على فكرة البحث والدراسة والتجريب الطبي، حيث اجرى المستشفى آلاف العمليات ومئات الأبحاث والكثير من التجارب الطبية..
وقد تعاقب على فرز وبناء الخبرة والمعرفة الطبية بالمستشفى أكبر وأشهر الخبراء والأساتذة المتخصصون في العالم.. واستفاد من نقل الخبرة واستيعاب التجارب اساتذة وأطباء سعوديون والحمدلله.
فهل يمكن ان يسهم مستشفى الملك فيصل التخصصي بفرعيه «الرياض وجدة» نظرا لامكاناته الكبيرة وخبراته الطويلة في امكانية انشاء كليات طب وعلوم طبية لتخريج اطباء يحتاجهم الوطن..
مع التنامي المتزايد في الحاجة لهم امام الأعداد المتواضعة من خريجي هذه الكليات.. وهذا بالتأكيد ما دعا صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز مؤخرا إلى توجيه كليات الطب في مختلف الجامعات السعودية لفتح الالتحاق المسائي فيها برسوم منافسة للدراسة الخارجية..
وأرى ان المستشفى التخصصي - بل المستشفيات الكبرى في المملكة الخاصة والعامة - ان تسعى للتفكير في امكانية افتتاح كليات طب وفق الاشتراطات العلمية والطبية، وبما يلبي فرصة تخريج كوادر بشرية وطنية متمكنة..
وصراحة، عندما صعقني رقم المليارين ثمنا لجهاز الربوت، فقد شعرت ان قيمة هذا الجهاز كفيلة بافتتاح أربع كليات طب تابعة للمستشفى بدلاً من شراء هذا الجهاز..
والله أعلم..

رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية لعلوم الاتصال
أستاذ الصحافة والإعلام الدولي بجامعة الملك سعود
alkarni@KSU.EDU.SA

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved