هذه المقالة تناقش كيفية معالجة التنمية الوطنية المستدامة، وهي البديل الجاهز للسعودة، فالدولة أي دولة في العصر الحديث قد تعني دولة الرفاهية، وقد تعني دولة التنمية، وقد تعني الدولة الراعية، وعلم الاجتماع السياسي الإسلامي يقصد بها ولي الأمر، الذي تنتقل الولاية من الأسرة الصغيرة لمكونات المجتمع إلى الأسرة الكبيرة «المجتمع».فالدولة الحديثة تلتزم بإيجاد المناخ الملائم لتهيئة فرص العمل للقادرين على العمل، وهي من ضمن رهانات المترشحين للمسؤوليات العامة، إلا انها لا تضمن لكل مواطن فرصة عمل، ولا يوجد عمل على المقاس أو بالمولد على غرار ما كان معمول به في ثورة 1952م والتي سببت تركة بيروقراطية كانت عقبة كأداء في وجه التنمية.
فالعمل يعني الإنتاج والإنتاج يحتاج إلى قدرة ومهارة، تأتي من خلال التعليم والتدريب والملازمة، ثم التقييم، ومن ثم المخرجات لسوق العمل، ثم تأتي الوسيلة للحصول على العمل، التي قد تكون الدولة بأنظمتها ودساتيرها أو مؤسسات المجتمع العامة أو الخاصة.وربُّ العمل سواء الحكومة أو القطاع الخاص، لا يوظف من أجل العاطفة فقط أو من أجل الضمان الاجتماعي فقط، بل يوظف من أجل العائد المجزي سواء كان عائداً مادياً كالعمل التجاري أو منشأة إنتاجية، أو خدماتياً كأمن أو تعليم أو صحة وغيرها من الخدمات العامة التي عادة ما تقوم بها الحكومة تجاه المواطنين أو المقيمين أو السائحين أو عابري سبيل، وكثير من الأسر والأهالي لهم أملاك ومنشآت ومشاريع ولا يوظفون أبناءهم، ويوظفون «أولاد الناس» لأنهم يتوقعون منهم عائداً، ولو كان العمل والانتاج يأتيان بالعاطفة لكان أولاد الإنسان أجدر وأحق بعاطفته، ولكن أرباب العمل ينشدون الإنتاج والربح العائد من الإنتاج. ومن هذه المقدمة أصل إلى رغبة الكاتب في مشاركة القراء والتداخل حول مناقشة هذه الفكرة وهي: إن التقسيم الإداري للدولة يقسم المملكة إلى ثلاث عشرة منطقة، ومن هنا يكون في كل منطقة مركز تحت اسم «المركز الوطني للتأهيل والتدريب والتجنيد».. هذه المراكز تلحق بها المراكز المهنية ومعاهد وكليات التقنية في المنطقة كما تلحق بها السجون بصفتها مراكز للاصلاح والتهذيب، وتوكل مهمة التجنيد للقيادة العسكرية في المنطقة وكل ما يرى له علاقة في هذا المركز.
ويجهز المركز الوطني المقترح بورش مؤهلة للتدريب في كافة التخصصات مثل: السباكة والكهرباء والنجارة والدهانات ومواد البناء والديكور، والكمبيوتر وأعمال الفندقة والميكانيكا والتنجيد، وكل ما يتعلق بالسيارات من سمكرة وكهرباء وصيانة، وكل ما تحتاجه المنطقة من اشغال مهذبة أو فنية.
ولابد ان يكون المركز غنياً بالكوادر البشرية عالية التدريب والتأهيل والتخصص، كما يحتوي على آلات ومعدات ومختبرات فاعلة وكفؤة، حتى يكون هذا المركز مؤهلاً حتى للمنافسة في المشاريع الكبيرة التي يتقدم لها المقاولون من داخل المملكة وخارجها، وينافس منافسة شريفة مع أي مؤسسة وطنية أم أجنبية، ويكون لديه القدرة ان يكمل المشاريع التي تفشل في اكمالها المؤسسات المنفذة، حتى يعطي الثقة ويكون بهذه المراكز قسم للهندسة القيمية التي تقدم استشاراتها ودراسة الجدوى للدوائر الحكومية والقطاع الخاص.ويمكن ان تخصص هذه المراكز أو تدار بطريقة تجارية أو يمكن ان تديرها الغرف التجارية في المناطق بشرط ضمان القبول لكل طالبي العمل والحصول على الأجر الشهري المقترح.
القبول
يكون المركز متاحاً لجميع الراغبين في العمل بصرف النظر عن مؤهلاتهم وشهاداتهم الدراسية وإلى حتى خريجي الجامعات، وحتى الذين لهم سوابق والمحكومين.
الراتب
يضمن للمترشح السعودي مكافأة ألفي ريال تدفعها الحكومة من خلال وزارة الدفاع والطيران ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية طالما هو موجود في المركز، وإذا خصصت كما اقترحنا سابقاً يحافظ على هذا المستوى من الراتب، لأنه الحد الأدنى في نظري، الذي ممكن ان يستمر المترشح في المركز.
ساعات العمل
من الساعة السادسة صباحاً وإلى الساعة الخامسة مساء.
جدول العمل
حصتان عسكرية ولياقة بدنية، وتشمل المشاة والأسلحة والرياضة، وبقية الحصص محاضرات نظرية وتدريب عملي كلٌّ حسب مؤهلاته والتخصصات التي يرغبها، من مهنية وفنية وخدماتية، وتشمل حتى بناء الجسور ومد التيار العالي للكهرباء وكل الأعمال التي تحتاجها المنطقة.
منتج المركز
يباع لأجهزة الدولة والجمعيات الخيرية والغرف التجارية وللمقاولين وفي السوق المفتوح وبسعر السائد في السوق، ويدر عائده للمركز لتطوير نفسه تطويراً ذاتياً في آخر المطاف.
المركز الوطني لتأهيل والتدريب والتجنيد في المنطقة يصبح الجهة الوحيدة لطالبي العمل ولمخرجات الشغل في المنطقة سواء ما يتعلق بالإعلان عن الوظيفة أو البحث عنها بين الدوائر الحكومية أو المؤسسات.فكل الجهات الحكومية والمؤسسات والأهلية التي ترغب توظيف كوادر سواء عسكرية أو بيروقراطية أو فنية أو خدماتية، تتقدم للمركز الوطني باستمارة تحدد الشروط والمواصفات والمعايير التي ترغبها في من ترغب التعاقد معه، ومن ثم يقوم المركز بدراسة الطلب ويعرضه على قوائم المترشحين لديه ويوفق بين شروط ربّ العمل وطالب العمل، ثم يرسل المترشح للجهة الطالبة بموجب عقد موقع من ثلاث جهات: المركز الوطني وربّ العمل وطالب العمل، يحدد به الأجر الشهري والتأمين الاجتماعي والصحي ومميزات الوظيفة من سكن وتنقلات وخلافه والمهام المطلوبة لها، وتحدد به التزام المركز نحو متابعة المترشح وتقييمه ومدى حاجته للتدريب على رأس العمل وما هو وجه الاستفادة منه، كما يتضمن العقد الشروط الواجب على المترشح الوفاء بها فيما يتعلق بالتسرب الوظيفي أو التقاعس أو رفض العمل، وتوضح العقوبات التي تطبق على المترشح إذا أخل بواجبات الوظيفة.
يعتقد كاتب المقال انه إذا طبق هذا الاقتراح بجدية وحماس، وببنوده وروحه، وبدون تدخلات خارجية، انه سيقضي على البطالة وبالذات البطالة غير المقنعة، اقصد راغب العمل من أجل الحاجة، كما سيقضي على العمالة الوطنية الرثة ويخلق بيئة مهنية أو قد تتطور إلى استراتيجية مهنية المجتمع، كما يعتقد الكاتب كذلك انه إذا نفذت هذه الفكرة كما يراد لها فسوف يكون لها فوائد أمنية واجتماعية غير منظورة، سيلمسها المجتمع خلال مرحلة زمنية قصيرة من التجربة.وإذا تكرمت جريدة «الجزيرة» بإعطاء الكاتب مساحة للنشر، فقد تتطور هذه الفكرة إلى مشروع وطني ينتظم بالإضافة إلى هذه الفكرة فكرة معالجة العامل الوافد وفكرة معالجة الجاليات المقيمة أو المتخلفة، وكيف يستفاد منهم للحد من الاستقدام.وما توفيقي إلا بالله.
|