Thursday 15th August,200210913العددالخميس 6 ,جمادى الثانية 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

تساؤلات تساؤلات
هنا مبدعون..!
منصور الجهني

هناك مبدعون متميزون على ساحتنا المحلية، وهناك حركة إبداعية تضاهي مثيلاتها في بقية أقطار الوطن العربي، هكذا ربما يبدو المشهد الثقافي بشكل عام، ولكن ماذا لو حاولنا رصد ذلك المشهد من خلال رؤية بانورامية، تقترب أكثر من التفاصيل.
هناك أصوات عديدة تحلِّق في فضاءات الإبداع، هناك أجنحة تخفق، وهناك محاولة مستمرة، لتجسيد رؤية ثقافية تستند إلى ذاكرة المكان، لكن ذلك الفعل يبدو مشتتاً ومفتقداً للتناغم ويعتمد غالباً على اجتهادات فردية، وجهود ذاتية يقوم بها المبدعون أنفسهم في ظل غياب أي إطار منهجي أو مؤسسي يدعم أو ينظم حركية الفعل الثقافي بشكل عام، ويستوعب كافة أطياف تلك الحركة بكل تناقضاتها وتبايناتها.
وفي ظل هذا الغياب تبدو آلية الفعل الثقافي مفككة وغير واضحة أو غير منسجمة ضمن منظومة ثقافية موحدة ومتفاعلة، فعندما نتحدث عن الثقافي فذلك لا يشير تحديداً إلى الأدب أو الإبداع أو الفنون، فهذه المجالات في حقيقة الأمر تشكِّل بعض روافد الثقافة التي تشمل مساحة أوسع، تتضمن كافة العلوم الإنسانية الأخرى كالاجتماع والتاريخ والفكر وغيرها من المجالات التي يمكن أن تشكِّل بمجموعها وفي إطار من التفاعل سياقا ثقافيا مكتملا وفاعلا، وبدون ذلك أو ربما التكامل فإن الحركة الثقافية تتحول ربما إلى أنساق منفصلة، تبحث عن مرجعياتها ضمن فضاءات بعيدة عن السياق العام الذي قد يتحول إلى مجرد خلفية تكتفي بعكس المتحقق أو المنجز كما هو دون محاولة الإسهام بصياغته أو تأصيله ضمن شروط منهجية تستند إلى واقع وأهداف محددين.
وربما من هنا يتضح الفرق بين ما أعنيه بالإطار وبين حالة التأطير التي تعانيها تلك الحركة ضمن معوقات عديدة سواء من داخل تلك الحركة ممثلة بكثير من البؤر الثقافية المنغلقة والرافضة لمبدأ الاختلاف، أو من خلال الفرمانات العديدة التي تقيِّد حرية الحركة الثقافية وتفرض عليها توجهات محددة، أو من خلال غياب استراتيجيات ثقافية واضحة، وكانعكاس لتلك الحالة نجد مثلا أن معظم الإصدارات الجديدة لمثقفين محليين تصدر خارج الوطن إضافة إلى شبه انعدام ردة الفعل إزاء تلك الإصدارات التي تقابل بصمت مطبق من قبل النقاد، هذه الأجواء من الطبيعي أن تخلق نوعاً من الإحباط لدى العديد من المبدعين وهو ما يمكن ملاحظته من خلال عزوف كثيرين منهم عن النشر أو حتى عن الكتابة عموماً.
ويبقى التساؤل حول ما إذا كانت الأندية الأدبية كونها من بين المؤسسات القليلة التي تمثل الثقافة وإن بشكل نسبي قادرة على إعادة بعض التوازن إلى الحركة الثقافية، أو تعويض ذلك الغياب المؤسسي أو المنهجي الذي أشرت إليه، أم أنها في حقيقة الأمر تشكِّل عائقاً إضافياً إلى مسيرة تلك الحركة لاعتبارات عديدة يعرفها الجميع، والتي قد لا يكون أهمها الهيكلية الإدارية لهذه الأندية التي حولتها إلى تكايا أو أوقاف لأسماء محددة مما جعلها مفتقدة لديناميكية الحوار والتفاعل، وهو ما يعد شرطا ضروريا وحيويا لاستمرارية الفعل الثقافي، وقد تكون تلك الفترة الطويلة منذ انشاء تلك الأندية كافية لتقييم دورها في خدمة الثقافة المحلية وأعتقد مع بعض الاستثناءات انها لم تتجاوز كونها دكاكين لعرض بضاعة السوق ووفق شروطها الخاصة.
عندما نطالب بالاهتمام بالثقافة فإن ذلك يعني ضمناً الاهتمام بحياة المثقف الذي قد يبقى مصيره أحيانا رهناً - بعد الله- لمبادرات فردية أيضا.. أقول ذلك متمنياً الشفاء العاجل لاستاذنا فايز أبا.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved