* حوار - عبدالحفيظ الشمري:
الشاعر والصحفي حمد حميد الرشيدي قدم العديد من القصائد الفصيح، وأصدر ديوانه الشعري الأول قبل أعوام، كما صدرت له رواية حاز بها جائزة المهرجان الوطني للتراث والثقافة بالجنادرية قبل أعوام، إضافة إلى أنه صحفي يسهم مع زملائه ومن خلال المنابر الثقافية في تقديم الصوت الإبداعي المحلي.. فكانت لنا معه هذه المداخلة والحوار حول جوانب عدة من تجاربه جاءت على هذا النحو:
* امتهنت الشعر فترة طويلة من حياتك ثم اتجهت مؤخراً لكتابة الرواية والقصة القصيرة، فلماذا هذا التغيير في مسارك الأدبي؟
- هذا ليس تغييراً بقدر ماهو محاولة لايجاد متنفس آخر خارج إطار «البيت الشعري» أو «بيت القصيدة» الذي يقيد المبدع بشكل أو قالب معين.
وغني عن القول إن فن الرواية والقصة من الفنون الأدبية الرائعة التي أصبحت تستقطب اهتمام كثير من القراء لدينا، وخاصة في العقد الأخير من الزمن حيث صدرت أعمال قصصية وروائية كثيرة لكوكبة من الكتَّاب السعوديين والعرب وحظيت باهتمام كثير من القراء والنقاد والدارسين وبشكل لم يسبق له مثيل في المراحل المختلفة التي مر بها أدبنا العربي.
هذا فضلاً عن كون الرواية جنساً أدبياً مرناً يستوعب كل الأشكال والمضامين الإبداعية التي يصعب على الأجناس الأدبية الأخرى استيعابها.
* هل هذا يعني ان الرواية قد أصبحت منافساً قوياً للشهر على ساحتنا الأدبية؟
- قد تكون الرواية منافساً قوياً للشعر، وقد تتفوق عليه.
وهذا ينطبق -خاصة- على آداب الأمم الأخرى في أوروبا والأمريكيتين.
أما بالنسبة لأدبنا العربي فإنه ليس من السهل التنبؤ بما سيكون عليه حال الرواية خلال الفترات الزمنية المقبلة و(الرواية السعودية) على وجه الخصوص.
ربما تكون الرواية العربية منافسة للشعر على الساحة لدينا مستقبلاً، لكنني لا أعتقد أنها ستتفوق عليه.
ثم إنني لا أدري لماذا نصر على أن نكون كلنا شعراء بدلاً من أن يكون بعضنا روائيين أو قصاصين أو مسرحيين؟
أليس هناك من الكتَّاب والروائيين من لاقت أعمالهم نجاحاً ورواجاً باهراً لم يستطع أن يحظى به كثير من الشعراء؟.
وأوضح مثال على ذلك الروائي العربي العالمي الكبير نجيب محفوظ الحائز على جائزة «نوبل» للآداب في مجال الرواية، والذي استطاع بأعماله ان ينقل هموم الإنسان العربي خارج حدوده.
* ترأست القسم الثقافي في مجلة «فواصل» في فترة من الفترات السابقة. فما الذي استطعت ان تقدمه للقارئ العربي من خلال هذه المطبوعة؟
- ما قدمته للثقافة عبر مجلة «فواصل» معروف لدى القراء سواء كان كثيراً أو قليلاً.
وعلى الرغم من كون الصديق الشاعر طلال الرشيد (رئيس مجلس إدارة المجلة) قد أتاح لي المجال للعمل في القسم الثقافي ضمن طاقم المجلة إلا أنني لا أظن أنني قد قدمت للثقافة العربية أكثر مما قدمه زملائي العاملون في الأقسام الثقافية في المجلات الشعبية الأخرى.
ولعل السبب في ذلك يعود إلى ان «فواصل» مجلة ذات طابع شعبي متخصصة في الشعر الشعبي والتراث، وليست مجلة متخصصة في الثقافة أصلاً.
أي ان هذا يعني - باختصار- ان «الثقافة» في المجلات الشعبية كانت ولاتزال «طرحاً تجريبياً» قد يلقى نجاحاً وقد لايلقى.
* أطلق عليك الدكتور غازي القصيبي في إحدى مقالاته في «المجلة العربية» لقب «الشاعر المشاغب» فماذا يعني هذا اللقب لحمد الرشيدي؟
- أولاً: أنا أعتز بهذا اللقب الذي «شاغبني» فيه د.القصيبي.
أما ماذا يعني لي ذلك فأقول إن د.غازي قد قصد حسب مقاله المنشور في المجلة العربية كما ذكر انني شاعر أمتلك جرأة التعبير عن المحيط الذي أعيش فيه بعاداته وتقاليده وسلوكياته ومظاهره بخلاف بعض الشعراء المسالمين والمهادنين لمجتمعاتهم التي عاشوا فيها.
فأنا إنسان بدوي عشت ونشأت -أساساً - في مجتمع بدوي محافظ ليس من السهل محاكمة عاداته وسلوكياته، أو انتقادها.
* كنت ولاتزال ضمن مرتادي (نادي القصة السعودية) في مقره بالجمعية السعودية للثقافة والفنون، ومن المتابعين لأنشطته في مجال القصة والرواية فماهو انطباعك عن هذا النادي بشكل عام؟
- النادي مكان جميل ورائع لاجتماع كثير من كتاب القصة والرواية، والتقائهم فيه.
وقد كنت ولا أزال ارتاد هذا وألتقي من خلاله بكثير من الكتَّاب والأدباء والنقاد السعوديين والعرب من أمثال الدكتور سلطان القحطاني والاستاذ ابراهيم الحميدان وأحمد الدويحي وخالد اليوسف والدكتور حسين مناصرة وغيرهم.
وكما هو معروف فإن النادي يقيم كل اسبوع أو أسبوعين (ثلاثائيته) المعروفة في مقره، التي يديرها الاستاذ خالد اليوسف ليستضيف من خلالها أحد كتَّاب السرد؛ بحيث يطرح أحد أعمال هذا الكاتب أو ذاك، وتتم مناقشتها من قبل الحضور.
لكن ما لاحظته من واقع ارتيادي للنادي وبصراحة من بعض الكتَّاب -وليس كلهم - هو المعاناة من الحساسية النقدية.
فهناك منهم من يتضايق من التعليقات أو مداخلات الحضور حول عمله المطروح، وهذا حدث أكثر من مرة.
* على الرغم من تعدد أنشطتك الثقافية واختلاف مجالاتها إلا أن انتاجك الأدبي لازال بعيداً عن الطباعة والنشر فما تعليقك على ذلك؟
- لا أعتقد أنني الوحيد الذي يعاني من إشكالية الطباعة والنشر، فهناك الكثيرون غيري من الشعراء والكتَّاب والأدباء الذين لازالت أعمالهم مخطوطة دون أن ترى النور بين يدي القارئ أو المتلقي.
أما بالنسبة لي أنا شخصياً فأقول إنني لست مضطراً لدفع عشرات الألوف من الريالات لطباعة ديوان شعر أو قصة أو رواية تحمل اسمي مادمت أعرف ويعرف غيري أيضاً أن مسألة الطباعة والنشر والتوزيع ليست مهمة الكاتب وحده وإنما من مهام دور النشر، والأندية الأدبية، والمؤسسات الثقافية كذلك التي وجدت أساساً - لتتولى القيام بهذه المسؤولية.
لقد أصبح وجود بعض هذه المؤسسات والقائمين عليها وجوداً شكلياً لايخدم الهدف الذي وجد من أجله.
* ماذا عن إصداراتك التي تنوي إصدارها مستقبلاً؟
- لي روايتان ستصدران قريبا إن شاء الله إحداهما بعنوان «شوال الرياض» عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة والأخرى بعنوان «رياح الشمال» عن نادي حائل الأدبي، بالإضافة إلى كتاب تاريخي بعنوان «خيبر» كلفت بتأليفه من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب ضمن سلسلة كتب «هذه بلادنا».
أما الإصدار الرابع فهو بحث علمي أدبي بعنوان «الجيو إنسانيات: الشعر العربي نموذجاً».
ويتضمن هذا البحث دراسة أدبية علمية عن علاقة الإنسان الشاعر بالأرض وارتباطه بها باعتبارها أصل الحياة البشرية في هذا الكون.
ولازلت أفكر حتى الآن في اختيار الجهة التي ستتولى طباعة هذا العمل.
|