المحافظة على الكتب والمخطوطات وغيرها من المصادر التاريخية والتراثية ذات جانبين فني وأدبي. وكلا الجانبين لم يغفله علماؤنا المسلمون في مؤلفاتهم التراثية حيث ظهرت عدة مؤلفات قديمة - وأخرى حديثة بأسلوب تراثي - تناولت أدبيات التعامل مع الكتب وأصحابها وطريقة حفظها وصيانتها.
وفي حين أحاطت الكتابات التراثية بأدبيات التعامل مع الكتب وسائر أنواع الانتاج الفكري في اطار الدين والأخلاق وسلوكيات المعاملة إلا ان المؤكد انها لم تتناول التفصيلات الدقيقة للكيفيات التقنية بهذا الخصوص نظرا للفارق الكبير بين تقنيات العصر القديم وتقنيات العصر الحاضر ولاسيما في مجال اخراج الكتب وتعدد المصادر بين مكتوبة وسمعية وبصرية والكترونية.
وبالتالي فإن الجانب الفني في حفظ المواد التاريخية والتراثية تطور تطوراً مذهلاً يستوجب الاستعانة بارشادات فنية متخصصة في هذا المجال لمساعدة الباحثين وطلاب العلم على الاستفادة من المتاحات الفكرية.
ولأنه لا يمكن للفرد العادي الاحاطة بتقنيات ذلك التطور الذي يتصف بالتجدد والسرعة كان لابد أن تكون تلك الارشادات مسؤولية المؤسسات العلمية المتخصصة في ميدان المكتبات والمعلومات.
واستشعارا لهذه المسؤولية تبنت دارة الملك عبدالعزيز بالرياض «برنامج المحافظة على المواد التاريخية» بالتعاون مع مكتبة الكونجرس الأمريكي، حيث حصلت الدارة على الحقوق العربية لهذا البرنامج الذي تضمن عددا من الارشادات والتوجيهات بخصوص العناية بالكتب وتزينها، وكيفية التعامل مع مجموعات الصور الفوتوغرافية واجراءات ايقاف حالة تردي تلك الصور أو منعها بمعرفة درجات الحرارة والرطوبة التي يجب مراعاتها عند الحفظ والأشياء التي يجب الحذر من تعريض تلك المجموعات لها، والاجراءات اللازمة لتجفيف ما يتعرض منها للماء عن طريق الهواء، والعناية بالأفلام المتحركة «الفيديو» وكيفية التعامل معها وتخزينها.
كما ركز البرنامج على أهمية وكيفية حفظ المخطوطات والرسومات والخرائط والوثائق وصيانتها، والطرق السليمة لحفظ الجرائد وصيانتها إما بحالتها الورقية عن طريق استخدام المعالجات الفنية والتقنية لتقوية الورق، وإما بالأسلوب الرقمي عن طريق الأفلام المصغرة «ميكروفيلم»، وإما عن طريق التصوير.
كما تضمن البرنامج اشارات فنية مهمة الى أفضل الطرق لتصميم براويز الصور واطاراتها، والعناية بالأفلام وأقراص الحاسب الآلي والأشرطة والمصغرات وكيفية تخزينها.
وأرشد البرنامج الى كيفية لف المواد التاريخية من وثائق ومخطوطات والطريقة المثلى لتغليفها. وأوصى بعدد من التوجيهات المجربة لكيفية حفظ الكتب والطريقة السليمة لتناولها من رفوفها وكيفية التخلص من العثة وكل ما يمكن ان يؤثر في سلامة الكتب وعمرها الافتراضي.
«برنامج المحافظة على المواد التاريخية» طبع في اثنتين واربعين صفحة وهو حلقة من حلقات مشروع «حفظ المصادر التاريخية» وهذا المشروع جهد علمي ضخم تضطلع بمسؤوليته دارة الملك عبدالعزيز، وتؤكد من خلاله رسالتها في التوعية بأهمية المصادر التاريخية الوطنية وكيفية المحافظة عليها، وهو نتاج الادراك الواعي من أمينها العام الدكتور فهد بن عبدالله السماري لأهمية تواصل الدارة مع مجتمعها، الذي من حقه أن يشكر على مبادرته الرائعة هذه كما يشكر الأستاذ عبدالرحمن بن محمد السدحان مدير مركز الوثائق والمخطوطات في الدارة والأستاذ عبدالله بن محمد الحقيل مدير العلاقات العامة على جهودهما لنشر هذا البرنامج في أوسع نطاق.
|