تعمد بعض المجلات الغربية الرصينة إلى تخصيص حيز تستعرض فيه الرابح والخاسر من أفراد النخب السياسية والإعلامية وسواهم من مشاهير الإعلام والفن. ويتم ذلك بعد استقراء سريع لأحداث الأسبوع حسب سلبها وإيجابها، وعادة ما يتم تدوين ذلك تحت عنوان «الرابحون والخاسرون: أو WINNERS AND LOSERS).
عليه فمقالة شدو هذه ليست إلا تقليدا للنهج المذكور بغض النظر عن تحذيرات المثل الذي نصه: «التقليد الأعمى يضر»، فما دام أن التقليد أعمى من الأساس إذن فلن يحدث أسوأ مما هو حادث، وما أوله عمى فلن يفوق «ضرر آخره ضرر أوله مهما كان ضرر آخره بالغ الضرر!!».
تجدر الإشارة إلى أن «الخسارة»، كما هي مستخدمة هنا لا تعني الخسارة المتعارف عليها، بل إن أقرب توصيف لها هو الربح بالخسارة المحدودة، أو وفق لغة «بني كورة!»، الخروج بأقل عدد من الأهداف في المرمى! هذا فيما يتعلق بالخسارة أما الانتصارات فأينها الانتصارات حيث لم أجد في الوسط الصحفي منتصراً كي أتحدث عنه، فليس للانتصار في عالم صحافة العالم الثالث لون ولا رائحة ولا طعم. وابتداء فخاسرنا الأول لهذا الشهر هو أحد رواد «عزيزتي الجزيرة»: الأخ محمد عبدالله الفوزان- من محافظة الغاط- وقد احتل الأخ محمد المركز الأول في الخسارة بكل جدارة، وذلك على إثر تطرقه- دفعة واحدة- لعدد من الموضوعات الحساسة المحنطة في مقبرة التجاهل الاجتماعي رغم ما فيها من حياة نابضة لا في الحاضر فحسب بل أيضا في المستقبل. فعلى غرار «ناقش موضوعا واحدا «ودس» فيه موضوعين مجاناً»، فقد عجن الأخ محمد ثلاثة موضوعات ووضعها في فرن واحد، وبهذا استنبت ثلاثة رؤوس على جسد واحد مما خفف من وقع «الكفوف!»، الفكرية التي تلقاها، وقد تمحور موضوعه حول مشروعية كشف المرأة لوجهها، إضافة إلى مسألة قيادتها للسيارة قياسا على اختلائها مع سائق أجنبي..
وهنا يطيب لشدو أن تهنئ الأخ محمد على قوة حظه استدلالا بخروجه من المعمعة سالما رغم الإياب بلا غنيمة، وكل ما أتمناه هو ألا يكون العسل الذي تم اتهامه بدس السم فيه من نوع السدر الذي هو حسبما سمعت أحسن أنواع العسل.
أما جائزة التفوق النسائية فقد حصلت عليها بكل استحقاق الأخت «نبراس العتيبي»، وهي كذلك إحدى رائدات عزيزتي «الجزيرة»، وهنا أرجو ألا يُعتقد إنني «أرد المعروف»، للأخت نبراس حيث إنه قد سبق لها أن تكرمت بإطراء بالغ لشدو على صفحات عزيزتنا العزيزة، ومما يبدو، فالأخت نبراس لم تتوقع أن بضعة سطور مما خطه يراعها سوف تثير عواصف، وتراكم سحبا، فتهطل عليها بمقامات وملاحم من الردود.
وقد حدث لها كل ذلك على إثر تسليطها الضوء على بعض المناطق المعتمة من عالم المعلمات، فتلقت نبراس سيلا من الردود المفندة «بغضب!»، لبعض ما ورد في مقالتها النقدية الأمر الذي أهلها للجائزة الأولى «لأكسب الخاسرين»، من الجنس اللطيف مقدمة من مهر «جان!»، موسم الصيف الصحفي.
في الختام وبشيء من الجدية إليكم بعض النقاط المستخلصة بمعالجة من هذه العجالة، وتتمثل أولاها في أن الفائز والفائزة بجائزتي المكاسب الخاسرة «محمد ونبراس»، هما من ضمن القراء الذين تفتخر بهم جريدة الجزيرة، وبمقدور المتمعن في تجربتيهما أن يستشف بدء تبلور ظاهرة صحفية جميلة بطلتها كالعادة جزيرتنا الأجمل، السخية في منحها أقلام القراء ما تستحقه من مساحات، وبالنيابة عنهم، فالشكر موصول لرئيس تحريرنا «الصبور!»، دائماً، الشكور دوما، الإيجابي أبدا.. أما النقطة الثانية فتنبثق من تجربة الأخ الفوزان المذكورة وتتمثل في تساؤل أين منه الإجابات نصه: إذا كان ما يحدث للقراء فما هو نصيب الكتاب من شبيه ذلك يا ترى..؟! أما آخر نقطة.. وتم اشتقاقها من تجربة القارئة نبراس - فتتمثل في اعتقادي إن من ضمن الأسباب التي أثارت الحفيظة «القرائية!»، على بعض ما ورد في مقالة نبراس من نقاط هو أسلوبها الساخر إلى درجة الإغاظة والأسلوب الساخر- حين يُضحك ويُغيظ في آن - يثير الحفيظة ويستثير التحفظ، وهذا دليل على ما للقول من قوة مفعول وما فيه من عمق مدلول..
|