Monday 29th July,200210896العددالأثنين 19 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مجتمعنا السعودي يتقاسم المشاعر مجتمعنا السعودي يتقاسم المشاعر
د. خليل بن عبدالله الخليل

عاشت الرياض أجواء مليئة بحرارة الحب وصادق الدعاء المخلص ومشاعر المواساة.. على إثر رحيل فقيدين شابين كريمين عزيزين على المملكة وعلى أصدقائها وهما: الأميران احمد بن سلمان بن عبدالعزيز وسلطان بن فيصل بن تركي رحمهما الله وأسكنهما فسيح جناته.
كنت أتابع الصحف واستمع الى الناس في المساجد والمجالس وهم يعيشون مشاعر خاصة. تلك المشاعرالخاصة - في نظري - تعبر عن مجتمع له كنهه وله تركيبته وله نكهته.
إنه «مجتمعنا السعودي» الذي يحب بعضه بصدق ويتعاطف، ويرتبط مع بعضه بتلاحم وتراحم، ويتقاسم الافراح والأتراح بعفوية واسنجام.
إنه مجتمع مترابط يصعب على الآخرين فهمه، ويستحيل عليهم تفكيكه. إنه «منظومة» من الكواكب تسير وفق نظام اجتماعي محكم متين.. ارتضى الدين الاسلامي معتقداً ومنهجاً، واختار «التوحد» شعاراً، والصدق دثاراً والترابط سياجاً.
جموع غفيرة غفيرة.. تواردت على منازل الأمراء والأميرات وعلى رأسها منزل سمو أمير الرياض سلمان بن عبدالعزيز ومنزل سمو الأمير فيصل بن تركي آل عبدالله آل سعود، معزية ومواسية ومعبرة عن مشاعر حب للأميرين الراحلين - رحمهما الله - ولذويهما، كما ان تلك الجموع كذلك كانت تعبر عن مشاعر حب واحترام للأسرة الحاكمة التي هي بدورها تبادل الناس ذلك الحب، بل كانت دائماً سباقة في المناسبات المفرحة والمحزنة، فكم شارك الأمير سلمان وكم شارك الأمير فيصل في مراسيم العزاء أوالأفراح وكم شارك إخوانهما وأبناؤهما واحفادهما في امثال تلك المناسبات التي ليست بالقليلة.
* مقالات وقصائد ومقولات معبرة من فئات مختلفة والحقيقة ان الكثيرين ممن يملكون المعلومات والاحداث عن الأميرين الراحلين - رحمهما الله - لم يتحدثوا ولم يكتبوا لاعتبارات لا تخفى.. فالمجتمع السعودي ليس مجتمع التحدث بكل الاعمال الجليلة، إنه مجتمع البذل ،والعطاء والاخاء بصدق وإخلاص بلا ضوضاء أو دعايات أو ادعاءات.
* اتصالات ومراسلات تواصل ومهاتفات تعبر عن مشاعر النبل والحب والترابط.
* استقبالات لاصدقاء من خارج المملكة ممن ربما يملكون الكثير عن الفقيدين من الذكريات والاحاسيس التي ستبقى في نفوسهم أو ربما يبوحون بها في المجالس المحفوفة بالاخوة والأصدقاء.
* الدعوات المخلصة من الركع والسجد في المساجد والمنازل آخر الليل وبعد الصلوات وأوقات الاستجابة مشارق الوطن ومغاربه وفي البيت العتيق من المؤمنين الصادقين المحبين لله وفي الله.
لقد عشت سويعات في منزل الأمير فيصل بن تركي والد الأمير سلطان الذي توفي في حادث وكان في طريقه قادماً من جدة الى الرياض من أجل الصلاة على ابن خاله الأمير احمد - رحمهما الله - ثم توفي في الحادث وصلى المصلون على الجنازتين ويالها من عبرة. عشت مساء الأربعاء ومساء الخميس ورأيت «المجتمع السعودي» على حقيقته مترابطاً متفاهما يتقاسم المشاعر بعفوية ومصداقية.
أمراء وأصدقاء ومشايخ وكتاب وجيران رأيتهم وقد ارتادوا المنزل في اليومين المتتابعين وربما جاء البعض اليوم الثالث لا أدري وكأنهم يقولون «إنه فقيدنا».
* ، فالحمد لله على ما قضى وقدر.
لقد عرف الأمير سلطان الذي لم تكن الابتسامة تفارقه «نموذجاً للسعودي» الصادق والمسلم الخير والأمير الشهم الذي يحب الخير ويجل الدين ويحترم الناس.
رأيته تحت خيمة عام 1989م وكان أخوه سمو السفير محمد فيصل قد دعا بعض الضيوف من المسلمين الامريكان الذين كانوا في زيارة رسمية للمملكة لتناول وجبة الغداء في البر أيام الربيع، وكان الفقيد حريصا على الضيافة والخدمة والابتسامة لا تفارقه.. ثم رأيته في لوس انجلوس بعد زواجه - أحسن الله عزاء زوجته ووالدته وابنيه خالد وعبدالعزيز والمحبين له ولأسرته - وكانت كذلك الابتسامة لا تفارقه، كان نموذجاً للسعودي المضياف والأمير الشهم والمواطن الشريف الصادق الأنيس الذي عندما تحدثه تحس بأنه لا يفكر في غيرك.
إنه مجتمعنا الذي نحبه ونعتز به، مجتمع الترابط والتلاحم والتفاهم والاخاء وتقاسم المشاعر.
نسينا الارجاف عبر الأثير،ومن خلال المقولات والمقالات، وامتلأت النفوس الزاكية بالدين والمتحلية بالخلق القويم بمشاعر الحب والتعاطف.
رحم الله الأميرين وأفسح لهما ابواب جناته، وأحسن الله عزاء الأبوين والأمين والزوجتين والأبناء والبنات، وأعظم الله لهم الأجر على الصبر والاحتساب، وأحسن الله عزاء الأعمام والإخوان والأصدقاء وأحسن الله عزاء الوطن وهنيئا لمجتمعنا السعودي بالروح المتلاحمة الصادقة.

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved