يظهر لنا التاريخ سير رجال من أعظم الرجال صبراً وتحملاً عند الشدائد.
وكما هو معروف فإن الصبر عند الصدمة الأولى هو الوجه الحقيقي المعبِّر عن صورة الإنسان الداخلية التي تقاس بها قوته وثباته عند الشدائد. وحينما يبتلى أمير وأب مثل سلمان بن عبدالعزيز بفقد ابنه الآخر أحمد بعد مرور العام على فقدان ابنه الاكبر، فلعل في ذلك حكمة إلهية يتفرد بها الله سبحانه وتعالى.
والأمير الأب الإنسان سلمان بن عبدالعزيز أمير الحب والعطاء في الوقت الذي نشاطره أحزانه بفقد أنجاله وهما يمثلان أمانة وردَّت إلى بارئها. فإننا في ذات الوقت نغبطه على الأمر العظيم الذي ينتظره على صبره واحتسابه.
نعم إن الله سبحانه وتعالى قد رصد لعبده المؤمن بيتاً في الجنة يسمى بيت الحمد حينما يبتلى بموت أحد أبنائه ويصبر ويحتسب ذلك عند الله إذاً فنحن نتضرع إلى العلي القدير أن ينعم بهذه البيوت في دار القرار حين يلقى ربه، يوم يجمع الناس فيه ليوم الحساب، ومن ثم الفوز بهذه الدرجات العلى نسأل الله تعالى أن يرزقنا جميعاً الفردوس الأعلى.
وحينما نتحدث عن سلمان.. ذلك الجبل الراسي المتماسك الثابت الذي لا تزعزعه العواصف والصعوبات.. .فإننا نتحدث عن رجل عظيم.. حينما تلقى الخبر مطمئناً ونفسه راضية بقضاء الله وقدره، فها هو يتواصل ليل نهار يمد أياديه البيضاء إلى كل المحتاجين عيناً ترعى حقوق المواطنين، وميزان عدل في الناس أجمعين.
فاهنأ سيدي بهذا الحب العظيم الذي انهال عليك من كل حدب وصوب، تشكلت من خلاله آلاف المعزين لفقد ابنكم الغالي رحمه الله.
نعم إن ما زرعتموه بأيديكم المباركة من أعمال الخير والحكمة والعدل ظهر نتاجه فيكم وامتد إلى ابنائكم الذين يغادر أحدهم ويترجل إلى الآخرة ويقابل ذلك أياد مرفوعة إلى السماء تدعو له بالرحمة.. رحل عنا الأمير الإنسان ولكن بأعماله وسيرته العطرة يعيش بيننا ولن تنساه الآلاف من الذين أحبوه وطالهم فيض عطائه الذي لن يموت..
فنحمد الله على قضائه وقدره.. {إنَّا لٌلَّهٌ وإنَّا إلّيًهٌ رّاجٌعٍونّ}
|