editorial picture

اللقاءات الفلسطينية الإسرائيلية وبناء الثقة

بين الفلسطينيين وإسرائيل أكثر من شأن، فهناك حرب ضروس تدور أحداثها بصفة يومية، وهناك اتصالات بعضها سرية وبعضها علنية، وفي هذه الأخيرة ثمة تفاؤل في نبرة المتفاوضين من الجانبين، وهو تفاؤل لا يعكس على أي حال من الأحوال حقيقة تلك الحرب التي لا تتوقف..
وتخطئ إسرائيل إن هي اعتقدت أنها قادرة ومن خلال تلك الحرب على اخضاع الشعب الفلسطيني، على الرغم من أن بعضاً من قادتها يحلو لهم ترديد ذلك، بل وان بعض العسكريين منهم جرب حقيقة ذلك وأدرك أنه لا سبيل لتركيع الفلسطينيين من خلال البندقية.
وما يدل على قناعة الإسرائيليين بعدم جدوى الحل العسكري هذه المحادثات والاتصالات التي يجرونها مع الفلسطينيين.
وعلى الرغم من أن الاتصالات الجارية لا تتناول عناصر مهمة في التسوية الشاملة إلا انه لا يمكن انكار تأثيراتها فيما يتصل بتهيئة الأجواء لمحادثات تتم في إطار أكبر وتتناول المسائل المهمة الكبرى لكن الأهم في هذه الاتصالات افتراض انها تخلف قدراً من حسن النوايا والثقة المتبادلة، وهي أمور لابد منها لمعالجة الشؤون ذات الأهمية، هذا إذا كانت هناك رغبة حقيقية في بناء مثل تلك الثقة خصوصاً من قبل إسرائيل.
لقد دخل الفلسطينيون إلى هذه المحادثات بعقل مفتوح ورغبة قوية وملحة لإزالة الأوضاع الصعبة التي يعانيها شعبهم وعلى رأسها استمرار الاحتلال واغلاق المناطق والحد من التواصل بين مختلف المناطق والقرى والبلدات، لكن إسرائيل المحتلة استصحبت معها إلى المحادثات عقلية المحتل الذي يحاول فرض شروطه، وبدا ذلك واضحاً عندما تم التطرق إلى مسألة الأموال الفلسطينية التي تحتفظ بها إسرائيل، حيث وافقت إسرائيل على اعادة عشرة بالمائة منها واشترطت أن يتم انفاقها تحت اشراف الولايات المتحدة في إشارة إلى عدم ثقتها بالسلطة الفلسطينية التي تطالب بتغييرها.
وهكذا فإن إسرائيل سرعان ما تعود بمسألة الثقة هذه إلى المربع الأول لتؤكد مجدداً أن أبرز ما بين الفلسطينيين والإسرائيليين هو الحرب وأن التفاوض هو استثناء سرعان ما تغطيه سحب دخان المعارك..


jazirah logo