Tuesday 23rd July,200210890العددالثلاثاء 13 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

شدو شدو
الخيار الثالث!
فارس محمد الغزي

عندما أكون أمام خيارين لا أتردد أبداً في اتخاذ الخيار الثالث»، مقولة معبرة لا أدري متى ولمن قرأتها.. والسؤال استهلالاً: كيف يا ترى يتأتّى الخيار الثالث هذا؟.. كيف يوجد ما ليس له في الأصل وجود، ومتى يتوفر للفرد الخيار الثالث في وقت ليس بحوزته إلا خياران؟
شخصياً أعتقد أن الخيار الثالث هو خيار «اللاخيار»، وقد يوجد حين يكون أحلى الخيارين مرّاً أو حينما يكون الإنسان أمام خيارين كلاهما يقطر «حلاوة» غير أن تحققهما على أرض الواقع هو المحال ذاته إن لم يكن ذلك من المحال أمحل، وربما في غيب الاحتمالات فقد يحل الخيار الثالث أيضاً في حال تجلّي الخيار الأول غاراً وتبلور الخيار الأخير ناراً وفق مضامين عبارة «بين غار ونار» الذي يقابله بالمعنى تمثل الأمريكيين بالقول:«Between a rock and a hard place »
إن الخيار الثالث وإن اكتنفه الغموض وأحاطه الإبهام حقيقة أجلى من الواضح وأوضح من الجليّ شريطة تعطيل الأبصار وتفعيل البصائر ومن ثم السفر تمعناً وتفكراً إلى ما وراء حدود الإدراك غير المحدود، فالخيار الثالث فعل أكثر منه قول.. إجرائي/ تطبيقي أكثر منه نظري..، حقيقي معاش رغم اغترابه المستديم عن الأذهان المغتربة عن التفكير بطوع وخيار..، واقعي رغم انتفاء الإحساس بوقع وقوعه، إنه حي (يسترزق!) في كل مناسبة يصطدم فيها مكان الإنسان بزمانه فيصبح التوهان هنا وهناك خياره الثالث، بل إن الآهة تنهتا ليست إلا خياراً ثالثاً حين يتعطل خيار الكلام ويخون خيار الصمت، كذلك فتجمل الفرد في المواقف غير الجميلة ليس إلا خياراً ثالثاً، وذلك حين يمتنع الفرد عن البكاء، رغم ظروفه الباكية المبكية، حيث تتسع أمام حزنه الآفاق وتضيق على دمعته الحزينة الأحداق. بل إنه لخيار ثالث سؤال الذات للذات عنها! في وقت فيه الذات المسؤولة هي المتسائلة.. إنه الخيار الثالث أيضاً ذلك الأمل الكاذب الذي ركب متنه الشاعر التالي رغم أنف كل اليأس.. رغم موت كل الخيارات بقوله:


لا تقولي «لا» فمكتوب على
وجهك المشرق نوراً «نعم»

كذلك إنه لخيار ثالث ذلك النهج الذي اتخذه قسراً الشاعر الذي نفدت خياراته فلجأ إلى خيار التنصل.. خياره الوحيد.. خياره الثالث «لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم».. لا أعي شيئاً.. لا أفقه أي شيء.. «ما لي دخل في الموضوع»!.. كما يتضح ذلك في قوله:
أيها السامع تدري ما الذي
قلتُه والله لا أدري أنا!
ختاماً ما سلف يمثل أوجهاً أو احتمالات طبيعة الخيار الثالث من وجهة نظر فردية بحتة، عليه فالسؤال الذي ليس لك فيه خيارات هو: ما هو خيارك الثالث حين تموت بين يديك ثنائية.. الخيارات..؟!

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved