Tuesday 23rd July,200210890العددالثلاثاء 13 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
ذو الخلق والدين
عبدالرحمن صالح العشماوي

الربط بين الخلق والدين يدلُّ على أهميتهما معاً في تكوين الإنسان المسلم الواعي الذي تطمئنُّ النفس إلى شخصيته، وإذا انفصل الخلق عن الدين أو الدين عن الخلق في شخصية المسلم فقدت توازنها، وأصبحت شخصية غير مستقرة لا يمكن أن يتحقَّق الاطمئنان إليها وإلى أعمالها ومواقفها. ونحن هنا نتحدَّث عن صفتين مهمَّتين جداً لشخصية المسلم، لا يصح أن نغفل أو تغفل وسائل التربية، ومراكز التعليم والتوجيه عنهما.
وهذا هو المفهوم من وصية الرسول عليه الصلاة والسلام بتزويج مَنْ يُرتَضَى «خلقُه ودينُه»، فإنَّ الرَّبط بينهما في الحديث الشريف دليلٌ على الأهمية القُصْوَى لوجودهما في شخصيَّة المسلم.
كم من رجل متديِّن، تظهر عليه آثار التديُّن في هيئته، وعباداته، يصدم من يتعامل معه بصلافةٍ وجلافةٍ تصيب النفس بالنفور، وتجعل شخصيته مكروهة إلى الناس برغم تديُّنه، ولربما كان السبب في هذا التناقض هو عدم تمكُّن آثار التديُّن من نفسه وقلبه ومشاعره، ولهذا ظلَّ تديُّنه صورة ظاهرةً جميلة، تخفي وراءَها خُلقاً سيِّئاً، وهذا الرجل جدير بأن ينفر منه الناس، وألاَّ يُزوَّج إذا خطب لعدم توافر الشرطين المذكورين.
وكم من رجلٍ دمث الخلق، حسن المجاملة للناس والتعامل معهم، ليِّن الطباع ميسور العشرة، ولكنه غير متديِّن، وهذا - أيضاً - جديرٌ بعدم الاطمئنان إليه، وبألا يُزوّجَ إذا خطب لوجود نقص كبير، وخَلَل عميق في شخصيته ألا وهو تقصيره في دينه، والدين هو الأساس في حياة الإنسان.
صحيح أنَّه أقرب إلى التعامل معه من المتديِّن سيّىء الخلق، خاصةً فيما يتعلَّق بأمور الحياة العامة، والمصالح العملية المشتركة بين الناس، ولكنَّ ذلك لا يعني سلامة شخصيته مهما كانت دماثة خلقه.
هنا معادلة مهمة جداً لابدَّ من السعي إلى تحقيقها في حياتنا الأسرية والاجتماعية، ولابدَّ من تكوينها في شخصيات أبنائنا وبناتنا من خلال التربية في المنزل والمسجد، ومراكز الثقافة، ومن خلال مناهج التعليم في مراحله المختلفة لابدَّ من العمل الجادّ على إزالة آثار التناقُض في الشخصية المسلمة حتى لا تختلَّ مسيرة الحياة.
عندما شكا إليَّ ذلك الرجل من إساءة زوج ابنته إليها وإليه، وعدم إعطائها شيئاً من حقوق الزوجة، والإقدام المستمر على ضربها ولعنها وسبِّها وشتمها، إلى غير ذلك من قائمة التعامُل السيّىء الذي ذكره لي الرجل سألته بعد الاستماع إليه:
هل راعيتَ عندما خطب هذا الزوج ابنتك وصيَّة الرسول صلى الله عليه وسلم الواردة في قوله: «إذا جاءكم من ترتضون خلقه ودينه فزوِّجوه»؟
قال : لا، قلت: إذن فقد كنت أنتَ السبب من حيث لا تشعر قال: لقد خدعنا حينما خطب إليّ ابنتي، وأظهر لنا من لين الجانب وحسن التعامل ما جعلنا نراه زوجاً مناسباً.
قلت: وهل تحرَّيْتَ عنه، وسألت سؤالاً دقيقاً قبل الموافقة؟، قال: أما السؤال فقد سألت، ولكنه لم يكن سؤالاً دقيقاً، ومَنْ سألتُه عنه من جماعته شجعني على تزويجه.
قلت: التحرِّي الدقيق عن الرجل مهمٌّ لمعرفة «الخلق والدين» فهذه وصية سيد المرسلين، وهنا ننادي الناس جميعاً إلى الصدق في النصيحة في مثل هذه المواقف، وعدم الغش وتصوير الإنسان بغير صورته الحقيقية حتى لو كان ابن أحدنا أو أخاه، فالأمانة تستدعي هذا الصِّدق لتحقيق الاستقرار الاجتماعي المنشود.
إشارة


إذا اتقى المرءُ فاحرص أنْ تُصاهره
إنَّ التقيَّ بحبل الله يعتصمُ

 


[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved