عندما نعرف أن من طبيعة فنون الأداء - والمسرح أحدها - هو إضفاء جوٍّ من البهجة والفرحة وكسر الرتابة والملل والروتين الذي عادة ما يتسرب إلى حياتنا، فإننا حينها نقدر الزخم الفني الأدائي الذي يحمله المسرح ويثري به المكان، وينقل به المتلقي إلى حالة وجدانية تشعره بكيانه بوصفه إنساناً يفرح للمنظر السعيد والجميل، ويتفاعل مع القيّم المبثوثة داخل هذا الجميل.
والوصول إلى هذه الحالة من التأثير يحتاج إلى قيم فنية عالية تقوم عليها حقيقة المسرح، وبدونها لا يكون مسرحاً حتى لو امتلأ بالقيّم الأخلاقية!! التي لا تقيم وحدها «مسرحاً» جمالياً ذا تأثير عال، وتصبح وحدها شيئاً آخر غير المسرح كأن تكون مثلا وقفة إرشادية.
والمسرح وهو أحد المظاهر الجمالية للأنشطة الاجتماعية لا ينبغي أن نغيّب مميزاته الجمالية ونحصرها في نطاق ضيق، ونتعامل معه - فقط - كقناة للتلقين الجاف والإلقاء المتكلف، لأنه - والحالة هذه يتوقف دوره ويصبح شيء آخر إلا أن يكون مسرحاً.
إننا قبل أن نضع مشروعاً للمسرح، علينا أولاً أن نضع مشروعاً توعوياً بالقيّم الجمالية للمسرح وفق أطره السامية التي لا تخل بالأخلاق والفضيلة باعتبار الحالة الجمالية أصلاً مهماً لأي فن أدائي. وأساساً - أيضا مهماً.. للارتقاء بالذوق العام.
| 
