على مدى يومين متتالين السبت والأحد «4و 5 من ربيع الأول 1423هـ عقدت في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ندوة حول تقدير عمر المخطوط وموطنه الأصلي وقد دُعي إلى هذه . الندوة الأمين العام لمركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية الدكتور يحيى محمود بن جنيد وكان على رأس المحاضرين الأستاذ الدكتور عباس طشقندي عميد شؤون المكتبات بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة والأستاذ الدكتور عبدالعزيز المشعل الأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والأستاذ الدكتور عابد بن سليمان المشخوى الأستاذ بجامعة الملك سعود . الرياض والأستاذ صالح حجي رئيس قسم المخطوطات بنفس الجامعة والأستاذ عبدالله المنيف رئيس قسم المخطوطات بمكتبة الملك فهد الوطنية أما المحاورون في هذه الندوة فهم لفيف كبير من العاملين في المخطوطات والمهتمين بها. هذا وقد أثار الأستاذ الدكتور يحيى محمود بن جنيد عدة قضايا جديرة بالمناقشة منها تحديد عمر المخطوط ونسبة كل مخطوط إلى موطنه الأصلي. كما أثار الدكتور عباس طشقندي قضايا كثيرة منها أهمية رجوع الباحث أو المحقق إلى نسخ المخطوطة حيثما كانت في أماكنها ودراستها كل على حدة ودراسة الفروق فيما بينها كما تعرض الدكتور عابد المشوخي إلي التزوير في المخطوطات وقدم نماذج موضحة لبعض المخطوطات المزورة. كما تكلم الدكتور مصطفى مشعل عن المخطوطات من خلال خبرته العملية في التعرف عليها والمعايشة معها بخبرة الفاحص المدقق. أما الأستاذ صالح الحجي فقد أوضح بكثير من التفصيل من خلال خبرته الطويلة بالجامعة التي تقرب من ثلاثين سنة في عالم المخطوطات المغربية وصفاتها وسماتها الفنية والمتيزة وقدم نماذج موضحة لها كما بين دور المرأة في نسخ المخطوطات والاهتمام بها في بلدان المغرب العربي أما الأستاذ عبدالله المنيف فقد تحدث عن المخطوطات النجدية وبين سماتها وقدم أمثلة توضيحية لها.
وقد قدم الكثير من المحاورين أسئلتهم واستفساراتهم ومعلوماتهم عن المخطوطات منها منظومة مغربية عن حساب الجمل تختلف عن حساب الجمل المعهود وقدمها الاستاذ عمار تمالت.
وقد انتهت الندوة إلي عدة قرارات هامة منها تكوين لجنة تجتمع كل شهر تمثل مناطق المملكة المختلفة للتباحث في أمور المخطوطات ودراستها وتطور الاهتمام بها والاستفادة من مراجع عديدة تهم المختصين في هذا المجال منها كتب ومراجع العلاقات المائية وطبعها على اسطوانات( سي دي) وعرضها للمهتمين بها.
والحق يقال ان هذه الندوة كانت ناجحة ومتميزة وكنا في أمس الحاجة إليها إلا أنها كانت قصيرة ومضغوطة زمنياً وكان يجب أن تمتد إلى أكثر من يومين وكان من الممكن أيضاً أن تستقطب كثيراً من المهتمين بالمخطوطات على مستوى المملكة والعالمين العربي والإسلامي ونتمنى أن تتكرر مثل هذه الندوات كثيراً ويعد لها الإعداد الجيد ويعلن عنها قبل وقتها بمدة كبيرة ويدعى إليها المسؤولون من الغيورين على التراث العربي والإسلامي وممن وسع الله عليهم في المال للإنفاق على ما ينتج عنها من أفكار ومشاريع نحافظ بها على تراثنا المبعثر في أنحاء العالم والتعرف عليه وامتلاك الكثير منه سواء بالشراء للمخطوطات الأصلية أو على الأقل تصوير هذه المخطوطات الموجودة في المكتبات المختلفة في جميع أنحاء العالم.
وتخضع عملية الشراء للمخطوطات الأصلية إلي عدة اعتبارات ،وذلك من خلال تعاملنا مع ما يقدم إلينا في مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية لشراء هذه المخطوطات واقتنائها.
1 ندرة المخطوط:
وهذه تخضع لما يوجد في حوذة المركز من مخطوطات ومكانة المخطوطة المعروضة للشراء من بينها إلى جانب ندرة هذه المخطوطة بالنسبة لما يوجد في فهارس العالم من مخطوطات وجدير بالذكر أن المركز قام بانشاء قاعدة تسمى «خزانة التراث» يدرج فيها جميع ما في فهارس المخطوطات العالمية تشتمل على معلومات كافية عن المخطوط مثل العنوان، المؤلف، اسم الناسخ، تاريخ النسخ، عدد الأوراق، رقم المخطوط، والمصدر الذي توجه فيه هذه البيانات وقد ادخل في هذه القاعدة بحمد الله أغلب الفهارس العربية والإسلامية والعالمية.
وأما مالم يدخل في هذه القاعدة فيتم التعرف على المخطوطة المعروضة من خلال الفهارس الأصلية التي تزخر بها مكتبة المخطوطات بالمركز.
2 نسخة المؤلف:
تتخذ هذه النسخة أهميتها وتزداد الرغبة في شرائها إذا كانت بخط المؤلف سواءً أكانت مسودة قبل أن يبيضها أو كانت مبيضة.
3 نسخة ابن المصنف أو تلميذه وغالباً ما تستحوذ هذه النسخة على اهتمام المؤلف فيجيزها لابنه أو تلميذه.
4 تأتي بعد ذلك النسخ التي نسخت في عصر مؤلفها أي قبل وفاته وفي حياته وتزداد أهميتها إذا كانت مقابلة على نسخة أخرى أقدم منها أو نسخة المؤلف أو نسخة أحد تلاميذه.
5 ترد أهمية باقي النسخ بعد وفاة المؤلف حسب تاريخ نسخها وأقربه إلى عصر المؤلف.
6 كمال النسخة علاوة على ما سبق فإن كمال النسخة وعدم وجود نقص من أولها أو من آخرها أو منهما معاً أو سقوط بعض أوراق منها كل هذا يزيد في أهمية المخطوط خاصة إذا كانت مقابلة على نسخة أخرى أو مصححة.
7 خلو النسخة من الآفات كالأرضة أو الحرق أو البلل أو الرطوبة أوسوء قص الأوراق من ناحية المجلد أو عدم التصاق الأوراق بعضها ببعض.
8 خلو المخطوط من علامات التزوير. وهناك علامات كثيرة للتزوير ليس هذا مجال الكلام عنها باستفاضة ولكن نوجزها في تزوير تاريخ النسخ وذلك بخط مغاير بخط ناسخ أو بمحواسم الناسخ وتاريخ النسخ ووضع تاريخ أقدم أو وضع اسم ناسخ آخر من مشاهير النساخ أو بتغيير الورق واستبداله بأوراق أقدم من الأوراق المكتوب بها المخطوط. ويدخل في ذلك التزوير في عنوان المخطوط واسم المؤلف والعلامات المائية والخطوط المتوازية وغيرها من أساليب التزوير.
هذا وترتفع قيمة المخطوط المعروض للشراء إذا كانت النسخة نسخة خزائنية كتبت للسلطان أو الحاكم أو الوالي حيث تحظى بكثير من العناية والاهتمام وتحليتها بكثير من الرسوم والزخارف الملونة والمذهبة ويبدو ذلك كثيراً في المصاحف.
وتعلو قيمة المخطوطات المعروضة بالنسبة لقدمها إلى جانب ما سبق من عوامل هامة كما ان العثور على مخطوطات نادرة ولم تدرك في كتب الفهارس المعروفة ولم يطلع عليها أحد من قبل حتى لو حققت نسخ من هذه المخطوطة فقد تأتي بجديد لم يكن موجوداً في النسخ المحققة سابقاً ومن أمثلة ذلك، النسخة التي عثر عليها الدكتور أحمد خان واستعملها في تحقيق كتابه «طبقات القراء».
وفي الختام نشكر جميع القائمين على هذه الندوة وكل من شارك فيها وأعد لها وعلى رأسهم سعادة الأمين العام الدكتور يحيى محمود بن جنيد والله الموفق.
|