في عالم كرة القدم، تذوب القوة تحت أقدام المتعة..
وأمام البرازيل تسقط كل المدارس الكروية العريقة.. هي البرازيل.. لا تحتاج إلى مانشيتات أو عناوين فرح.. في اسمها عنوان الانتصار.. سقط الجميع في مونديال سقوط الكبار.. وبقيت المتعة.. سقطت الكرة الأوروبية.. بجميع سفرائها..فرنسا وإنجلترا وروسيا وإيطاليا..وآخرها ألمانيا.. وسقطت المدرسة الأرجنتينية، في عنفوان قوتها.. وحتى أسود افريقيا «الكاميرون، ونيجيريا»
أصبحت أسوداً أليفة ومروضة.. إلا البرازيل.. كل الأشياء تولد صغيرة ثم تكبر.. إلا البرازيل.. فإنها ولدت امبراطورة على عرش الكرة العالمية.. في البرازيل.. لا مكان للمجاملات ولا التوسلات.. المدرب العالمي سكولاري «المغضوب عليه».. أجبر 170 مليون برازيلي ان يرفعوا قبعات الاحترام له.. بل جعل الرئيس البرازيلي نفسه يعتذر له ويشكره في نفس الوقت.. سكولاري أراد ان يثبت لشعب البرازيل ولجميع جماهير الكرة العالمية.. ان البرازيل ليست رهينة أقدام روماريو.. ولا حتى ذكريات الاسطورة بيلية.. وكان محقاً.. ان في البرازيل 100 مليون بيلية.. وفي البرازيل 100 مليون روماريو و100 مليون رونالدو.. البرازيل في هذا المونديال الغريب، الذي قلب موازين كرة القدم وبرزت فيه الفرق المغمورة.. لم تكن لتحلم بهذه الكأس الكبيرة لولا عودة فارسها والولد المدلل الأول في العالم رونالدو.. البرازيل.. لم تكن لتنتزع كأس العالم لولا استعانتها بالساحر البرازيلي الأول ريفالدو.. ولولا ظهور بيليه الصغير «رونالدينو».. والبرازيل.. لم تكن لتقدر على انتزاع زعامة العالم، لولا حماية الامبراطور الدفاعي «كافو» لها.. ومن خلفه الحارس المتألق «ماركوس»، الذي تفوق على غرور اوليفر كان.. البرازيليون.. لم ينتزعوا عرش الكرة العالمية بالأداء الشمولي، ولا بالتكتيك والخطط المعقدة.. لأن الفرق الأوروبية العريقة، تتفوق على البرازيل في هذا المجال.. ولكنها جميعاً.. سقطت أمام المهارات البرازيلية.. وبقيت المدرسة البرازيلية المستقلة شامخة أمام تعاقب المدارس الكروية المنافسة.. في البرازيل 170 مليون مشجع.. كلهم يحقدون ويكرهون المدرب سكولاري.. بل حتى رئيسهم يكره هذا المدرب.. يا ترى ما هو المبرر لوجود هذا المدرب إذا كان الشعب كله يحقد عليه، بما فيهم الرئيس البرازيلي نفسه..؟! ألم يكن بإمكان الرئيس البرازيلي وبمكالمة واحدة ان يقصي هذا المدرب..؟!
وألن يكون مثل هذا القرار مكسباً شعبياً كبيراً..؟! لكن.. إنها فلسفة احترام النظام..!! وهي بالتأكيد سر النجاح الكبير..؟! إنها فلسفة خاصة.. لا تجيدها ولا تعرفها الدول المتأخرة.. هذه الفلسفة أيضاً هي سر تفوق أبناء الأناضول.. إذا ما علمنا ان جميع الشعب التركي يحقدون على المدرب «جونيش» لأنه لم يضم للقائمة هداف تركيا الكبير «طنجور» وهم يحقدون أيضاً على المهاجم «شكور» وزميله «إلهان».. ورغم ذلك كان المدرب لوحده على حق وأخطأ جميع الشعب التركي.. لأن فلسفة المدرب بعيداً عن مطالب الجمهور صنعت هذا المنتخب اللذيذ.. أليست هذه رسالة لنا..؟!
مفرح عويس الصخابرة - الرياض
|