نوهت صحيفة «هاآرتس»، في افتتاحيتها تحت عنوان:
«أضرار التشريع اليهودي»، بالخط اليميني والديني المتشدد البارز في التشريعات التي أقرها الكنيست مؤخرا بقراءات أولية حيث قالت: بادر أعضاء الكنيست من اليمين ومن الأحزاب الدينية بتأييد من الحكومة.
بطرح أربعة مشاريع قوانين تمس قطاعات كبيرة من الجمهور في إسرائيل _ اثنان منها لا يوجد بينها رابط فعلي لكن تأمل النوايا والتبريرات التي وقفت خلفها تكشف عن الخيط الرابط بينها فمن خلف كواليس كل هذه المشاريع للقوانين تقف نفس المجموعة من الحاخامين ومن اليمين المتطرف ومن «الحريديم»، وكلها موجهة نحو هدف واحد وترتكز على أساس قيمي مماثل فقانون تعديل التوقيت الصيفي جاء ليخفف حسب كلام الوزير «ايلي يشاي»، على معظم الجمهور اليهودي «الصائم»، في يوم «الكيبور»، «الغفران»، ومشروع تعديل قانون «أراضي إسرائيل»، سيسمح بتخصيص أرض للاستيطان اليهودي فقط والتبرير لمشروع قانون تحويل يوم الأحد إلى يوم راحة هو حاجة المحافظين على يوم السبت «الذين لاينتهكون حرمةالسبت ويتقيدون بالتعاليم الدينية في هذا الشأن»، إلى عطلة تعمل فيها كل الخدمات والأشغال لكن مغزاه المستقبلي هو فرض متزايد لقوانين السبت أما أصحاب القانون الذي يحظر بث الأفلام الإباحية في المحطات التليفزيونية التي تعمل بنظام «الكوابل»، أو عن طريق القمر الصناعي فيزعمون حقا أنه ليس دينيا وإنما ثقافي وقيمي وأخلاقي .
وبهذا أيضا جندوا تأييد عضوات كنيست علمانيات لكن مبتكري ومؤيدي هذا التشريع هم الحاخامان «عوفديا يوسف»، «الزعيم الروحي لحزب شاس»، و«مردخاي إلياهو»، و «أفراهام شبيرا»، وبعض حاخامي مجلس مستوطنات الضفة الغربية وغزة واستطردت الصحيفة تقول: إن نفس المشرعين من أعضاء الكنيست أصحاب القانون الأساسي هم الذين عارضوا نقل مسافري رحلة شركة «العال»، التي هوجمت في لوس انجلوس يوم السبت وعدلوا قانون «العودة»، طبقا للشريعة «اليهودية»، ويتبنون قانونا يلزم بإنشاد النشيد القومي في المدارس والحاخامون هم أولئك الذين أصدروا الأوامر بعدم تشغيل العرب ويسعى مثل هذا التشريع إلى فرض نمط حياة أحادي البعد على كل الجمهور طبقا لسلم قيم انعزالي وغير مدني من السهل تسويقه في ظل الظروف الحالية على أنه «يهودي»، ويعمل هذا التشريع على غرار طريقة البؤر الاستيطانية: يحتج أعضاء الكنيست من اليسار ومن الوسط على كل قانون بشكل مستقل مرة بسبب الخوف من الإكراه الديني ومرة بسبب الطابع العنصري لمشروع القانون، أما معظمهم فلا مبالين تجاه هذه الظاهرة ويتبنون في أفضل الأحوال رد فعل واهيا وغير منظم.
إن هذا التشريع يحركه تطلع لإعادة بلورة إسرائيل كدولة أقل مدنية وحريةوأكثر «يهودية»، هذا مع استغلال الخوف والإنهاك الجماهيري من الانشغال بالنزاع مع الفلسطينيين.
واختتمت الصحيفة بقولها: إن نقاط الضعف هذه تخدم كل من يريد تحويل اليهودية من دين وتراث ثقافي وتاريخي إلى أداة لإدارة دولة لكن هذه أداة صدئة ومترهلة.
إن التجربة العالمية تدلنا على أن أي حكم أقلية دينية لا يستطيع أن يدير دولة حديثة ومتطورة ولن تكون حكومة شارون _ بن اليعزر معفاة من مسئولية عدم منع هذه الظاهرة لقد قال القاضي «أهرون باراك»، في تبريراته إلى المحكمة العليا بشأن موضوع مستوطنة «كاتسير»، ضمن أمور أخرى إن الصهيونية الأصلية لم ترد أبدا ومنذ الأزل المساس بحقوق من يوصف في الشريعة اليهودية «غريب ومقيم»، « غير اليهودي»، لكن التشريعات «اليهودية»، الجديدة تضر ليس فقط بالعرب وإنما بقطاعات أخرى إنها تفرغ الصهيونية من مغزاها ومن مشروعيتها. والأكثر من ذلك أنها قد تحول إسرائيل إلى دولة صعبة وممزقة من التدخل ومنبذوة بسبب النفور منها في العالم المتطور.
وضع اقتصادي صعب
وفي جريدة «معريف»، وتحت عنوان : «مصير العاطلين عن العمل»، كتب «يشاي فارياط»، مقالا انتقد فيه عدم اهتمام الحكومة بمشاكل آلاف الإسرائيليين الذين يتم فصلهم من أعمالهم على خلفية الوضع الاقتصادي الصعب حيث قال:
في هذه الأيام تقوم شركتان إسرائيليتان بفصل أكثر من 1500 عامل وهو عدد مهول بكل المقاييس وعلى الرغم من أن مئات الأسر ستظل بلا مورد رزق فإن «عمير بيرتس»، «رئيس «الهستدروت»، _ النقابة العامة للعمال»، لا أثر له كما أن الجمهور العريض في حالة لامبالاة تامة لو أن الأمر كان يتعلق بمشغل حياكة في النقب بالجنوب أو بمصانع صلب في الشمال لكان السيناريو مختلفا تماما لكن إطارات السيارا ت لم تحرق هذه المرة «وسيلة للتعبير عن الاحتجاجات».
ولم تتردد أصوات يأس وحتى الساسة الذين لايفوتون بشكل عام فرصةلإظهار «حساسية اجتماعية»، فضلوا التزام بيوتهم وتفسير ذلك بسيط فالشركتان اللتان تفصلان العمال اسمهما «أمدوكس»، و«كومبرس»، «شركتان تعملان في مجال التقنيات العالية»، ولا يوجد سبب كما هو معروف للإشفاق على عمال «الهاي تك»، فهم يربحون مبالغ خيالية ويركبون سيارات حصلوا عليها من العمل ويسافرون إلى الخارج بمعدل يخجل أية مضيفة طائرة فى شركة «العال»، كما أن الإقالات في مجال «الهاي تك»، ليست مؤلمة بالفعل فهم ببساطة يتركون شركة ما ويلتحقون بلا صعوبة بشركة أخرى بلا إزعاج وبلا اكتئاب واستطرد الكاتب يقول
لكن ثمة مشكلة واحدة فحياة الدعة التي ما تزال تلهب الخيال قد انتهت قبل أكثر من عام فالعمال في الصناعات المتقدمة هم في أغلبهم أناس خائفون يلهجون بالثناء على كل شهر يمر عليهم دون أن يتم استدعاؤهم إلى حديث لتصفية الأمور في قسم شئون الموظفين وتنطق إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء بكل شيء: فقد تقلص عدد الوظائف في فرع خدمات الحاسوب منذ بداية عام 2001 بنسبة مخيفة تبلغ حوالي 20%.
صحيح من الصعب إخفاء التشفي خاصة بعد أن نتذكر العجرفة والنفعية اللتين أدمنهما بعض الأثرياء الجدد لكن جزءا كبيرا منهم الآن يستحق الشفقة على وجه التحديد وثمة سبب آخر لإزالة الابتسامات المهينة هو حقيقة أن أزمة «الهاي تك»، تضرب أيضا بلا هوادة في قطاعات عديدة لا تبدو للوهلة الأولى مرتبطة بهذه الصناعة أما الجدوى الوحيدة التي ظهرت على ما يبدو من أزمة «الهاي تك»، فهي تلاشي خطر أن نتحول إلى دولة واحدة لشعبين: أولئك العاملون في مجال «الهاي تك»، وأولئك الذين لا يعملون فيه فقد أصبحنا في الشهور الماضية أمة واحدة: شعب الإقالات وشعب التقليصات وشعب الأمل في أن تنتهي هذه الأزمة.
|