عزيزتي الجزيرة:
لفت نظري ما كتبه الاستاذ محمد آل الشيخ في مقاله الاسبوعي في العدد «10880» من صحيفتنا الجزيرة تحت عنوان:«الشيخ سلمان العودة والصورة الجديدة» وإن كنت من المتابعين للكثير مما يكتبه الاستاذ من موضوعات الا انني تعجبت كثيراً من قوله معلقاً على صورة الشيخ الجديدة:« ولا شك لدي ان الشيخ - حفظه الله - اراد من صورته الجديدة هذه أن يظهر عالم الدين بمظهر الانسان المبتسم، المتسامح، طلق المحيا، البعيد كل البعد عن التجهم، والانقباض، وتلك النظرات الحادة الغاضبة والمتشنجة التي يصر على أن يظهر بها ومن خلالها بعض علماء الدين والدعاة..» فاشكر للكاتب - مرة اخرى - صراحته ووضوحه الا انني اوضح مسائل ربما تخفى على البعض منها:
- ان الاصل في المسلم ان يتصف بطلاقة المحيا والبشاشة والرحمة واللين، نعم الاصل ان تظهر عليه هذه الصفات، والشاذ ألا تظهر او يتظاهر بها وليست له.
- لا غرابة أن يظهر الشيخ بتلك الصفات فمن يتعامل مع علمائنا ودعاتنا يلمس منهم الاقتداء بالحبيب صلى الله عليه وسلم الذي قال عنه ربنا سبحانه وتعالى:{بٌالًمٍؤًمٌنٌينّ رّءٍوفِ رَّحٌيمِ} وقال بأبي هو وامي عليه الصلاة والسلام:«إنما بعثت لأتمم مكارم الاخلاق» وقال «وتبسمك في وجه اخيك صدقة» وذكر من حقوق المسلم على اخيه «ان تلقى اخاك بوجه طلق» الحديث، وأمرنا إلهنا وخالقنا عز وجل بالتأسي به اذا قال:{لّقّدً كّانّ لّكٍمً فٌي رّسٍولٌ پلَّهٌ أٍسًوّةِ حّسّنّةِ} وقال سبحانه:{وّمّا آتّاكٍمٍ پرَّسٍولٍ فّخٍذٍوهٍ وّمّا نّهّاكٍمً عّنًهٍ فّانتّهٍوا } ومنذ عرفنا علماءنا ومشايخنا ودعاتنا وهذه سجاياهم - هذا ما يظهر لنا ولا نزكي على الله احداً - وهذه الأخلاق العظيمة عن العلماء والائمة هي مما نقلته لنا الاخبار الموثقة عن سلفنا الصالح.
- اما وقول كاتبنا - وفقه الله - ان بعض الدعاة يصرون على التجهم، والانقباض، وتلك النظرات الحادة الغاضبة والمتشنجة.. فأقول ليس من بين دعاتنا من تظهر عليه تلك الصفات، فضلاً أن يصر عليها!!.. الا من شذ عن الاصل والشاذ لا حكم له، ويجب الا نعمم ونشيع سوء السمعة. أليس هؤلاء الدعاة يدعون الى كتاب ربنا القائل للبشير النذير المعصوم:{فّبٌمّا رّحًمّةُ مٌَنّ پلَّهٌ لٌنتّ لّهٍمً وّلّوً كٍنتّ فّظَْا غّلٌيظّ پًقّلًبٌ لانفّضٍَوا مٌنً حّوًلٌكّ} أيعقل ان من يدعو الى الله يصر على مخالفة امره؟
- صحيح هناك قلة ممن تلاحظ عليهم انقباضاً، او عدم لين، لكن هناك كثيراً من الناس يتصور ان كل شباب الصحوة المستقيمين ممن طبق السنة وعمل بما امر الله به اصبح معقداً متجهماً متشنجاً صاحب نظرة غاضبة.
والسبب انه لم يتعامل مع هؤلاء الاخيار ولم يسبق له ان جالسهم وخالطهم، انما سمع من ينقل عنهم اخباراً.
- من وكالة يقولون فصدقها - فأصبح يتحاشى التعامل معهم ومع مرور الايام صدق ما يشاع دون تثبت، فحمل فكرة مغلوطة عنهم.
- اما ما يتكرر في مقالات بعض كتابنا الافاضل «فلان رجل دين» نعم نقرأ هذه العبارة او نسمع بها في مقالات الغرب وكتبهم، مقبولة، اما عندنا نحن المسلمين فكلنا اهل دين سواء العلماء والدعاة او المدعوين.
- وانني أتفق مع الكاتب - وفقه الله - انه على الداعية مراعاة احوال المدعوين عند مخاطبتهم والحوار معهم، وهذا ليس جديداً علينا او مستورداً من علم النفس! بل هو من هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقد ثبت في الصحيح انه اتاه رجل فقال له: ائذن لي في الرني. فقال له البشير النذير الرفيق بالناس صلى الله عليه وسلم:«اترضاه لامك» فقال الرجل: لا فقال الحبيب:« وكذلك الناس، أترضاه لأختك؟» فقال الرجل: لا. فقال:« وكذلك الناس، اترضاه لابنتك»، فقال الرجل: لا فقال:« وكذلك الناس» فمسح على صدره ودعا له. وموقفه بأبي هو وامي صلى الله عليه وسلم مع الاعرابي الذي بال في المسجد، فنهره الصحابة فقال الحبيب:« اتركوه حتى يفرغ، ثم اهريقوا على بوله ذنوباً من ماء» فقال الاعرابي: اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا احداً، فقال له صلى الله عليه وسلم:« لقد تحجرت واسعاً» صحيح مسلم.
وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح، ونسأله سبحانه أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، انه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
عبدالعزيز بن علي العسكر الخرج |