Thursday 18th July,200210885العددالخميس 8 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الأنظمة الإلكترونية بديلاً للميكانيكية .. ووداعاً التلوث الأنظمة الإلكترونية بديلاً للميكانيكية .. ووداعاً التلوث
نموذج أوتونومي يعلن سطوع فجر صناعة السيارات الجديد

  يعتبر أهم تجديد في صناعة السيارات منذ تطبيق هنري فورد مبدأ سلاسل الإنتاج أوائل القرن الماضي، يختصر في كلمة ريك واغونر رئيس مجموعة جنرال موتورز ومديرها التنفيذي الذي قال: بدأنا من سؤال: ماذا نغيّر في صناعة السيارات لو أردنا اختراعها اليوم، وليس قبل قرن من الزمن؟.
ويظهر ذلك مع نموذج أوتونومي (AUTOnomy) الذي يتوقع أن يعيد صياغة صناعة السيارات من أساسها. ففي نموذج أوتونومي الذي عرضته جنرال موتورز في ديترويت أوائل العام الحالي، تعبير عن رؤية جديدة ومختلفة جذريا عما عرفناه حتى اليوم عن صناعة السيارات واستخداماتها وكلفة اقتنائها في العالمين الصناعي والنامي على حد سواء.
القاعدة والأنظمة
أساس نموذج أوتونومي البالغ طوله 46 ،4 متر بعرض 88 ،1 متر مع قاعدة عجلات مقياسها 1 ،3 متر، وأرضية القاعدة بسيطة ميكانيكيا وإلكترونيا، ولا تتضمن أكثر من لوح بسيط يشبه لعبة اللوح الدرّاج (Skateboard)، مع نقاط تثبيت لنظام تعليق ميكانيكي/إلكتروني لكل من العجلات الأربع المجهزة كل منها بمحرك كهربائي دافع، وليس هناك محرك ولا مبرد ولا علبة تروس ولا محاور أو أنابيب ولا أنظمة ميكانيكية أو هيدروليكية للتوجيه أو
الكبح، ولا حتى عادم بالمعنى التقليدي... بل خلايا وقود (cells fuel) تولد الكهرباء من تفاعل الهيدروجين مع الأوكسيجين، وأنظمة إلكترونية تعمل بتلك الطاقة، وكل ما تفرزه خلايا الوقود المضمنة في سماكة القاعدة ماء نقي يمكن استغلاله من جديد.
مشكلة توفير الهيدروجين
ما يزال مصدر توليد الطاقة في خلايا الوقود قيد التجاذب بين الصانعين الكبار.
فالهيدروجين قابل للتخزين مباشرة، لكن بعد تسييله وذلك بتبريده إلى درجة 253 مئوية تحت الصفر، وهذا يحتاج إلى خزانات خاصة ومكلفة في السيارات وفي شبكة التوزيع.
  ويمكن استخراج الهيدروجين من مصادر أخرى مثل البنزين أو الميثانول والغاز الطبيعي وحتى من الماء، لكن هذه العملية تتطلب محولا يسحب الهيدروجين من تلك المواد لتوجيهه إلى خلايا الوقود حيث سيتفاعل مع الأوكسيجين لتوليد الكهرباء، فيركب المحول إما في السيارة ذاتها أو في محطات البنزين الحالية التي يمكنها سحب الهيدروجين من البنزين المخزن لديها قبل توزيعه سائلا مبردا وجاهزا للتحميل في خزانات السيارات المخصصة لذلك.
وهناك أسلوب ثالث لم يبلغ مرحلة متقدمة بعد ويتمثل بتخزين الهيدروجين فيما يسمى بالهدريد «مركب مؤلف من الهيدروجين مع عنصر آخر» في
فجوات القاعدة، فتستغل السماكة لتخزين الهيدروجين ولتركيز معظم الوزن في أسفل البنية للحصول على ثبات استثنائي حتى في القيادة الرياضية الحادة.
آخر أبحاث الهيدروجين
يركز عدد من الأبحاث الحالية على إمكانات تخزين أكبر مقدار ممكن من الهيدروجين مع عنصر آخر يحفظه «غاز الهيدروجين ضئيل الكثافة ويتطلب بالتالي إما تبريده لتكثيفه بتسييله أو دمجه مع عنصر آخر يمنع تسربه»، إضافة إلى الأبحاث الأخرى الجارية في مجالات تحسين أجهزة سحب الهيدروجين من البنزين أو الغاز الطبيعي أو الميثانول، إما لتركيب هذه الأجهزة في السيارة، أو في محطات البنزين أو محطات اخرى مركزية يوزع منها الهيدروجين إلى المحطات في مرحلة تالية.
ويبقى استخراج الهيدروجين وسائل محدودة التلويث أو غير ملوثة إطلاقا، أفضل تلك الوسائل «لكن أغلاها كلفة ايضا» يتمثل في سحب الهيدروجين من الماء بواسطة محطات طاقة شمسية «وهو ما تقترحه بي إم دبليو BMW»، أو أخرى تسحب الهيدروجين من البنزين أو الميثانول، مع إفراز بعض الملوثات «ولو كانت ضئيلة» إما في السيارة ذاتها أو في محطة الطاقة التي ستوزع الهيدروجين.
الإلكترونيات بدلاً من الميكانيكيات
تمثل خلايا الوقود نصف هذه النقلة النوعية أما النصف الآخر فهو القاعدة الدرّاجة مع نقاط توصيل إلكتروني (plug-in ) من نقطة مركزية إلى أجهزة قيادة إلكترونية ( X-by-wire ) طورتها شركة SKF السويدية. لتشغيل المحركات الكهربائية في العجلات الأربع (drive-by-wire)، ونظام التوجيه الإلكتروني (steer-by-wire) والكبح الإلكتروني (brake-by-wire) من دون أية توصيلات ميكانيكية أو
  هيدروليكية، ولا حتى دواسات أو مقود، بل مجرد مقبض تحكم قابل للتحريك في مختلف الاتجاهات، كما في الألعاب الإلكترونية.
لذلك لا يفترض تركيب مقعد السائق في موقع محدد، لأنه يمكن وصل مقبض التشغيل بأي نقطة اتصال إلكتروني plug، تماما مثلما يمكن سحب الكاميرا الرقمية أو الطابعة أو المودم من نقطة الاتصال بجهاز كومبيوتر لوصلها بآخر. حتى تركيب البنية الفوقية لجمعها بالقاعدة الدرّاجة «لتصبح كوبيه أو سيدان أو سيارة ترفيهية رياضية أو مينيفان أو مينيباص»، قابل للتشبيه باتصال كومبيوتر نقال بالوحدة التي تربطه ببقية أجهزة الشبكة. وفي غياب التوصيلات الميكانيكية والهيدروليكية، تحل الإلكترونيات ايضا مشكلة الأعطال المحتملة بخفضها إلى أدنى الدرجات الممكنة، مع بساطة إصلاحها إما بإعادة إدخال البرمجة من جديد، أو بتغيير معالج إلكتروني. كما لا يعود تغييرالسيارة يتطلب تغييرها فعليا، بل استبدال المعالج وبعض الألواح الخارجية مثلا، إن بقي تسعير القطع المذكورة في حدود تقل عن سعر قاعدة جديدة، مع ذلك، تدعو تجربة الكومبيوتر «الاستهلاكي» منذ أكثر من عشرين عاما إلى التحفظ أمام وعود التطوير الجزئي (upgrading)، بتغيير القطعة المعنية «أو الذاكرة أو المعالج» أو بإعادة تحميل نظام التشغيل، لأنه غالبا ما تنتهي العملية بأجزاء متفاوتة السرعات والقدرات وسوء الأداء أو تتعدى الكلفة ثمن كومبيوتر جديد أو قاعدة دراجة جديدة في المثال السيار.
التنوع التصميمي والإنتاجي
بجمع تلك البساطة التصميمية، مع محدودية كلفتها خصوصا مع آفاق التسويق الأكبر في أسواق العالم الثالث التي لا تزال مبيعاتها تشكل قسماً هامشياً جدا من مبيعات أي من الأسواق العالمية الرئيسية، يمكن تصور حصول المستهلك على خيارات هيكلية مختلفة «شراء أو إيجارا على المدى الطويل» يمكن تغييرها خلال عطلة نهاية الاسبوع، لا سيما مع خفة العناصر الهيكلية المتوقعة، ومن دون أي تضحية بوسائل الحماية، فدرجة الثبات ستكون مبدئيا أفضل مما في سيارات اليوم، مع حزام امتصاص للصدمات من مختلف الزوايا، من دون نسيان دور الأجهزة الإلكترونية المتقدمة في منع وقوع الحادث أو لتخفيف أثره في
  اسوأ الحالات، مع أجهزة الرصد المختلفة لوضعيات السيارات المحيطة وسرعاتها والطقس ومعلومات أجهزة الملاحة الإلكترونية التي يفترض بها عندها التنبيه من الشرود عن الطريق أو خط السير القانوني، إضافة إلى أجهزة الإبلاغ الأوتوماتيكي بموقع حصول الحوادث وبحالة كل من الركاب وحاجاته الطبية.
التنفيذ بعد الأبحاث
لا تنحصر الأبحاث المتقدمة بجنرال موتورز وحدها، فمعظم صانعي السيارات والموردين الرئيسيين يشاركون في السباق على طريقتهم، لكن جنرال موتورز التزمت إطلاق نموذج أوتونومي سيار قبل نهاية العام الحالي، وتسويق موديلات مستوحاة تقنيا من المفهوم ذاته في مهلة لم تحدد بدقة بعد «تتوقع خلال عقد من الزمن»، وهو وعد يتطلب أكثر من الجرأة لإطلاقه، لانه يفترض ثقة متينة بإمكانات التنفيذ.
وقد سجلت حتى الآن 324 براءة اختراع في هذا المحيط، ويتوقع التطبيق الإنتاجي أوائل العقد المقبل، بعد مرور صناعة السيارات بمرحلة انتقالية تسمى ميكاترونية Mechatronics، وهي المرحلة الحالية التي تشهد «تعايش» الأنظمة الميكانيكية والهيدروليكية مع الأخرى الإلكترونية، في انتظار تمكن الأخيرة من إزالة الأولى تدريجا.
فهل تكتب جنرال موتورز قريبا الجزء الثاني من تاريخ صناعة السيارات، دافعة سيارة اليوم إلى متاحف الماضي؟

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved