Thursday 18th July,200210885العددالخميس 8 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

مقال في الاقتصاد مقال في الاقتصاد
أعمال خيرية
د. سامي الغمري

يعتقد بعض رجال الأعمال أن الحصول على الربح المادي هو الغاية الأساسية الوحيدة لنشاطهم وأعمالهم الاقتصادية أما المشاركة والمساهمة الفعلية في تنمية المجتمع الذي ينتمي إليه فهو أمر ليس من شأنهم. وأصبح واضحاً أن الشغل الشاغل لأعمالهم يقتصر على تنمية وتدوير رؤوس أموالهم بأكبر عوائد وبأسرع وقت ممكن وتغاضوا سهواً أو عمداً عن تقديم أي نوع من الخدمات الاجتماعية لمواطنيهم. إلا أن ليس مجرد الحصول على الربح والتركيز على تقديم احتياجات السكان من السلع والخدمات من المهام الأساسية للأنشطة الاقتصادية.
ولكن هناك مجالات متنوعة لخدمة المجتمع يفترض ان يأخذوا بعين الاعتبار بها كمسؤوليات وطنية لا تقل في مستواها عن جباية أموال المستهلكين، فيستطيع مثلاً رجل الأعمال ان يشارك بدور مباشر في انتعاش المنظومة الاقتصادية الوطنية من خلال التصدير وتسويق المنتجات المحلية إلى الخارج. ويستطيع كذلك أن يتعدى ويتجاوز الحد المادي إلى آفاق المشاركة الاجتماعية التي تصل إلى أبعاد انسانية تتطلب منه التعاون فيها، ولا ننسى أن المملكة وقفت ولا تزال إلى جانب القطاع الخاص في مساعدته والنهوض به في السوق المحلي والعالمي لإثبات دوره كأحد الأعمدة الرئيسية في الاقتصاد الوطني. وقدمت بسخاء كل الامكانيات لمؤازرته وحمايته ايماناً منها بأن يقدم بدوره المشاركة كواجب وولاء منه وليس تبرعاً ولا منة كيف ومتى شاء. ونعرف أن ليس بوسع المتردد أن ينمي رأسماله وعوائده المالية في ظل غياب البعد الوطني الاجتماعي فهو جزء لا يتجزأ منه. ولا يوجد شعور ايجابي ينجز الاعمال بقدر الشعور بالتلاحم والانتماء. ويتوق المستثمر إلى الشعور برابطة تشده إلى مكان نشاطه فيصبح هذا المكان أكثر من مجرد مورد رزق. هذه الرابطة لا تنمو أو توثق عراها إلا بالاتصال بالمجتمع والتفاعل معه عن قرب. وقد نتساءل لماذا تتعثر بعض الأعمال التجارية في تنفيذ خططها؟ وتتراجع حيث كان يجب أن تتقدم؟ إنها هجرة المشاركة الاجتماعية وافتقارها. فسر نجاح الشركات البارزة هو ببساطة في أن القائمين عليها يبذلون جهداً أكبر في اضفاء قيمة ولمسة جمالية على أعمالهم التجارية. وينتج عن المجموع الكلي لهذه الأعمال الخيرية مضاعفة انتاجية وربحية وما نقص مال من صدقة. وفي الواقع لا تمثل طاقة خدمة المجتمع سوى البداية لمزيد من النجاح ذلك ان التطبيق الواعي لكل هذه القيم الإنسانية يحسن من جودة أي عمل ويبارك فيه. ويظن بعض رجال الأعمال ان التعاون والمشاركة مثاليات مرغوبة ولكن تطبيقها صعب. والحقيقة غير ذلك فكلنا يعمل قيماً انسانية متعددة في أعمال خيرة كثيرة كل ساعة وكل يوم في البيت وفي العمل. ونحن نفعل ذلك حتى نتأكد أن أعمالنا قد تمت بما يرضي الله سبحانه وتعالى. ويقال ان أحد البخلاء بعد أن قضى عمره في جمع ثروته اراد ألا يفرط بأي قرش منها فباع كل ما يملك واشترى به سبيكة من الذهب الخالص. خبأ البخيل السبيكة في مكان سري وكان يتردد عليها من حين لآخر ليطمئن على بقائها.وذات يوم عرف أحد الخدم مكان الذهب فاشترى سبيكة مشابهة من النحاس ووضعها مكان سبيكة الذهب. وعندما جاء البخيل ليطمئن على الذهب لم يفطن للفرق بين السبيكتين وظل على هذه الحالة حتى مات تاركاً المعدن المزيف لورثته. ونقصد أن القيمة الحقيقة للنقود لا تكمن في استخدامها وتدويرها واكتنازها واحكام الرقابة عليه بل في قيمة نفعها على المجتمع ومشاركته في افراحه وأتراحه.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved