Wednesday 17th July,200210884العددالاربعاء 7 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

ضرب العراق سيتحقق عاجلا أم آجلا ضرب العراق سيتحقق عاجلا أم آجلا
واشنطن لا يهمها الرأي العالمي ولا العربي

* موسكو- خدمة الجزيرة الصحفية:
مع اقتراب الغزو الأمريكي للعراق تحاول الدبلوماسية الروسية حشد رأي عام دولي مناوئ للضربة المحتملة باعتبارها انتهاكا لأهم مبادئ القانون الدولي وإنهاء لما يسمى ب «دور الأمم المتحدة» وتكريسا لواقع جديد يفرض فيه الطرف الأقوى آراءه وتصوراته على بقية الأطراف، إلا أن الموقف الروسي سيبقى في إطار البلاغة الدبلوماسية-الدعائية ولن يترتب عليه أي شيء،إذا ما قررت الولايات المتحدة المضي قدما في تحقيق أغراضها المعلنة، فموسكو لن تفسد علاقاتها مع واشنطن من أجل بغداد ولن تقدم على أي موقف يمكن أن يعرقل عمليا تنفيذ المخطط الأمريكي، فمن الصعب جدا أن تعطل القيادة الروسية إلغاء عقوبات فينيك- جاكسون التي لا تزال سارية منذ عام 1974، والتي وعد الرئيس بوش «شخصيا» أنه سيعمل على إلغائها (في تلميح واضح إلى أن ذلك سيكون في مقابل التفكير الجيد فى اتخاذ أية خطوة ضد أي مخطط أمريكي، وليس فقط السماح لجميع اليهود الروس المتبقين بالسفر إلى إسرائيل)، ومن الصعب أيضا أن تتنازل روسيا عن الخطوات التي قطعتها تجاه الاتحاد الأوروبي والناتو ومجموعة الثماني، إذ انه من الواضح أن جميع هذه «المكاسب» مرتبطة تماما بمواقف روسيا تجاه تصرفات واشنطن والناتو معا.
في هذا السياق صرح وزير الخارجية الروسي إيجور إيفانوف مؤخرا بأن روسيا سوف تتفادى تعقيد العلاقات الروسية-الأمريكية في حال إذا كانت الضربة حتمية، وسوف تتصرف موسكو على ضوء الوضع القائم، وكان هذا الرد على سؤال بمدى إمكانية تعقد الأوضاع في حال نفذت واشنطن الضربة العسكرية للعراق، فموسكو تواجه مأزقا حقيقيا، أنها من جهة تمتلك مصالح كبيرة في العراق، ومن جهة أخرى على علاقات قوية مع واشنطن.
إلى فترة قريبة ماضية كانت الدبلوماسية الروسية تؤكد أن التصريحات الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية محتملة للعراق، نوع من الحرب النفسية بهدف الضغط على بغداد، إلا أن اللهجة تغيرت في موسكو في الأيام الأخيرة، وخاصة بعد تسريب عدة روايات عن احتمالات الغزو التي دعمها أخيرا الرئيس جورج بوش بإعلانه الصريح عن نيته الإطاحة بالنظام العراقي عسكريا، ويرى المحللون الروس أن الأمريكيين لا يعرفون حقيقة الأوضاع في العراق ولا يقدرون ما سوف يترتب على الضربة عراقيا وعربيا وإقليميا، وهم يشيرون إلى أن العراق يختلف تماما عن أفغانستان ولا يوجد فيه نظير لتحالف الشمال الذي حارب بالاشتراك مع الأمريكيين أو بالنيابة عنهم لإسقاط حركة طالبان، وبالطبع، فإن عين روسيا على مصالحها.
فهي تخشى أن يؤدي تغيير النظام في بغداد إلى وقف التبادل التجاري الذي يصل حاليا إلى حوالي ملياري دولار سنويا وإلى تعطيل برنامج التعاون طويل الأمد
الذي سيوقّع قريبا، ويتضمن مشاريع قيمتها الإجمالية أكثر من 45 مليار دولار، تنفذ في غضون عشر سنوات، ناهيك بأن اندلاع الحرب سوف يرجئ أو يلغي آمال موسكو في استعادة ديون على بغداد قيمتها 6 مليارات دولار، وبهدف تفادي الضربة ومايترتب عليها من تكاليف باهظة، تعمل موسكو على إقناع بغداد بالموافقة على عودة مفتشي الأمم المتحدة.
وبشأن موافقة بغداد على دخول لجنة التفتيش، يؤكد الخبراء الروس أن المهمة الأساسية تتمثل في خلط الأوراق على الأمريكيين ونزع كل الذرائع منهم وجعلهم في عزلة عربية ودولية في حال أصروا على تنفيذ مخططات عسكرية، وبالتوازي مع ذلك، تسعى روسيا لإقناع الولايات المتحدة بأن العمل العسكري مفتوح على احتمالات عديدة، من بينها زعزعة الاستقرار الإقليمي وتعرض مواقع الولايات في المنطقة إلى الخطر، إلا أن ما يقوله المحللون الروس مجرد توقعات تندرج تحت إطار ما يطلق عليه ب«القانون الدولي» و«الرأي العام العالمي» و«الرأي العام الشعبي» وهي الأمور الثلاثة التي تثبت تصرفات واشنطن يوما بعد يوم أنها قد شطبتها من قاموسها، فهل التفتت الولايات المتحدة يوما إلى الرأي العام في أية دولة عموما، وفى أية دولة عربية على وجه الخصوص؟
بوش يواصل قضية والده:
في أولى ردود الأفعال الروسية على تصريحات الرئيس الأمريكي جورج بوش بشأن الحرب العالمية على الإرهاب وعزم الولايات المتحدة على إزاحة الرئيس العراقي صدام حسين عن السلطة بأي ثمن وبكل الوسائل الممكنة أعلن رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفدرالية (المجلس الأعلى للبرلمان الروسي) ميخائيل مرجيلوف أنه ليس هناك الدعم الضروري لكي تقوم الولايات المتحدة بعمليتها العسكرية ضد العراق، وأضاف بأن التصريحات الجديدة لا تتضمن شيئا جديدا مبدئيا، ورأى مرجيلوف أن جورج بوش الابن يواصل قضية والده ولربما قيض لخططه أن تتحقق عاجلا أم آجلا، غير أن السيناتور الروسي قال في الوقت نفسه إن عملية عسكرية ضد العراق لن تكون أبدا عملية ضد القاعدة في أفغانستان، ففي الحالة الأخيرة كان ثمة تفويض للولايات المتحدة من مجلس الأمن الدولي ومساندة من جانب التحالف الدولي المناهض للإرهاب وعدم رفض من قبل الأنظمة العربية وتضامن مطلق بين أطراف النخبة السياسية الأمريكية حول خطة الثأر، واستنتج مرجيلوف أن كل هذا لا يتوفر اليوم للإدارة الأمريكية، فعلى الرغم من أن الأمين العام للأمم المتحدة كوفي أنان أعرب عن خيبة أمله من نتائج المشاورات الأخيرة مع ممثلي العراق، لا يبدو أبدا أن الأمم المتحدة جاهزة للتأكيد على مفاوضات استئناف بعثة المفتشين الدوليين مجددا، إضافة إلى أن حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين يواصلون عموما المطالبة بتدابير تأثير سياسية ودبلوماسية على العراق، وهذا حسب رأي مرجيلوف، شدد عليه وأكده في موسكو مؤخرا وزير الخارجية الفرنسي.كما أن بلدان الشرق الأوسط بعيدة جدا عن أن تساند فكرة استخدام القوة لإزاحة القيادة العراقية، وذكر مرجيلوف بأن هذا الأمر تدل عليه خاصة نتائج المحادثات الأخيرة في موسكو مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، فالاعتقاد السائد سواء في العالم العربي، أو في روسيا، هو أن تدابير كهذه سوف تؤدي إلى توتير الأوضاع المتوترة أصلا في المنطقة، ومع ذلك فالتنوع في مواقف الدول الأوروبية. والتصريحات الشكلية للحكومات العربية، وموقف روسيا - كلها تصب في إطار نحن ضد الحل العسكري للأزمة العراقية، ولكن ماذا يمكن أن نفعل إذا قامت واشنطن بضرب العراق.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved