* رام الله - نائل نخلة:
منذ سنوات طويلة، تستخدم قوات الاحتلال الإسرائيلي سياسة الاعتقال الإداري بحق المواطنين الفلسطينيين الذين لا تثبت بحقهم أي تهمة أو لا تكون هناك نية لتقديمهم لمحاكمة وهي وسيلة للالتفاف على نظام العدالة المكفول للإنسان قانوناً وعدالة.
الاعتقال الإداري: هو إجراء يحتجز الشخص بموجبه دون محاكمة يتولى اصدار هذه الأوامر في الأراضي الفلسطينية المحتلة القادة العسكريون الإسرائيليون باستثناء القدس الشرقية التي أعلنت إسرائيل عن ضمها عام 1967م حيث يصدر تلك الأوامر وزير الدفاع الإسرائيلي.
وتحدد في أمر الاعتقال فترة احتجاز الشخص المعتقل، ومنذ شباط عام 1995م تم تمديد فترة الاعتقال الإداري ليصل حدها الأقصى سنة كاملة، وكثير ما يجدد أمر الاعتقال عند انقضاء هذه المدة أو قبل انتهائها ويمكن أن تستمر هذه العملية إلى أجل غير مسمى.
وفي الأراضي المحتلة لا يمثل المعتقل في جلسة أمام أحد القضاة الا اذا كان أمر الاعتقال لمدة تزيد عن ستة أشهر اما اذا كان امر الاعتقال لمدة ستة اشهر أو اقل فتحدد دون عرض المعتقل على أحد القضاة وقد وصل عدد المعتقلين الإداريين لأكثر من 15000 معتقل إداري في الانتفاضة الأولى.
وبعد توقيع اتفاقيات السلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في عامي 1993م - 1995م أطلق سراح كثير من المعتقلين وخلال انتفاضة الاقصى عاودت إسرائيل العمل بهذه السياسة وبشكل كبير حيث ازداد هذا العدد من 3 معتقلين في نهاية عام 2000م إلى 54 معتقلاً ادارياً قبل عملية الاجتياح الأخيرة لأراضي السلطة الوطنية الفلسطينية.
وخلال فترة الاجتياح فتح قوات الاحتلال معسكرات اعتقال جديدة مثل معسكر عوفر غربي مدينة رام الله، ومعسكر حوارة جنوبي مدينة نابلس، واعادت فتح معتقل انصار «3»، في صحراء النقب بعد اغلاقه في اعقاب اطلاق الاف المعتقلين الفلسطينيين وفق اتفاق اوسلو عام 1993م، وذلك لحجز آلاف من المواطنين الفلسطينيين الذين تم اعتقالهم دون توجيه أي تهم لهم، ودخول المئات منهم للاعتقال الإداري لعدم توفر أي أدلة تثبت إدانتهم أو تورطهم بأية أعمال جنائية.
إن استخدام اجراء الاعتقال الإداري مجدداً يعد انتهاكاً فاضحاً لحقوق الإنسان الاساسية، ما لم توجه إحدى التهم الجنائية المتعارف عليها ويتم تقديمهم للمحاكمة العادلة خلال فترة زمنية محددة كما نصت المادة «9»، من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية كما لا يجوز حرمان أحد من حريته إلا على أساس من القانون وطبقا للإجراءات المقررة فيه «الفقرة أ»، ويجب إبلاغ كل من يقبض عليه بأسباب ذلك عند حدوثه «الفقرة 2»، كما يحق لكل من يحرم من حريته نتيجة القاء القبض أو احتجازه مباشرة الإجراءات أمام محكمة لها سلطة الفصل دون ابطاء من قانونية احتجازه والأمر بالإفراج عنه إذا كان الاحتجاز غير قانوني «الفقرة 4»، وتنطبق هذه النصوص على كل من يحرم من حريته نتيجة القاء القبض أو احتجاز وهذا ينطبق تماماً على المعتقلين إدارياً.
وقد صدقت إسرائيل على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عام 1991م، ولكنها تراجعت عن تنفيذ الالتزامات المنصوص عليها في المادة «9»، وتقول حول ذلك بأن الدولة تعيش في حالة طوارئ معلنة منذ إنشائها عام 1948م، ولكن من المعروف أن الحق في محاكمة عادلة يعد من الحقوق التي لا يجوز الانتقاص منها، خلال المنازعات المسلحة داخل البلد نفسه أو بينه وبين دولة أخرى، وفقا لما نصت عليه اتفاقيات جنيف لعام 1949م والبروتوكولات الملحقة بها، ورغم أن العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ينص على جواز التحلل من الالتزامات الواردة في المادة «9»، وفق المادة «4»، من الإعلان إذا كانت الدولة في حالة طوارئ، إلا انها وضعت قيودا على ذلك التحلل إذ ان الحق في محاكمة عادلة هو حق أساسي، ينبغي ضمانه وصونه في كل الأوقات.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن المادة الرابعة من الإعلان العالمي الفقرة «2»، لا تجيز مخالفة أحكام المواد «16 ،11، 8، 7، 6، 18»، منه التي بمجموعها تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الإنسانية أو الحاطة بالكرامة.
كما نصت المادة «9»، من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أنه لا يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو منعه تعسفاً ولكن استمرت إسرائيل في سياستها في اعتقال الآلاف وتحويل المئات منهم إلى الاعتقال الإداري.
وتستند أوامر الاعتقال الإداري إلى الفقرتين «أ»، و«ب»، من المادة «87»، من الأمر العسكري رقم «378»، لسنة «1970م».
وتتضمن الفقرة الأولى على أنه «إذا كان لقائد المنطقة -العسكري- أسباب تتعلق بأمن المنطقة أو سلامة الجمهور تستوجب حجز شخص معين معتقل فيجوز بأمر موقع بإمضائه أن يأمر باعتقال ذلك الشخص للمدة المذكورة في الأمر على أن لا تزيد عن ستة أشهر- عدل إلى مدة سنة-».
وأما الفقرة الثانية فتنص على انه: إذا كان لقائد المنطقة أساس يدعو إلى الاعتقاد عشية انتهاء مفعول الأمر الصادر منه حسب الفقرة «أ»، - فيما يلي الإعتقال الأصلي- أن أسباباً تتعلق- بأمن المنطقة أو سلامة الجمهور مازالت تستوجب حجز الشخص المعتقل في المعتقل فيجوز بأمر موقع بإمضائه أن يأمر من حين إلى آخر بتمديد مفعول أمر الاعتقال الأصلي لمدة لا تزيد عن ستة أشهر، ويعتبر أمر التمديد لكل غاية في حكم أمر الاعتقال الأصلي.
وقد وصل عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال إلى 1700 معتقل إداري وإذا ما استمرت سلطات الاحتلال في سياستها الحالية فقد يرتفع العدد خلال الاسابيع القادمة إلى الفي معتقل حسب ما أفادت به جمعية القانون.
وأوضحت جمعية القانون انه ومن خلال المتابعة والرصد لتطبيق سياسة الاعتقال الإداري تبين أن سلطات الاحتلال تواصل إجراءاتها التعسفية بحق المعتقلين الفلسطينيين وخصوصاً المعتقلين الإداريين منهم.
حيث أكد محامو الجمعية أن سلطات الاحتلال تجدد الاعتقال الإداري، وبشكل عشوائي وبحجج واهية، في مقدمتها الإدعاء بأن هناك معلومات سرية في ملف المعتقل، ولا تسمح لا للمعتقل ولا لمحاميه بالاطلاع عليها.
وأكد محامي جمعية «القانون»، جواد عماوي، أن الوضع العام للاعتقال الإداري في تدهور مستمر حيث ان عدد المعتقلين في ازدياد دائم. ومن الجدير بالذكر أن عدد المعتقلين إداريا في سجون الإحتلال كان قبل بداية الانتفاضة بتاريخ 28/9/2000م تسعة معتقلين فقط.
واشار محامي جمعية «القانون»، إلى انه ومن خلال متابعة قضية المعتقلين إدارياً، لاحظ أن أكثر من 99% من المعتقلين من مخيم جنين ومدينة نابلس تم تجديد اعتقالهم الإداري، ولمدة ستة شهور بدلا من ثلاثة شهور كما كان في السابق، وتتم عملية التجديد بشكل عشوائي حيث ان المحكمة الإسرائيلية وخصوصاً القاضي «اوريان اجاسي»، تحديدا اصبح يعطي قرارات التمديد بمبررات واهية، ومن خلال التدقيق بهذه القرارات تجد أنها بنفس الصيغة ماعدا تغير اسم المعتقل.
ويحتوي قرار الاعتقال أو التجديد ذات العبارة دائما، حيث يدعي القاضي أن لديه مادة سرية «مادة مخابراتية صادقة»، وانه اقتنع أن لدى المعتقل نشاطاً عسكرياً.
وأضاف محامي الجمعية أن حجم التجديد في الاعتقال الإداري كبير جداً، وكذلك عدد المعتقلين في زيادة دائمة، وكذلك من المتوقع أن يتم نقل كافة المعتقلين إداريا من معتقل معسكر عوفر إلى معتقل أنصار «3»، وبذلك تصبح جلسات الرقابة القضائية في النقب، الأمر الذي سوف يضع العديد من الصعوبات والعراقيل أمام عمل المحامين في متابعة قضايا المعتقلين إدارياً.
وأكد المحامي عماوي أنه وبسبب ممارسات سلطات الاحتلال التي تم ذكرها آنفا، هناك العديد من الرسائل من المعتقلين تطالب بوقف الصفقات في الاعتقال الإداري وفي الاستئناف، وتطالب هذه الرسائل بمقاطعة المحاكم العسكرية الإدارية حتى لا يتم اضفاء الشرعية عليها، على أن يتم العمل من اجل مواجهة هذه الممارسات من خلال مؤسسات حقوق الإنسان المحلية والدولية.
وبحسب القانون فإن سياسة الاعتقال الإداري التي تنتهجها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد المعتقلين الفلسطينيين هي سياسة مخالفة بشكل صريح للقوانين والأعراف الدولية وخاصة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان وللعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، ولاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين وقت الحرب لعام 1949م.
وترى القانون إن استخدام هذه السياسة لا يعدو كونه إجراء عقابياً ضد المدنيين الفلسطينيين الذين لا تثبت إدانتهم أو توجيه أي اتهام ضدهم.
وتطالب القانون بإطلاق سراح كافة المعتقلين الإداريين من سجون الاحتلال الإسرائيلي فوراً ووقف العمل بسياسة الاعتقال الإداري.
ومن جانب آخر انتقد نائب رئيس معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية البروفيسور أناتولي يغورين أمس الضغوط المتزايدة التي تمارسها واشنطن على السلطة الفلسطينية بحجة ارغامها على القبول بإجراء اصلاحات سياسية واسعة في المجتمع الفلسطيني.
وأوضح يغورين في تصريحات لوكالة «ريا نوفستي» الروسية أن اسرائيل تسعى لتشويه سمعة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات.
وقال ان روسيا والكثيرين من حلفاء واشنطن لا يتفقون مع مسعى الادارة الأمريكية إلى الاطاحة بالرئيس الفلسطيني.
وأكد المستشرق الروسى أن تطبيق الدستور الفلسطيني خطوة نحو تحقيق الاستقرار في مناطق السلطة الفلسطينية ونحو اقامة الدولة الفلسطينية الديموقراطية وهوما يمهد لاحلال السلام في المنطقة.
|