Sunday 14th July,200210881العددالأحد 4 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

كيف يفكر الإسرائيليون ؟ كيف يفكر الإسرائيليون ؟

حول مشروع القانون العنصري الذي وافقت الحكومة الإسرائيلية على تأييده، والذي يخول الوكالة اليهودية تخصيص أراض لإقامة تجمعات سكنية يهودية خالصة فقط. كتبت صحيفة «هاآرتس»، في افتتاحيتها بعنوان: «مشروع قانون عنصري»، تقول: استهدف قرار الحكومة الذي أيد مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست «حييم درو كمان»، «من الحزب الديني القومي _ المفدال»،. تخويل الوكالة اليهودية تخصيص أراض تابعة للدولة لإقامة تجمعات سكنية يهودية فقط. فقد وافقت الحكومة على اعتراض قدمته وزيرة التعليم «ليمور لفنات»، وزيرة عنصرية وصهيونية تنتمي إلى حزب الليكود على قرار اللجنة الوزارية للتشريع التي عارضت المشروع رئيس اللجنة، وزير العدل، عارض المشروع لكنه اكتفى بالامتناع عن التصويت خلال جلسة الحكومة.
أما وزراء حزب العمل باستثناء الوزير «إفرايم سنيه»، الذي عارض المشروع فلم يشتركوا في جلسة الحكومة وقت التصديق على مشروع القانون ولم يسمع لهم أحد صوتا ومشروع القانون هذاالذي يأتي لتعديل قانون أساس قانون أراضي الدولة وقانون وضع الهستدروت الصهيونية العالمية والوكالة اليهودية اللذين جاءا نتيجة لقرار محكمة العدل العليا عندما لجأ إليها كل من إيمان وعادل قعدان. اللذين أرادا الإقامة في مستوطنة «كاتسير»، وكانت محكمة العدل العليا قد قضت بأغلبية أربعة قضاة ضد واحد بأنه: لا ينبغي للدولة أن تميز في تخصيص أراضيها بين اليهود والعرب. حتى لو تم ذلك بشكل غير مباشر، من خلال الوكالة اليهودية واستند قرار محكمة العدل العليا الذي نطق به رئيس المحكمة القاضي «أهرونباراك»، في الأساس على قيمة المساواة المضمونة لجميع مواطني الدولة في إعلان «الاستقلال»، الذي يحظر التمييز على أساس العنصر أو الدين أو الجنس ولم ترفض المحكمة العليا في قرارها إمكانية تخصيص أراض لتجمعات سكنية ذات طابع خاص مثل تجمعات للمدنيين أو «الحريديم»، «الدينيين المتشددين ذوي السلوك الحياتي الخاص»، على سبيل المثال وصدقت حتى على قرار سابق سمح بإقامة تجمع سكني للبدو فقط على خلفية تراثهم إلى جانب ذلك رفضت إمكانية تخصيص أراضي الدولة لليهود فقط كونها تتعارض مع المبادىء الأساسية للديمقراطية الإسرائيلية التي تعتبر المساواة مبدأ ذا وزن كبير وقد صدر الحكم في ظل واقع يتم فيه تخصيص أراضي الدولة لليهود فقط واستطردت «هاآرتس»، تقول: وينص مشروع القانون على أن تخصيص أرض للاستيطان اليهودي فقط يتم بتصديق من وزير الدفاع فقط إذا ما اتضح أن الأمر «مرغوب لأسباب أمنية»، أو إذا أكد الوزراء المسئولون عن تنفيذ القانون بأن الأمر مطلوب للحفاظ على طابع المستوطنات القائمة على نمط حياة فكري أو طائفي متماسك والمقترن بتعاون المستوطنين.
وقد صيغت هذه الصياغات الملتوية بهدف تخفيف المعارضة لمشروع القانون لكنها تكشف أن الغرض الحقيقي للتشريع هو منع مواطني الدولة من غير اليهود من الإقامة في أماكن معينة انطلاقا من خرق حقوق أساسية للمواطن.
واختتمت «هاآرتس»، مقالها بالقول : وإذا دخل مشروع القانون سفر القوانين فسيكون إعلانا فاضحا بتقوض فعلي للديمقراطية الإسرائيلية فالمساواة في الحقوق المدنية لا تتناقض مع كون دولة إسرائيل «يهودية ديمقراطية»، والإشكالية التي في هذا القانون ليست في كونه «قانونا يلتف على قرارات محكمة العدل العليا»، وإنما في كونه قانونا يلتف على الديمقراطية بسبب مضمونه العنصري الذي يميز بين الأفراد لقد وافقت الحكومة على مشروع القانون ولكن بشرط أن ينسق أعضاء الكنيست الذين اقترحوه تعديلات في مسودة القانون مع سكرتيرالحكومة المحامي «جدعون سعر»، ومن الممكن أن تستخدم الحكومة هذا الشرط حجة للتراجع عن موقفها العنصري الذي تبنته.
إن الفائدة العملية لهذا القانون المقترح في نظر المبادرين به لا تساوي البقعة السوداء التي ستلطخ المجتمع الإسرائيلي برمته.
عنصرية قانونية
وحول نفس الموضوع أيضا كتب البروفيسور «ايال جروس»، أستاذ القانون الدستوري والدولي بجامعة تل أبيب مقالا بجريدة «يديعوت أحرونوت»، تحت عنوان: «عنصرية قانونية»، ورد فيه: جاء مشروع القانون الذي يستهدف السماح باقامة تجمعات سكنية يهودية فقط في أعقاب الحكم الذي أصدرته محكمة العدل العليا قبل سنتين بناء على الدعوى المقدمة من أسرة «قعدان»التي أرادت شراء بيت في مستوطنة «كاتسير».
وقد أعرب القاضي «أهرون باراك»، رئيس المحكمة خلال أحد النقاشات أن الأمر يتعلق بأحد الملفات الصعبة التي واجهته لكن الحكم في نهاية الأمر كان بسيطا لا تستطيع الدولة أن تميز في عملية تخصيص الموارد سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وعليه فإنها لا تستطيع أن تميز عن طريق تخصيص أرض للوكالة اليهودية التي تبيع الأراضي لليهود فقط.
وقد جزم القاضي «باراك»، بأن الأمر لا ينبع فقط من أن إسرائيل هى دولة ديمقراطية وإنما أيضا من كونها دولة يهودية، لهذاالسبب بالذات لايمكن تمييز من هو غير يهودي.
أبهذه البساطة؟ ليس بالضبط فحتى اليوم لم تحظ أسرة «قعدان»، بالسكنى في «كاتسير»، وعلى الرغم من أنه قد تم النص على أنه لا ينبغي تمييز هذه الأسرة سلفا بسبب كونها عربية، فقد كان مايزال يتعين على هذه الأسرة أن تجتاز لجنة القبول بالمستوطنة التي قررت وياللعجب . عدم قبول الأسرة وهذه المرة بحجة عدم «التوافق الاجتماعي»، واستطرد الكاتب يقول: وعلى الرغم من أن حكم المحكمة لم ينفذ حتى الآن فقد قررت الحكومة الآن تأييد مشروع القانون الذي سيؤدي إلى إلغاء النص المبدئي له عن طريق السماح للدولة بتخصيص أراض للوكالة اليهودية من أجل الاستيطان اليهودي فقط.
هل ثمة حاجة للإكثار من الكلام لماذا يتعارض مثل هذا القانون مع المبادىء القانونية والأخلاقية التي تتباهى كل دولة ديمقراطية بأنها تقوم عليها؟.
إن مبدأ المساواة في تخصيص الموارد والتعامل بمساواة من جانب هيئات الدولة تجاه كل مواطن ومواطنة هو في صلب الديمقراطية والمساس بهذا المبدأ والنص على أن الدولة تستطيع أن تتعامل مع المواطنين بشكل مختلف وتمييزهم بسبب منشأهم هو مساس بجوهر الديمقراطية وإذا كان معنى«دولة يهودية ديمقراطية»، هو أنه من حق الدولة فعلا أن تميز بين مواطنيها بهذا الشكل فإن الدولة إذن ليست ديمقراطية «وثمة شك في أنها يهودية»، ولهذا السبب إذا كان الكنيست سيشرع فعلا هذا القانون المقترح فمن الأجدر أن تنص محكمة العدل العليا على أنه فاقد للصلاحية وعلى أنه يتعارض مع القانون الأساسي كرامة الإنسان وحريته.
واختتم الكاتب مقاله بالقول: تخيلوا لو أن دولة ما خصصت إسكانا للمسيحيين فقط أو للبيض فقط دولة كانت ستنص في قوانينها «وليس من خلال تمييز خاص غير رسمي ينبغي محاربته أيضا، موجود في أماكن عديدة»، على أنه من الممكن على سبيل المثال بيع منازل للمسيحيين وليس لليهود.
ماذا كنا سنطلق على هذا؟عنصرية؟ أبارتهايد؟ يمين متطرف؟ فاشية؟ إننا نقاطع النمسا بسبب «هايدر». ونرتعد من «لوبين»، الفرنسي لكن العنصرية لدينا هي «وزراء»، حقيقيون.
ومن الواضح والمعلوم للجميع أن الفصل في تخصيص الموارد قائم على عدم المساواة وأن الدولة لا تخصص أراضي للعرب وحسب وإنما تهمل التجمعات السكنية العربية أيضا. ولكن فوق كل هذا فإن الفصل في الإقامة الذي يريد مشروع القانون تعزيزه هو جزء من طابع المجتمع الإسرائيلي المبني على التمييز بمعنى الفصل بين الجماعات المختلفة ويخيل أنه يسود المجتمع الإسرائيلي المفهوم القاضي بأنه لكي يحافظ المرء على الهوية فإن عليه أن يقيم في جوار من هم على شاكلته فقط يهود وعرب، علمانيون ودينيون، كلهم يتعلمون كل على حدة.
وفي أحيان كثيرة يسكنون منفصلين وربما هذا هو المجال لأن نسأل هل هذا هو الطريق إلى مجتمع متساو؟.

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved