ان تمسكنا بما سبق سيحقق لنا السعادة في حياتنا والنجاة من عذاب الله في الاخرة بالبعد عن الشيوعية والصهيونية والرأسمالية والعلمانية.
لم يكن غريباً أن يمنح حزب الليكود الإسرائيلي عضويته الشرفية للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش الذي نفذ ببراعة وإخلاص كل ما أملاه عليه زعيم الحزب ورئيس الوزراء الصهيوني إريل شارون، واستجاب بوش بقوة لمطالب شارون بإبعاد ياسر عرفات عن قيادة السلطة الفلسطينية وإطالة أمد إعلان قيام الدولة الفلسطينية لمدة تزيد على ثلاث سنوات، واستجابة بوش للمطالب الإسرائيلية وعلى وجه الخصوص مطالب شارون تمثل انتصاراً كبيرا ومهما لرئيس الوزراء الإسرائيلي الذي استطاع ببراعة وبقوة تأثير اللوبي الصهيوني داخل الإدارة الأمريكية أن يجعل دولة عظمى وكان الكثيرون يعتبرونها إلى وقت قريب راعياً نزيهاً لعملية السلام جعلها تتكلم بلسان إسرائيلي خالص، مما جعل الإعلام الغربي يستغرب هذا الخضوع الأمريكي المستغرب للمطالب الإسرائيلية حتى وصف كاتب بريطاني شهير وهو روبرت فيسك يقول ان: شارون هو من كتب الخطاب لبوش، وجعلت خبيراً دوليا سابقاً في المنظمة الدولية يقول: بوضوح وأمام الملأ ان الإدارة الأمريكية هي التي تحتاج للتغيير.
لكن ومع التناولات العربية المتساهلة مع خطاب الرئيس بوش والتي ركزت على ما أسمته بنقاط إيجابية تضمنها الخطاب بل وحتى التأييد الذي أظهره «مكرها»، الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لمقترحات بوش، رغم أنه المعني الرئيس بها مع هذه التناولات تبري عدة أسئلة لن تجد بالتأكيد من يجيب عليها، إذا ما أخذنا في الاعتبار مصير اتفاقات السلام السابقة في مدريد وأسلو والتي كانت قد حددت شهر مايو من عام 1999م موعداً نهائياً لإعلان الدولة الفلسطينية وهو ما لم يتم رغم تنفيذ الفلسطينيين لكافة الالتزامات التي قاموا بالتوقيع عليها لعل من أهمها بينما رفضت إسرائيل تنفيذ اتفاقاتها، وهنا يبدر السؤال الكبير عن مدى المصداقية التي تعلق على هذا المقترح؟ وهل بوش بتذبذبه وعدم قدرته على اتخاذ قرارات حاسمة قادر على إلزام الجانب الإسرائيلي على تنفيذ القرارات؟ ثم أن مدة ثلاث سنوات تعني أن ولاية الرئيس بوش الأولى قد انتهت والرئيس الذي قد يخلفه في كرسي الرئاسة قد لا يوافق على تنفيذها وقد يقترح مشروعا جديدا، إضافة لرئيس الوزراء الصهيوني الذي ربما لا يكون حاضرا آنذاك إما لانتهاء فترة ولايته أو لأمر آخر خاصة وعمره حاليا يناهز السبعين عاما بسنوات، هذا في حال الانتظار لفترة ثلاث سنوات لا يعرف المرء ماذا سيحدث فيها إضافة إلى أن المهم وما لم يذكره بوش هو ماذا بعد السنوات الثلاث؟ وما هي آلية قيام الدولة الفلسطينية؟ وهل الأمر يعني أن اقامة الدولة قطعية ولن تدخل في تأويلات أخرى خاصة وأن وزير الخارجية الإسرائيلي شمعون بيريز قد صرح بعد خطاب بوش أنه بعد انقضاء الثلاث سنوات وإصلاح السلطة سينظر في مسائل الخلاف مع الفلسطينيين كعودة اللاجئين وتفكيك المستوطنات والنواحي الأمنية وغيرها، مما يعني أن ما كان عائقاً في هذا الوقت وحائلا دون الاتفاق سيكون موجودا بعد ثلاث سنوات.. بدون أن تبادر أمريكا لحلها من الآن.
الأمر الثالث في خطاب بوش هو أنه اشترط إصلاح السلطة وإجراء انتخابات نزيهة، والنزاهة تعني أنه بإمكان عرفات أن يشارك فيها كعنصر فلسطيني فاعل وهو ما أعلن عنه مؤخراً، فماذا لو فاز عرفات في الانتخابات؟ ثم أن ترشيح عرفات كرئيس للسلطة الوطنية الفلسطينية حالياً جاء من خلال انتخابات شاملة أشرف عليها الرئيس الأمريكي الأسبق كارتر الذي أوفده بوش لهذه المهمة، وهذا يعني أن عرفات لم يفرض نفسه على الرئاسة وان احتمالات فوزه ثانية واردة، وما لم يوضحه بوش.. هو هل سيرفض من الآن ترشح عرفات للانتخابات؟ وهل سيسمح للشخصيات الفلسطينية العاملة ضمن السلطة الوطنية بخوضها؟ وماذا لو خاضت حركة حماس أو الجهاد الانتخابات بمرشحين وفازت بالانتخابات؟ الأسئلة كثيرة ولكن ما قاله بوش لا يجيب إلا عن شيء واحد فهمه الجميع دون البعض وهو تأخير أمد قيام الدولة الفلسطينية وإبقاء الوضع الراهن على ماهو عليه من مصاعب حياتية وأمنية تتهدد حياة الفلسطينيين المدنيين، فليس خافياً أنه وبوش يذيع خطابه على الملأ كانت الجرافات الإسرائيلية تقتلع الأشجار وتهدم المنازل على أصحابها وطائرات الأباتشي نفذت في ذات اللحظة التي ألقى بوش خطابه غارات راح ضحيتها أربعة فلسطينيين زعمت إسرائيل أنهم من أنصار حركة حماس، ناهيك عن إعادة احتلال مدن الضفة والقطاع والذي يبدو أنه سيطول أمده طويلاً ربما أكثر من الموعد النهائي الذي ضربه بوش دون التزام واضح لإقامة الدولة الفلسطينية!!.
الرأي العام العالمي في الصحف الغربية ركز على النقاط السلبية في خطاب بوش وهي الأهم كإقامة دولة مؤقتة لا يعرف حتى المشرعون الأمريكيون حتى اليوم ما هي الصيغة القانونية التي ستخرج بها هذه الدولة، بينما ركز الشارع العربي ما اعتبره اعترافاً أمريكيا بدولة فلسطينية حتى ولو بعد حين وكأن اتفاقات أوسلو ومدريد لم تقدم هذا الاعتراف الذي أصبح سرابا بعد مجيء شارون إلى السلطة، وما اتخوف منه أن ينساق الشارع العربي مع إطالة أمد المفاوضات التي تنتهجها إسرائيل لكسب مزيد من الوقت والمكتسبات الأخرى في ظل خسائر متلاحقة في الجانب الفلسطيني، وأسلوب المفاوضات وإطالتها ليس بغريب على اليهود الذين تضمنت بروتكولاتهم هذه المرحلة قبل أكثر من مائة عام، ولكن الغريب هو أن ينساق الرأي العربي والإسلامي معها وكأنهم في معزل عن معرفة الطباع الإسرائيلية القائمة على الغدر والخيانة ونقض العهود والمواثيق.
|