Sunday 14th July,200210881العددالأحد 4 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الناقد فيدال في أكثر كتبه المثيرة للجدل يطرح السؤال الآتي: الناقد فيدال في أكثر كتبه المثيرة للجدل يطرح السؤال الآتي:
هل تورطت أمريكا في حرب أبدية من أجل سلام أبدي؟!

  من خلال مجموعة من المقالات استطاع الناقد المعروف «فايدال» أن يستغل مهارته اللاذعة في مهاجمة الولايات المتحدة، فلم يخجل من التعبير عن آرائه، وقد شكك في افتراضات الولايات المتحدة فيما يتعلق بانفجاري أوكلاهوما سيتي ومركز التجارة العالمي. قائلا: «إن الطغمة الحاكمة لدينا هي التي استفزت بشدة كل من ماكفاي وأسامة بن لادن».
وربما يشاركه الكثير من القراء في شعوره بعدم الارتياح تجاه ما ترمي إليه حكومة الولايات المتحدة وجزء من الشعب الأمريكي في وضع حريات المجتمع المدني في مرتبة متأخرة أثناء الحرب على الإرهاب، وقد كان انتقاده لماكفاي أكثر تفصيلا وذلك لوجود علاقة ومراسلات بينهما، فمن وجهة نظر فايدال أنه من غيرالمحتمل أن يكون ماكفاي وحده المسؤول عن انفجار أوكلاهوما سيتي. فقد رأى أنه سقط نتيجة دفاعه عن الحرية التي كان من المحتمل من وجهة نظره أن تنقذ الولايات المتحدة. ولكن في ذلك الكتاب جاءت نبرة الكاتب لتكون في نفس أهمية النص ذاته، فقد انتقد بسخرية لاذعة الرأسمالية الأمريكية ودور اليمين المتدين في السياسة الأمريكية الذي لا يفوت فرصة دون أن يستغلها. وسوف يجد القراء المزيد من الأفكار الجدلية في هذا الكتاب؛ سواء من أولئك المنتقدين للسياسة الأمريكية ونمط الحياة الأمريكي عموما، أو من هؤلاء الذين يميلون إلى تصديق نظرية المؤامرة، كما لن يندهش القراء عندما يرون أن وجهات نظر فايدل السابقة عن ماكفاي لم تصل إلى أسماع الكثيرين، وذلك بسبب محاربة بعض المكابرين من المسؤولين لها. ولكن معظم القراء حتى أولئك الذين يختلفون معه سوف يجدون أن كتابات فايدل قوية ولبقة.
ولم يجد فايدال ناشرا يجرؤ على نشر كتابه باللغة الإنجليزية بسبب مقاله الأول في هذه المجموعة التي هي عبارة عن ردود فعل لأحداث سبتمبر إلى أن أصبح هذا الكتاب من أكثر الكتب مبيعا في إيطاليا، فقد قال: إن هجمات أسامة بن لادن تتوارى بالمقارنة بهجمات الولايات المتحدة على الحريات المدنية الأمريكية منذ 11 سبتمبر. كما يرى فايدال عدم استطاعة الحكومة الأمريكية الانتصار في الحرب على الإرهاب والمخدرات في الوقت الذي تتخذ الذرائع من أجل إنشاء دولة بوليسية، وأكد أكثر من مرة أنها مشابهة لألمانيا النازية، وبذكائه الفذ وتفكيره العالي، هاجم كل شيء فيما يتعلق برد فعل إدارة الرئيس بوش على هجمات سبتمبر. بداية من نعته للإرهابيين بأنهم «شر» حتى الحرب في أفغانستان.
مقالات الكتاب الشائقة تجبر القارئ على الوصول إلى نهايتها، وقد تناولت معظمها تيموثي ماكفاي وتفجيرات أوكلاهوما سيتي، حيث جادل المؤلف بصورة تثير الاهتمام بأن ماكفاي ربما لا يكون وراء تلك التفجيرات، ثم يخلص إلى أننا لابد أن نأخذ أشباه ماكفاي وبن لادن بصورة جدية، لا أن نصف تحركاتهم بأنها مجرد «شر»، وقد احتوت مقالاته على كل ما يستحوذ على محبيه، من المقالات البارعة والمقنعة إلى حد بعيد، والتي كتبها بصورة غير مستفزة في الوقت ذاته.
وقد تورطت الولايات المتحدة فيما يسميه المؤرخ الكبير تشارلز أ. بيرد بأنه «حرب أبدية لسلام أبدي». وقد قام اتحاد الكتاب الأمريكيين بجمع ما يقرب من200 غزوة أمريكية منذ عام 1945 كانت فيها الولايات المتحدة هي البادئة بالاعتداء.
وفي سلسلة من المقالات النافذة والمنذرة، والتي كانت تتركز موضوعاتها حول التعليقات على أحداث 11 سبتمبر 2001، (والتي تعتبر جدلية إلى حد بعيد ليتم نشرها الآن) تحدى جور فايدال إجماع الآراء الذي تلا كل من تفجيرات 11 سبتمبر وتفجيرات تيموثي ماكفاي للمبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي التي تم وصفها بأنها ببساطة نتاج «فاعلي الشر».
ويؤكد فيدال إن ماحدث يذكرنا بالقانون الفيزيائي الأبدي الذي يقول بأنه لايوجد أي فعل من دون رد فعل، ويبدو أن ذلك ينطبق على الطبيعة البشرية كذلك، أو ما نسميه: التاريخ. ففي السنوات الست الأخيرة، كان هناك تاريخان لابد أن يتذكرهما الناس لفترات طويلة وأطول من المعتاد في الولايات المتحدة؛ أحدهما تاريخ 19 أبريل 1995 عندما فجر جندي المدفعية الأمريكية المتأنق تيموثي ماكفاي المبنى الفيدرالي في أوكلاهوما سيتي مما أسفر عن مقتل 168 رجلا وطفلا وامرأة من الأبرياء، أما لماذا قام بذلك؟ فقد أخبرنا ماكفاي بصورة مطولة، ولكن حكامنا وآلتهم الإعلامية فضلوا وسمه بالسادية، وأنه وحش مهووس، وليس إنساناً سوياً مثلنا، ولكنه فعل ذلك فقط لأجل المتعة. والتاريخ الآخر 11 سبتمبر عام 2001 عندما ضرب أسامة بن لادن ومنظمته «الإرهابية» مانهاتن والبنتاجون، فقام مجلس قيادة البنتاجون المسؤولون عن أمننا ببرمجة الرئيس ليخبرنا بأن بن لادن كفاعل للشر قد حسد طيبتنا وثروتنا وحريتنا، ولم تكن تلك التفسيرات معقولة لنا ولكن حكامنا لأكثر من نصف قرن كانوا يتأكدون من عدم إخبار شعبهم بالحقيقة فيما يتعلق بأي شيء تقوم به حكومتنا ضد أناس آخرين، بما فيهم قضية ماكفاي التي تخص الأمريكيين أنفسهم، وكل ما تركوه لنا هو تغطيات مبهرة في مجلتي «التايم» و«النيوزويك» والتي صورت لنا أشكالا وحشية من شخصيات الرسام هيرونيموس الأسطورية، تحملق فينا وتخرج من أعينها نيران، في الوقت الذي تقوم فيه جريدة النيويورك تايمز وطاقمها من المقلدين في نسج قصص معقدة عن أسامة (المجنون)، وماكفاي (الجبان)، من أجل إقناع كل الشعب الأمريكي بأن زوجاً من المهووسين يجرؤون على ضرب أمة ترى نفسها تقارب الكمال وأنها أفضل مجتمع بشري نشأ على وجه الأرض، وربما طغمتنا الحاكمة هي التي استفزت ماكفاي (أحد أبطال حرب الخليج) وأسامة بن لادن.
فالترتيبات تجري في كواليس الإعلام الأمريكي، أما نحن المتلقين فلسنا في حاجة إلى أن يخبرنا أي أحد عن سبب حدوث أي شيء، أما هؤلاء الذين مهنتهم البحث عن الأسباب فقد عاشوا أوقاتاً مضنية من أجل النفاذ خلال الإعلام الأمريكي الذي تدعمه المؤسسات، كما اكتشف فايدل بنفسه عندما حاول تفسير دوافع ماكفاي في كتابه «معرض الغرور» أو محاولاته لنشر كتابه منذ أحداث 11 سبتمبر والتي باءت كلها بالفشل.
ويؤكد فيدال : «كتابي عن 11 سبتبمر تم نشره على الفور باللغة الإيطالية، ولدهشة الجميع كان هذا الكتاب لفترة من أكثر الكتب مبيعا، وبعد ذلك تمت ترجمته إلى عشرات اللغات الأخرى، ومع كل من ابن لادن وماكفاي رأيت أنه لزاما على أن أصف كل الاستفزازات المختلفة من جانبنا التي دفعتهم إلى مثل هذا الفعل الرهيب».

المؤلف:Gore Vidal
الناشر: Thunder's Mouth Press

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved