* موسكو- خدمة «الجزيرة»، الصحفية:
قالت مجلة «نوفوى فريميا»، الروسية انه عقب اختراع واشنطن لنظرية «التدخل الإنساني»، و«السيادة المقيدة»، يبدو أن الولايات المتحدة لا تزال مصرة على «إسعاد»، المجتمع الدولي بابتكار جديد آخر. فإدارة جورج بوش تعمل في الوقت الحاضر على إعداد نظرية استراتيجية جديدة تلحظ إمكانية توجيه «الضربات الوقائية»، والقيام بتنفيذ «تدخلات وقائية»، ضد تلك الدول التي حسب رأي واشنطن تهدد باستخدام أسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة.
هذا ما أعلنت عنه صحيفة «واشنطن بوست»، استنادا إلى مصادر في إدارة بوش والذين أكدوا أن النظرية الجديدة للأمن القومي الأمريكي ستعلن خلال عدة اشهر.
ناهيك عما يدلي به بوش من تصريحات واضحة ومحددة في الفترة الأخيرة وحسب رأى الكثير من مستشاري وزارة الدفاع الأمريكية فإن إعداد إدارة بوش لنظرية جديدة «تحاول تجهيز الشعب الأمريكي لخطوات تدخل»، ضد العراق ومن المشكوك فيه أن تحاول استراتيجية البيت الأبيض والبنتاجون تقييد نظرية «التدخل الوقائي»، في هذه الأطر المحلية.
وتساءلت المجلة : فما الذي يعنيه عمليا «التدخل الانساني»،؟ انه ببساطة ما استعرضته الولايات المتحدة بوضوح في الاعتداء المباشر على يوغسلافيا.
والنتائج معروفة: آلاف القتلى بين السكان المدنيين وخسائر هائلة في اقتصاد البلاد وتدمير يوغسلافيا وتقسيمها وهو ما يمكن أن يتكرر ببساطة مع العراق أو السودان أو الصومال أو أية دولة لا تسير على «الخط».
وتابعت المجلة قائلة: ويبدو أن نظريات «التدخل الإنساني»، و«السيادة المقيدة»، هذه مثل نظرية «محور الشر»، المعروفة قد أصبحت أموراً متلازمة بالنسبة لواشنطن والأمر يحتاج الآن لأكثر من تبرير من جانب الولايات لمتحدة لإمكانية استخدام العمل العسكري ضد هذه أو تلك من الدول التي لا يروق نظامها لواشنطن.
وفي النطاق الأوسع فإن الإدارة تبحث عموما حاليا في خط السيطرة الأمريكية على العالم من دون النظر إلى أن هذا الخط يعارض مباشرة مصالح العالم الدولية والأمن الاستراتيجي الشامل.
فأحداث الأشهر السبعة عشر الماضية منذ تولي بوش السلطة تشهد على ذلك بشكل كبير وقالت المجلة: كانت الإشارة الأولى في هذا الشأن هى إحالة بوش في يناير من هذا العام إلى الكونجرس مشروع الموازنة الفيدرالية الأمريكية للسنة المالية 2003م التي حددت اتجاهاً حاداً لعسكرة اقتصاد الولايات المتحدة.
ويقترح الرئيس زيادة تعتبر الأضخم خلال السنوات العشرين الأخيرة للمعونات الدفاعية. ففي عام 2003م يتعين على البنتاجون الحصول على ميزانيته بهذا الخصوص والتى تقدربـ 379 مليار دولار وفي السنوات الخمس التالية يخطط لزيادة هذا المبلغ لكي يصل في عام 2007م إلى 451 مليار دولار.
وذكرت المجلة: وفي سياق رفع الطاقات العسكرية الأمريكية قررت الإدارة الأمريكية الانسحاب من معاهدة تقليص النظام الدفاعي المضاد للصواريخ الموقعة في عام1972م وإقامة نظام الدفاع القومي الأمريكي المضاد للصواريخ ثم وقعت بعدذلك في مايو 2002م على اتفاقية مع روسيا لتبادل التقليص الجذري على الأسلحةالهجومية الاستراتيجية لتصل قبل العام 2012م لما يقارب 1700-2200رأس نووي.
إلا أن البنتاجون يتعين عليه في عام 2003م الحصول على عشرات المليارات من الدولارات لشراء أسلحة جديدة بما في ذلك أسلحة عالية النوعية والتي كما يعتقد الخبراء العسكريون والسياسيون يمكنها في المستقبل الحلول مكان الصواريخ الباليستية بشكل كامل.
إضافة إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية تخطط ببلوغ عام2010م لصناعة عشرات الآلاف من الصواريخ المجنحة بعيدة المدى التي يعتبرها المختصون من عداد الأسلحة عالية الدقةوكما هو معروف فإن إدارة بوش رفضت إحالة معاهدة الحظر الشامل على التجارب النووية إلى الكونجرس لكي يصدق عليها.
وفى هذا السياق يمكن أن يثير القلق واقع أن البنتاجون يكرر في الآونة الأخيرة تصريحاته حول ضرورة إعادة إحياء التجارب النووية وصناعة عبوات نووية محدودة القوة عبر إمكانية استخدامها ضد الدول غير النووية وفي النزاعات الإقليمية.
واختتمت المجلة تقريرها بالقول: من المشكوك فيه إثبات ضرورة أن مثل هذه الخطط لاستخدام الأسلحة النووية يمكنها أن تغير مجمل الموقف من هذه المسألة.
وفي هذه الحال يمكن أن تجري تغييرات استراتيجية عندما يتم تحويل الأسلحةالنووية من وسائل ضبط إلى أسلحة تكتيكية للاستخدام السريع.
وأن مثل هذه السياسة تشكل تهديدات لمجمل نظام الأمن الدولي.
في سياق كل هذه الوقائع يتضح بجلاء تام مخاطر مساعي الإدارة الأمريكية لإدراج نظرية استراتيجية عسكرية جديدة تستند إلى إمكانية توجيه «ضربات وقائية»، وتنفيذ «تدخل دفاعي».
* مستشارة الأمن القومي الأمريكي كونداليزا رايس |