Sunday 14th July,200210881العددالأحد 4 ,جمادى الاولى 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

المملكة.. بين (مِطْرَقة العَيَّات) و( ِسنْدَان الحَيَّات)..؟! المملكة.. بين (مِطْرَقة العَيَّات) و( ِسنْدَان الحَيَّات)..؟!
حمّاد بن حامد السالمي

قال واحد من (الكلمنجيين)؛ التي تلجأ إليهم قناة (الجُزَيرة) القطرية بين وقت وآخر؛ بهدف رئيس هو؛ (تشويه صورة المملكة العربية السعودية)؛ ومحاولة (اللغوصة)؛ والتشكيك في دورها النظيف؛ وفي فاعلية مواقفها على كافة المستويات؛ قال - فض الله فوه - إن المملكة - ما غيرها - مسؤولة عن (90%) مما لحق العرب من هزائم؛ وما منوا به من خيبات ونكسات وخسران مبين؛ على كافة الأصعدة..؟!!
.. حسناً يا (ديب)..! إذا كان الأمر كما تقول؛ فمعنى هذا؛ أن هذه البلاد العربية؛ التي كنتم - أنتم - تصفونها في أدبياتكم (قبل النفط) لا بعده؛ بأنها (أرض جرداء لا زرع فيها ولا ماء)؛ وكنتم (قبل النفط أيضاً) لا بعده؛ تدخلون رعاياها في محاجر طبية في موانئكم ومطاراتكم؛ وترشون رؤسهم ب(الفليت)؛ خشية من وجود القمَّل في شعورهم..! هذه البلاد - على ما في قولك؛ هي التي سخرت جيوشها الجرارة؛ للتدخل في شؤون البلدان العربية الأخرى، لقلب أنظمتها؛ وفرض النظم العسكرية والأيدلوجية عليها؛ من شيوعية واشتراكية وبعثية؛ بالقوة الجبرية..!
وهي التي رفعت شعار رمي اليهود في البحر، فأعلنت الحرب على الدولة الصهيونية؛ ثم ألحقت بالعرب هزيمة عام 1967م..! ثم لم تعمل على لم شمل العرب في الخرطوم بعد الحرب، ولم تحقق لهم المصالحة بعد الممالحة؛ وليس بعد المصارحة..! ولم تقل (عثرات غير الكرام)؛ بالمال والجاه والمواقف الصلبة أمام كل العالم..!
.. وهي التي وقفت في حروب (45، 48 ،49 ،56) تتفرج، فلم يشارك جيشها القادم من (الأرض الجرداء)؛ حيث لا زرع ولا ماء؛ في القتال، ولم ينخرط قادتها وأمراؤها متطوعين في الجيوش المصرية، ولم تساهم بقدراتها المالية في بناء ما دمرته الحروب العدمية، في سيناء والسويس والمدن العربية الأخرى المجاورة لفلسطين، في الأردن وسوريا ولبنان، ولم تدعم الشعب الفلسطيني في يوم من الأيام؛ أو تنقذ قياداته من المآزق التي وضعهم فيها بعض العرب، أو تسهم بشكل فعال في إنشاء قواته الفدائية والدفاعية..!
.. وهي لم تغامر بمصدر دخلها عام 73م فتوقف ضخ النفط؛ وكانت تعلن الحظر النفطي عبر وسائلها الإعلامية، وتضخ أضعاف حصصها إلى أسواق العالم سراً..!
.. وهي التي وقفت تتفرج على الشعب الجزائري وهو يناضل من أجل استقلاله، أو تآمرت عليه مع المستعمرين..!
.. وهي التي ظلت طوال عقود؛ تتعاون سراً مع الدولة الصهيونية، وتقيم مع قياداتها علاقات حميمة بعيداً عن الأعين، تلعنها في الصحف والإذاعات والتلفزات؛ وتعتذر لها من تحت الطاولات..!
... وهي التي ذهبت منفردة إلى الصلح مع العدو الصهيوني، فضحت بكل ما يربطها مع أمتها العربية من روابط، ووثقت علاقاتها مع هذه الدولة المغتصبة على كافة الصعد..!
.. وهي التي سمحت بفتح سفارة أو (مكتب تنسيق) لإسرائيل في عاصمتها؛ وراح وزراؤها وقادتها يزورون تل أبيب طالبين القرب..!
.. وهي التي رفعت شعار البوابة الشرقية؛ فاستنزفت قدرات الأمة العربية كلها؛ في حرب طويلة؛ ساحقة ماحقة؛ لم تجن من ورائها إلا الخراب والدمار..؟!
.. وهي التي طعنت الأمة العربية هذه المرة في الخاصرة؛ فبدل أن تتوجه بجيوشها الجرارة إلى تل أبيب؛ وجهتها لاحتلال دولة عربية جارة، فدمرت الأخضر واليابس؛ وانتهكت الأعراض، وأشعلت النيران في (نفط العرب) الوحيد..! ووخلقت مبررات كثيرة للوجود غير العربي في المياه العربية، وصرفت كافة الأنظار والجهود عن قضية العرب الأولى في فلسطين، إلى قضايا هامشية من الخلافات والأفعال وردودها..!
.. وهي التي تخلفت عن شعب الأرض المحتلة في وقت محنته؛ فلم تدعم انتفاضته؛ ولم تعمل على توفير (800 مليون دولار) لصموده، بل ردد واحد من مواطنيها (البريطاني الجنسية) واسمه (عصوان) قائلاً: لا نريد النقود.. (يلعن أبو فلوسكم)..! وهي لم تبذل كافة الوسائل لحقن الدماء البريئة؛ وحفظ حقوق شعب فلسطيني؛ بمبادرة متوازنة؛ وفق القرارات الدولية التي وافقت عليها القيادات الفلسطينية نفسها..!
.. والمملكة.. على ما تقول يا (ديب).. هي التي حركت مواطنيها يتظاهرون في الشوارع، ويرددون شعارات جوفاء؛ فيمجدون المعتدي على بلد عربي عضو في جامعتهم، ويطالبونه باستخدام الكيماوي ضد جيرانه العرب؛ ويسفهون بقية العرب الذين وقفوا بشجاعة ضد العدوان..!
.. وهي التي ظلت لأكثر من ثلاثة عقود، مشغولة بتدبير المؤامرات ودعم الانشقاقات بين أبناء القطر العربي الواحد، وسخرت مليارات الدولارات من أموال شعبها؛ لتمويل اللصوص والمخربين ومحترفي الإرهاب في أنحاء كثيرة من العالم؛ يحرقون السفن، ويسقطون الطائرات؛ ويفجرون المطارات؛ ويزهقون الأرواح..!
.. وهي التي سخرت أبواقها الإعلامية طيلة عقود، لشتم القيادات العربية الأخرى (الرجعية - الاستبدادية - الرأسمالية - العميلة)؛ التي لا تسير في ركابها، وللتحريض على الثورات ونشر الفتن والقلاقل؛ واشغال أبناء العرب بأنفسهم؛ وكلفت عناصر مخابراتها المدربة؛ كتابة أسماء زعماء عرب على ظهور الحمير والخنازير والكلاب والقطط؛ وتسريحها في الشوارع؛ وتأجير من يسعى خلفها يطاردها وهو يهزأ ويضحك..!
.. وهي التي جعلت من قضية فلسطين؛ قميص عثمان الدامي وبضاعة بخسة الثمن؛ تزايد عليها لتخدير الجماهير؛ ولخداعها وتضليلها وشراء ولاءاتها..!
.. وهي التي كانت تصب الزيت على نيران الخلافات بين هذا القطر العربي أو ذاك؛ فلم تقرب بين قيادتي الجزائر والمغرب ذات يوم بعد قرب الانفجار بين البلدين؛ ولم تجمع الطوائف اللبنانية على أرضها؛ لتنهي باتفاق الطائف حربهم المدمرة طيلة (15 سنة)؛ ولم تخرج القيادات الفلسطينية من الأردن سالمة، ومن لبنان بعد ذلك. ولم تتبن مبادرات الصلح بين مصر والأردن، والأردن وسوريا، ومصر والسودان، والأحزاب الأفغانية.. إلى غير ذلك من سلسلة المبادرات التي تهدف إلى لم الشمل؛ وإجماع الكلمة؛ وتوحيد الصفوف بين عرب متناحرين غير متصالحين على الدوام..!
.. وهي إذن.. التي كانت تلعب على أكثر من حبل لتضمن بقاءها في الوجود.. مرة على حبل الشيوعيين. ومرة على حبل الاشتراكيين، ومرة على حبال القوميين والثوريين والأحرار، ومرات على حبال الإسلاميين، فسمحت بظهور الدراويش وأرباب التطرف على أرضها، وتسببت في تصدير فكر الخروج إلى أنحاء العالم..!
.. وهي التي تنادي بالحرب ضد إسرائيل؛ وتفعل عكس ذلك..! وتعلن رغبتها في السلام الدائم؛ ثم تعمل على عكس هذه الرغبة، وتسعى جاهدة، لكي ينوب غيرها عنها في السلم (العلني)؛ أو في الحرب المنفردة..!
.. إذا كانت المملكة العربية السعودية هي التي فعلت كل - أو حتى بعض ما تقدم - فهي تستحق بجدارة، نسبة ال(90%) التي أتحفنا بها (المحلل القومي الشعاري) العريق (ديب) عبر قناة (الجُزَيرة) قبل عدة أيام..!
.. أما إذا كانت المملكة لم تفعل شيئاً مما تقدم، فلنا الحق في معرفة أسباب الاستحقاق لهذه النسبة من (المحللين تحت الطلب)؛ التي تعجنهم وتخبزهم القناة القطرية (عند الطلب)..!
.. مشكلة المملكة اليوم؛ أنها واقعة بين مطرقة (العَيَّات)؛ وسندان (الحَيَّات)، فعيّات العرب؛ لا يريدون حرب إسرائيل، ولا يريدون سلامها العلني، لكنهم يلقون بفشلهم في كلا الحالين على المملكة.. وحالهم مثل الذي أعي صحبه في القافلة؛ فما يدرون ما يصنعون معه، فقد جلس القرفصاء وهم يستعدون للرحيل وقال: (لست راكباً ولا ماشياً؛ ولكن خذوني معكم)..؟!
.. وحيَّات العرب من الخوارج الذين يتلبسون بالإسلام؛ ويرفعون شعار الجهاد بمواصفاتهم الخاصة؛ يريدون من المملكة أن تقود (وحدها) الحرب ضد إسرائيل وأمريكا والعالم كله؛ من أجل جهادهم المزعوم؛ فبعد فشل تجربتهم (الفاشية) في أفغانستان؛ تشتت شملهم، وتفرق جمعهم، وذهبت أحلامهم بعد حلومهم أدراج الرياح، فلم يبق أمامهم إلا العمل على تخريب البنيان الحضاري لدولة مستقرة مثل المملكة، فهم يلتقون بأعجوبة مع (ثوريي وقوميي وشعاريي) هذه الأمة؛ في رفع شعار الجهاد الذي يريدونه هم، جهاد مصلحي عجيب؛ يحيد الخلاف الأيدلوجي بين الطرفين إلى حين؛ فالخوارج يرون أن الشيوعيين والاشتراكيين والبعثيين إخوة أشقاء في جهاد الكفار من العرب والعجم؛ رغم أن هؤلاء (الأشقاء)؛ كفرة فجرة فسقة في نظرهم..! وهؤلاء يرون في (الخوارج)؛ حصانهم (الأسود أو الرمادي)؛ الذين يراهنون عليه في (جهادهم) القومي الشعاري؛ مع تعريفهم ل(أشقائهم) الخوارج؛ بأنهم أهل تسفل وجهل وتخلف..!
.. كيف ومتى تستطيع المملكة إرضاء هؤلاء الناس..؟!
.. سؤال طالما سألته نفسي فلم أجد إجابة عنه..؟!
.. إنه مهما ضحت المملكة بمواقفها السياسية؛ وبقدراتها المالية وغير المالية من أجل هذه الأمة؛ فلن يرض عنها إلا قليل منهم، وهو القليل الذي يظل يلتزم الصمت، ويتكلم - إن فعل - على استحياء وخجل..!
.. أمر والله في غاية العجب.. أن يتكالب (المتكلبون) على هذه البلاد؛ من (شيوعيين وبعثيين وخوارج وغيرهم)؛ وحتى من بعض أبنائها المارقين المخدوعين بالشعارات والدعايات؛ وأن يجعل بعض القنوات الفضائية العربية المجاورة؛ هذه البلاد وأهلها، هدفه الوحيد، وشغله الشاغل، فيغتم إن سعدت هي؛ ويفرح إن حزنت، ويشمت إن أصابها مكروه ما، ويرقص على الجراح التي يدميها الحمقى من المغفلين والأذناب في بعض الأحيان..!
.. لك الله يا بلادي العظيمة.. إلى متى وأنت تتلقين السهام المسمومة؛ فتعيدينها إلى رماتها؛ مغررة بالورود؛ مكللة بالزهور؛ فواحة العطور..!

fax:02 73 61 552

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved