|
إن الدراسات الانثربولوجيه أثبتت أن ليس من يقطن خيمة او بيت شعر يعتبر بدويا، فهناك من هو مستقر ولكن مع ذلك يسكن الخيمة اضافة الى أنه مرتبط ارتباطا مباشراً بالمدينة وبأسواقها او الواحات المحيطة، بل في بعض الأحيان يمتهن بعض ساكني الخيام الزراعة بدلا من الرعي إلا ان ذلك لا يعني ان البداوة سمتها التنقل المطلق غير المحدود انما هي تنقل يستهدف التحرك حول مراكز محددة يتوقف مدى الاستقرار فيها على كمية موارد المعيشة المتاحة ونوعية هذه الموارد.
يتحدث الى سيارته التي اشتراها بثمن مرتفع حتى تقربه من الحبيبة فهو هنا يستعمل ألفاظ المدينة بمفاهيم الصحراء. لأن ابن البادية قديما كان يذهب الى خطبة حبيبته فوق ظهر جمل ويقطع المسافات الطويلة وهكذا تغيّر الألفاظ لا يعني تغيّر المفاهيم البيئية الراسخة التي تتقدم ببطء. تأمل في ما يأتي في شعر نجر العتيبي في وصف الجمل:
وله أيضاً:
هنا واضح ان البيئة البدوية هي المسيطرة على روح الشاعر الذي لم ينسه صوت السيارات أصوات عواء الذئب في الصحراء. أهداف الشعر في الصحراء أهم أهداف الشعر في أي مكان هو التعبير عما يجول بالنفس من الداخل أو انعكاس لما يمارسه الإنسان فيعبر عنه بأفكار مترجمة الى شعر، وشبكة الأحاسيس الشخصية بين الشاعر والبادية من ناحية وبين الشاعر نفسه وذاته من ناحية أخرى تتبلور في حياة البدوي الذي يصول ويجول دائماً على وجهه بحثاً عن الكلأ لغذاء ابله وعن الماء للارتواء ومكان يستطيع ان ينصب فيه خيمته دون خوف وهو يصطاد الظباء والأرانب والغزلان ليقتات منها ويربي الأغنام والابل ليستفيد من حليبها وصوفها لذلك عندما يأتي المساء ويعم الهدوء البراري والقفار ينطلق خيال هذا الإنسان البسيط الذي يعيش في الخلاء ليصور أشياء مرت به في يومه أو حياته أو في حياة الآخرين من حوله فيخرج قولاً جميلا منظما بلغة سهلة يسمعها القاصي والداني وتحفظ في القلوب لسهولتها. هذه اللغة التي يعبّر بها عن مشاعره وأحاسيسه هي لغة الناس اليومية لذلك يحفظونها لفطنتهم وحدّة ذهنهم واتساع ذاكرتهم لذلك كانت تلك الذاكرة القوية هي أهم أسباب حفظ التراث القيم. |
[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة] |