أفادت دراسة لليونيسيف بأن اصابة الطفل في مراحل حياته المبكرة بسوء التغذية، له صلة مباشرة بالخلل في تطوره العقلي، الذي يرافقه في مراحل حياته التالية، بالرغم من التحاقه بالمدرسة، وكذلك يضعف قدرته على التعليم، ويؤدي الى حدوث ظاهرة «التقزم» الذي يعرف بأنه قصر القامة بالقياس الى العمر، والذي يعد مؤشرا اساسا على سوء التغذية وقد اجريت الدراسة على نحو 2000 طفل في الفلبين، واتضح منها ان ثلثي الاطفال الذين جرت الدراسة عليهم كانوا يعانون من التقزم وبدا ان اولئك الذين تقزموا في مرحلة مبكرة من حياتهم، وقبل انهائهم شهرهم السادس، كانوا الاكثر تقزما عند بلوغهم الثانية من العمر كما تبين ان هؤلاء الاطفال نالوا درجات ادنى بكثير في فحوصات الذكاء التي اجريت لهم في سن الثامنة والحادية عشرة، من أندادهم غير المقزمين.
واظهرت الدراسة مؤشرات عميقة يمكن تعميقها على مستوى عالمي، اذ يعاني 226 مليون طفل تحت سن الخامسة في البلدان النامية من التقزم المعتدل او الحاد، وقد بين البحث كذلك ان ارتفاع مستويات التقزم بين الاطفال يشير الى تأثيرات طويلة الاجل في تطورهم العقلي والجسدي، يمكن ان تحرمهم من القدرة على الاستفادة القصوى من الفرص التعليمية في المدرسة كما يمكن ان تكون لها آثارها السلبية في المراحل اللاحقة من حياتهم. ولا يؤدي التقزم الى ضعف التطور العقلي عند الاطفال بصورة مباشرة، وانما يمكن للعوامل نفسها المسببة للتقزم، ان تؤدي الى اضعاف تطورهم العقلي.. ومن الاسباب المؤدية الى التقزم نقص الوزن عند الولادة، وعدم كفاية حليب الام، وانخفاض القيمة الغذائية لبدائل حليب الام، وتكرار الاصابة بالاسهال والتهابات الجهاز التنفسي.
ومن نتائج هذا المرض ان الاطفال يميلون في العادة الى الالتحاق بالمدرسة متأخرين، ويتغيبون عن مقاعد الدراسة اكثر من الاطفال الجيدي التغذية.
واوضحت الدراسة ان 28% من الاطفال الذين شملتهم الدراسة يعانون من التقزم الشديد، اذ تبين ان هؤلاء كانوا في سن الثانية اقصر بمعدل 11 سم - 5 بوصات - من اندادهم ومثلائهم من السليمين، كما بينت ان متوسط الذكاء لدى هؤلاء في سن الثامنة، كان ادنى بمعدل 8 درجات من اندادهم الاصحاء، وعند سن الحادية عشرة تبين ان درجة ذكاء الذين كانوا اشد تقزما في سن الثانية، ادنى من درجة ذكاء نفسه، حيث كانت الفجوة بين الفئتين 5 درجات، ونال الاطفال الاشد تقزما علامات ادنى بصورة كبيرة من غيرهم في اختبارات التحصيل اللغوي، وفي الرياضيات.
والجدير بالذكر ان معظم الاطفال الذين شملتهم الدراسة كانوا من عائلات فقيرة، كما كانت القيمة الغذائية للوجبات التي كانوا يتناولونها وامهاتهم ادنى من المستويات الغذائية المعروفة، وكانوا من سكان المناطق ذات الكثافة السكانية العالية، ومن المهاجرين الريفيين الجدد.
واكدت الدراسة على اهمية التغذية في الاشهر الحاسمة المبكرة للطفل وعلى ما تتركه من بصمات دائمة ابتداء من مرحلة ما قبل الولادة التي يتوجب حصول الام خلالها على قسط وفير من التغذية، فالاطفال الذين يحرمون من بداية قوية لحياتهم يمكن ان يواجهوا مشكلة في تعويض ما فاتهم، كما ان آثار ذلك على تطورهم وتطور مجتمعاتهم، يمكن ان تكون من الصعوبة بحيث لا يمكن معالجتها.
|