مستوطنون فوق القانون
في جريدة «معريف» وتحت عنوان: «مستوطنون فوق القانون» كتبت «ميخال أهروني» مقالا حول العجز البائن للحكومة الإسرائيلية أمام الاستيطان غير القانوني في الأراضي الفلسطينية، جاء فيه ما يلي: توصل وزير الدفاع، «بنيامين بن اليعزر»، إلى اتفاق مع مجلس مستوطنات الضفة الغربية وغزة بشأن إخلاء عشر بؤر استيطانية غير قانونية، ومن الواضح من اسم هذه البؤر في حد ذاته، أن من أقامها وأقام فيها مخالف للقانون، وفي أية دولة طبيعية ومنضبطة فإن من يخالف القانون يعاقب بشدة، أما في دولة إسرائيل، إذا أنت استوليت على أرض بدون تصريح انطلاقا من دوافع آيديولوجية، فإن وزير الدفاع سيجري مفاوضات معك. إن الأراضي التي يقيم بها سكان البؤر الاستيطانية لا تمت إليهم بصلة، فهم لم يشتروها، ولا يدفعون ضرائب على استخدامها، وهم يستمدون شرعية مخالفة القانون من الآيديولوجية الخطيرة التي يؤمنون بها، من الممكن تعزيز كل مخالفة للقانون بأية آيديولوجيا، ولكن هل كان وزير الدفاع سيجري مفاوضات مع سارقي البنوك الذين كل هدفهم هو الانتقام من جباة العمولات؟ وهل كان سيغفر للجار الذي يغزو شرفة بيته ويفتح بها ركنا ليلعب فيه أطفال العاطلين عن العمل؟ وفوق كل هذا وذاك مسألة رفض جنود الخدمة الاحتياطية الخدمة في المناطق الفلسطينية انطلاقا من دوافع آيديولوجية.لقد حوكم رافضو الخدمة، وأرسل بعضهم إلى السجن العسكري، لكونهم خالفوا القانون، فهل من الممكن أن ينشأ وضع يجري فيه وزير الدفاع مفاوضات مع رافضي الخدمة؟ وهل من الممكن أن يحدث أن يستمر بعضهم في الرفض بدون تطبيق القانون؟
وخلصت الكاتبة في نهاية مقالها إلى القول: ينبغي ببساطة، بدلا من التفاوض مع مجلس مستوطنات الضفة الغربية وغزة، إخلاء هذه البؤر الاستيطانية، فعدم اتخاذ إجراءات ضد هؤلاء المخالفين للقانون يمنحهم شرعية لمواصلة خرقه، ولنا أن نتساءل: هل كلنا متساوون أمام القانون في إسرائيل ذات البؤر الاستيطانية غير القانونية وأمام وزير دفاعها «بن اليعزر»؟
أرض دولة أخرى
وحول ذات الموضوع ايضا كتب «يحزقئيل لاين» مقالا بجريدة «هاآرتس» تحت عنوان: «أرض دولة أخرى»، فند فيه تبرير الاستيطان في الأراضي المحتلة، حيث قال: مر هذه الأيام 35 عاما على نظام الاحتلال الإسرائيلي للمناطق الفلسطينية، وهي فرصة لدراسة أحد الجوانب البارزة وعظيمة التأثير في سياسة إسرائيل على امتداد تلك الفترة: اغتصاب الأراضي لصالح المستوطنات، وقد كشفت منظمة «بتسيلم» (منظمة إسرائيلية نشطة في مجال حقوق الإنسان) مؤخرا أن إسرائيل قد استولت منذ عام 1967 على أكثر من 40% من أراضي الضفة الغربية وأدرجتها في نطاق الاختصاص الإداري للمستوطنات، ومن بين إحدى الحجج التي تثار في أحايين كثيرة من قبل أولئك الذين يريدون تبرير عملية اغتصاب الأرض هناك حجة تقول بأن معظم مناطق المستوطنات هي «أراضي دولة» وليست أراضي خاصة صودرت من مواطنين فلسطينيين، فهل هذا صحيح؟ وهل كل شيء قانوني ومباح؟
واستطرد الكاتب يقول: في عام 1979 رفضت المحكمة الإسرائيلية العليا، وللمرة الأولى، الاستيلاء على أرض فلسطينية خاصة، تحت غطاء الاحتياجات العسكرية، من أجل إقامة مستوطنة «إيلون موريه»، وقد اضطر قرار المحكمة دولة إسرائيل إلى البحث عن أداة قانونية بديلة تمكنها من الاستيلاء على أراضي الضفة بدون «إزعاج» من جانب المحكمة العليا، وتوجد مثل هذه الأداة في صورة «قانون الأراضي العثماني» (من عام 1858) الذي كان ساري المفعول حتى عشية الاحتلال عام 1967، وقد مكن تفسير إسرائيل لهذا القانون مكنها من الإعلان عن كل أرض غير مستصلحة طوال عشر سنوات متصلة، أو بعيدة عن العمران السكاني بأنها «أرض دولة».وقد كتب الكثير طوال سنوات عديدة حول التفسير الأعوج للقانون العثماني وحول عدم منطقية تنفيذه، ومع ذلك، فإن أحد الأسئلة الرئيسية الذي لم يطرح بعد بكامل لذاعته على النقاش الجماهيري هو: عندما يتم الإعلان عن أرض على أنها «أرض دولة» فأية دولة يقصدون؟ إن إسرائيل ذاتها تصف، رسميا، أراضي الدولة في الضفة بأنها «ممتلكات حكومية لدولة عدو»، ويكمن التبرير لذلك في حجة أن القانون الدولي يسمح لدولة الاحتلال بأن تضع يدها على ممتلكات العدو وتحتفظ بها طالما استمر الاحتلال، وحيث ان مسألة السيادة على الضفة لم تحسم بعد حتى الآن، فإنه لا يمكن الجزم من الناحية القانونية من هم الملاك القانونيون للأراضي، وقد أدى استبدال مصطلح «ممتلكات حكومية لدولة عدو» بمصطلح «أراضي دولة» المعمول به في إسرائيل، إلى خلق انطباع وكأن هذه الأراضي ملك إسرائيل، لكن الأمر ليس كذلك: فالدولة التي يتحدث عنها مصطلح «أراضي دولة» في الضفة ليست دولة إسرائيل.واختتم الكاتب مقاله بالقول: إن القانون الدولي واضح فيما يتعلق بما هو مسموح ومحظور بالنسبة للمتلكات التي استولت عليها دولة الاحتلال بعد أن تم وصفها بأنها ممتلكات حكومية، فدولة الاحتلال لا تتحول إلى مالك للممتلكات الحكومية التي استولت عليها (الأراضي في الحالة التي نحن بصددها)، حيث أنها ليست صاحبة السيادة على الأراضي التي تحتلها وحكمها مؤقت، وينبع من هذه الفكرة تحريم إدخال تعديلات جوهرية ودائمة على الممتلكات التي تم الاستيلاء عليها، أما التعديلات الوحيدة المسموح بها فهي تلك المخصصة لهدف عسكري (بالمفهوم الضيق للكلمة)، أو على العكس، تعديلات تتطلبها احتياجات السكان المحتلين.
طفولة تعيسة
وفي جريدة «يديعوت أحرونوت» وتحت عنوان: «هذه هي طفولتهم المشوهة»، أوردت الكاتبة «إيموناه الون» مقتطفات من دراسة أجرتها جامعة تل أبيب حول شقاء وتعاسة أطفال إسرائيل في ظل الوضع الأمني الحالي، حيث قالت: «هذه هي طفولتهم الوحيدة، لن تكون لهم فرصة أخرى قط، لن تكون لهم أبدا طفولة أخرى بدلا من طفولتهم المشوهة هذه، هذه طفولتهم الوحيدة وهم يجتازونها وسط هذا الواقع المستحيل، واقع يصعب علينا نحن الكبار أن نصدق بأنه قائم بالفعل، يصعب علينا أن نستوعب بأنه ممكن، إن القتل من وجهة نظر هؤلاء الأطفال هو جزء من الروتين الحياتي اليومي، إنهم يتفكهون على الموت، لكنهم أيضا يتركون، وبجد، تعليمات واضحة إزاء ترتيبات جنازاتهم، أحدهم يروي لأبويه ما هي الأغنية التي يرغب في أن يذيعوها أمام قبره عند دفنه، وآخرون يوضحون أنهم يرغبون في أن يتم عرض ألبومات صورهم الشخصية على المعزين خلال أيام الحداد السبعة.إن هؤلاء الأطفال يرون أن دولة إسرائيل أصبحت اليوم المكان الأكثر خطرا بالنسبة للأطفال، وهم يدركون أننا، نحن الكبار، غير قادرين على الدفاع عنهم.فأي كبار نحن في نظرهم؟ وأي آباء عاجزين، لا يعرفون كيف يحمون ذريتهم مثلما تفعل كل دجاجة من أجل فراخها؟ إن الدراسة التي أجرتها جامعة تل أبيب تتحدث عن أعراض ما بعد الصدمة، لكننا في الحقيقة، ما نزال مغروسين عميقا في قلب الصدمة، ومن السابق لأوانه أن نطلب من الأطفال استعدادا للحديث عن السلام بين الشعبين، وحتى لو نجحنا في إزاحة هذا الكابوس، وفي تخليص أطفالنا وأطفال الفلسطينيين من ورطة أخطاء وأوهام الكبار على الجانبين، فسيبقى وقت كبير وجهد تربوي جهيد من أجل إعادة تحديد مصطلح «سلام» وبدء القصة من البداية».
|