Sunday 7th July,200210874العددالأحد 26 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

الإسلام اليوم ديانة بريطانية رئيسية الإسلام اليوم ديانة بريطانية رئيسية
المسلمون في الصحافة البريطانية.. الملامح وسبل تغييرها

قبل أن تضرب الطائرات برجي مركز التجارة العالمي بأيام قلائل تناولت بالحديث التغطية الإعلامية للإسلام في وسائل الإعلام البريطانية، وكجزء من عملية البحث التي شرعت في القيام بها، جعلت الكمبيوتر يقوم بعملية بحث لأتمكن من معرفة كم عدد المقالات التي ظهرت بالصحف البريطانية والتي وردت بها كلمة «مسلم»، وذلك خلال 12 شهرا مضت، وكان مجموع المقالات: 3075 مقالة، بمعدل مقالة واحدة في كل صحيفة في كل يوم، ولكنني اكتشفت أن هناك اختلافات كبيرة في هذا الصدد بين صحيفة وأخرى، فكانت النتائج على النحو التالي:
- صحيفة الجارديان: 817
- صحيفة الإندبندنت: 681
- صحيفة التايمز: 535
- صحيفة الدايلي تيليجراف: 417
- صحيفة الدايلي ميل: 202
- صحيفة الدايلي ميرور: 164
- صحيفة الدايلي إكسبريس: 139
- صحيفة الصن: 80
- صحيفة الدايلي ستار: 40
وكان المدهش في الأمر أن تجيء الصحف الأربع الجادة على قمة القائمة، وذلك لكونها تحمل أخبارا عالمية بشكل أكبر من الصحف الأخرى.
وقد لوحظ أن كلمة «مسلم» ترد غالبا في سياق دولي أكثر من ورودها في سياق بريطاني، ومن ثم تصبح القاعدة هي: كلما تمت تغطية أحداث دولية، كلما كثر ذكر المسلمين.
المسلمون المشاهير
وفي ذيل القائمة جاءت الصحف النصفية (أو التابلويد) ذات الطابع الشعبي، والتي لا تحتفي كثيرا بالأخبار الدولية، بل والتي تميل إلى نشر الشائعات وأخبار المشاهير، ولا تحتوي بريطانيا سوى على عدد ضئيل من المسلمين المشاهير، وذلك على الرغم من أن الملاكمين الذين شاءت لهم الظروف أن يكونوا مسلمين يتم سؤالهم عن ديانتهم على الصفحات الرياضية، ويبدو الأمر أكثر صعوبة عندما يتعلق بشرح مكمن الاختلاف بين الصحف التي تقع ضمن الفئات المتشابهة، فبين الصحف الجادة نجد أن «الجارديان» و«الإندبندنت» على سبيل المثال تذكران المسلمين غالبا أكثر من صحيفتي «التايمز» «الديلي تليجراف».
ويثور لدي الشك بأن الإسلام بالنسبة لبعض الصحف لا يشكل موضوعا صحفيا شيقا، على الأقل لم يكن كذلك قبل حدوث هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ويمثل هذا الواقع صدى ونتيجة لموقف استمر سائدا طيلة 30 عاما مضت أو أكثر، عندما كان المحررون يفترضون أنه لا يوجد من بين القراء من ينتمي إلى السود أو إلى المنحرفين أو إلى المنغمسين في تعاطي المخدرات المحظورة، لذلك لم يكونوا يقومون بتغطية مثل تلك القضايا إلا عندما يفكرون في سياق تناول قضايا هؤلاء بوصفها تطرح نوعا من التهديد للقيم التي تعتز بها صحفهم.
الغرب والإسلام
تذكرت تلك التصورات بمناسبة المؤتمر الذي عقد بالمسجد المركزي بلندن تحت عنوان «الغرب والإسلام في وسائل الإعلام»، مما جعلنى أقرر إعادة عملية البحث من خلال الكومبيوتر مرة ثانية، ولكن هذه المرة عبر فترة 12 شهرا تتضمن الأشهر التسعة التي أعقبت الحادي عشر من سبتمبر، وكم كان ذلك التحول مثيرا، فقد اكتشفت أن هناك 8806 مقالة وردت بها كلمة «مسلم».
لقد وصل معدل الزيادة في عدد المقالات عن عملية البحث الأولى إلى 286%، إلا أن النسبة الكبرى للزيادة كانت من نصيب الصحف النصفية، فقد وصلت نسبة الزيادة في صحيفة الصن إلى 658%، ووصلت النسبة في صحيفة الدايلي ميرور إلى 561%، ما يمكن أن نستنتجه من ذلك هو أن قراء الصحف بصفة عامة يعرفون الآن عن الإسلام بشكل أكبر بكثير مما كانوا عليه قبل الحادي عشر من سبتمبر، على الرغم من أن ذلك لا يعني بالضرورة أنهم قد باتوا يتفهمونه على وجه أفضل.
أما عن المسلمين البريطانيين فإن ما يقلقهم بصفة خاصة هو الانطباع الذي يحمله غير المسلمين نحو الإسلام، وهو الانطباع الذي تشكل لديهم عبر التقارير الحديثة حول الفلسطينيين وحول أفغانستان، وهذا القلق من شأنه أن يؤثر على تصورات مسلمي بريطانيا للمجتمع الذي يعيشون فيه، وهناك بالتأكيد من الحكايات النادرة ما يشكل دليلا على هذا الزعم، فالأمر لا يستلزم الكثير من البحث والتحري للعثور على قصص لمسلمين بريطانيين تم إبعادهم ونفيهم منذ الحادي عشر من سبتمبر من قبل غير المسلمين الذين كانوا يعدون يوما ما أصدقاء لهؤلاء المسلمين، أو العثور على قصص أطفال المسلمين الذين وسموا بأنهم إرهابيون داخل فناءات مدارسهم، أذكر أنني قابلت بعد قيام الانتفاضة الفلسطينية بقليل أحد شباب مسلمي بريطانيا الذي حضر إلى مكتب «الجارديان» لكي يشكو من بعض الصور التي قمنا بنشرها، إحدى هذه الصور كانت تصور موكبا جنائزيا في قطاع غزة، وأظهرت الصورة ضمن المشيعين عددا من الرجال الذين يرتدون أغطية سوداء للرأس، والذين يلوحون مهددين بالبنادق، وزعم هذا الشاب أن ذلك من شأنه أن يعطي انطباعا سيئا عن الإسلام، كما قد يتسبب في إصابة القراء بالفزع، رددت عليه بأن تلك حالة يتوجب فيها توجيه اللوم للمراسل، فمن الواضح أن هؤلاء الناس يتعمدون أن يظهروا بمظهر مثير للرعب والخوف، ربما لبث الرعب بين الإسرائيليين، ورفع روح المقاومة بين الفلسطينيين.
تعاون ام مواجهة؟
أحد الموضوعات التي كانت موضع نقاش بلندن هو موضوع «الغرب والعالم الإسلامي: تعاون أم مواجهة».
وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر تحدث مايك أوبرين الوزير بوزارة الخارجية، وخلال كلمته انحاز أوبرين للمعسكر الداعي للتعاون بين الغرب والعالم الإسلامي، فقال: إن الإسلام اليوم هو ديانة بريطانية رئيسية، ولن يكون بمقدورنا أن نسمح بحدوث «صدام الحضارات» أو حتى التفكير فيه في قلب مجتمعنا.وأضاف أن المملكة المتحدة تحتوي على ما يقرب من مليونين من المواطنين المسلمين، وما يزيد على 1500 مسجد، كما يوجد بين أعضاء البرلمان نواب من المسلمين، وهناك أعضاء مسلمون ضمن مجلس اللوردات، ومنهم الكتاب والدبلوماسيون والرياضيون ورجال الشرطة والجنود في الجيش، ولأنه كانت هناك صراعات دارت بين الدول الإسلامية وبين دول الغرب، إلا أن هناك أيضا العديد من الحروب التي خاضتها الدول الغربية - بما فيها بريطانيا - إلى جانب المسلمين، وذلك على حد قول أوبرين، إلا أن وجهة النظر هذه لم يكن يشاركه فيها جميع من حضروا المؤتمر، الذي نظمته المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (الإسيسكو)، بالتعاون مع المجلس الإسلامي البريطاني، وقد ألقت ورقة العمل التي قدمت من قبل الإسيسكو الضوء على تاريخ المواجهة والاستعمار الذي حكم إدراك وتصور الغرب للإسلام، وانتقدت الورقة الصورة النمطية للإسلام لدى الغرب، وعارضت سلاسل الصور النمطية التي تميز الإسلام في وسائل الإعلام الغربية، مثل النزوع نحو الإثارة والتحيز والتحريف والتشويه وغيرها من الصور السلبية.من الواضح أن هناك مشكلة ذات وجهين، حيث يجب على كل من المسلمبن ووسائل الإعلام أن يتوجه بالخطاب إلى الآخر.
قرأة منصفة
وفي إطار اهتمام الصحف البريطانية بالإسلام فإن المرء ما عليه إلا أن يقرأ بشكل منصف نخبة صغيرة من المقالات لتحديد أربعة قوالب نمطية للمسلم تلح وتصر عليها تلك الصحف، فهذه الصحف تخبرنا أن المسلم: (1) متعصب، (2) عزوف عن النساء (3) عنيف وفظ (4) غريب أو مختلف.
وتحت عنوان التعصب سوف تجد كلمات من قبيل: صارم، قاس، خشن، متزمت، وآخر شيء يمكن توقعه من المسلم وفق هذه الصورة هو أن يضحك أو يروح عن نفسه أو يلقي بالنكات.
والصورة المتعلقة بالعنف والقسوة ليست مرتبطة تماما بالإرهاب، ففي يونيو الماضي على سبيل المثال هنأت صحيفة الدايلي إكسبريس نفسها على فوزها بمكافأة من الجمعية الملكية لمكافحة القسوة ضد الحيوانات، لأنها نشرت حول «مجزرة الخراف البريطانية في باريس التي يحتفل بها المسلمون في عيد الأضحى».
وفي مقالات الرحلات حول الدول الإسلامية سوف تكتشف الكثير من المواقف والقوالب التي تم انتقادها وإدانتها واستنكارها منذ سنوات عديدة من قبل الكاتب إدوارد سعيد في كتابه المهم «الاستشراق» وهذه الصور النمطية للمسلمين وإن كانت غير عادلة بالمرة وذلك لكونها تحمل تعميمات كبيرة، إلا أن مكمن الصعوبة هنا هو أنها تحمل في الغالب عنصرا حقيقيا.وبقدر ما يعارض مسلمو بريطانيا هذه الصورة ويحاولون توضيح أن الإسلام هو دين سلام، لم تلق قضيتهم المساعدة من قبل الأقلية التي تتصرف بشكل معاكس.
مصطلح الجهاد
ويمكن القول ان الصحف من جانبها تستطيع أن تذهب إلى القول بأن مصطلح «الجهاد» يعني الكفاح الديني، ولا يعني بالضرورة الانغماس في العنف، وهو ما تفعله بعض الصحف اليوم، ولكنها أيضا لا تلقى المساعدة من جانب جماعات العنف التي تتبنى مصطلح الجهاد كجزء من اسمها، أحيانا قد لا يمكن إلقاء اللوم على الصحفيين على قيامهم بتغطية الجرائم البشعة التي ترتكب باسم الإسلام كما قد لا يتاح للجزء الأكبر منهم الابتعاد عن الإثارة، ولكن في نفس الوقت ينبغي أن يتحلى الصحفيون بالحرص حتى لا يتم بث انطباعات خاطئة عن الإسلام ككل، والمشكلة بين المسلمين البريطانيين ووسائل الإعلام في جانب منها تشبه إلى حد كبير ما كان حادث منذ بضعة عقود للبريطانيين السود، وهو ما قد يعطينا مؤشرات لحل المشكلة التي نحن بصددها، ف قد اعتدنا بشكل رئيسي أن نكتب عن المسلمين عندما يتسببون في مشكلة، علينا أن نحاول أن نعالج تلك الموضوعات الصحفية بقدر أكبر من الحساسية، وإن كنا لن نستطيع إيقاف الكتابة عنها كلية، ما يمكن أن نقوم به هو إيجاد نوع من التوازن بين التغطية السلبية وبين ما أطلق عليه الأمريكيون «الفعل الإيجابي»، بكلمات أخرى، نستطيع أن نوجد منطلقا للكتابة عن المسلمين خارج سياق التهديد والعنف، ولو لبعض الوقت على الأقل.
بعض الصحف تحركت بالفعل لتبني هذا التوجه، فمنذ بضعة شهور نشرت «الدايلي تليجراف» ملحقا خاصا ممتازا حول الإسلام، كما استكملت «الجارديان» لتوها سلسلة مقالات استغرقت أسبوعا كاملا تحت عنوان «مسلمو بريطانيا».أحد الطرق الأخرى التي يمكن من خلالها مجابهة هذه الصورة هو إتاحة الفرصة للمزيد من المسلمين للعمل في الصحف ومحطات الإذاعة والتلفزيون. وعلى مدى السنوات القلائل الماضية قامت أغلب المؤسسات الإعلامية في بريطانيا ببذل جهود جادة من أجل تعيين صحفيين سود، وعلينا أن نقوم بنفس الشيء إزاء المسلمين.

بريان وايتيكر/ الجارديان

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved