Sunday 7th July,200210874العددالأحد 26 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

دفق قلم دفق قلم
الصورة والتغريب
عبدالرحمن صالح العشماوي

للصورة -بكل أنواعها- رسالتها الذهنية وخطابها السياسي أو الفكري أو الاجتماعي الذي يؤثِّر في نفوس المتلقّين لها، وفنُّ استخدام الصورة لدعم الفكرة أو الهدف أصبح علماً قائماً بذاته في زماننا هذا، وإنَّه لمن الغفلةِ أن نظنَّ أنَّ نشر هذه الصورة عَبْر وسائل الإعلام المختلفة إنما هو من باب الإخراج الفنّي المجرَّد القائم على اجتهاد المخرجين، كلٌّ حسب مَيْله وذوقه، أو أن نتوقع أنَّ هذا النَّشْر الجارف للصور «المختلفة» إنما يأتي بصورة «تلقائيَّة» بعيدةٍ عن القصد والهدف.
إنَّ للصورة أهمّيتها الكبيرة في الإثارة، والتأثير سَلْباً وإيجاباً، وفي تغيير نَمَط الحياة «اجتماعياً» خاصةً عند الأطفال والمراهقين، فإذا تأمَّلنا التطوُّر الكبير في مجال التصوير بكلِّ أنواعه في هذا الزمن أدركْنا المدى البعيد الذي تُحدثه الصورة في نفوس وأذهان المشاهدين، بل إنّ الأحلام العريضة والخيالات الفسيحة التي يعيشها «الأطفال والمراهقون» تجد بُعْدَها الواقعي في ملامح الصور المشاهدة، وفي استباناتٍ أُجريت في أكثر من مكانٍ في العالم تبيَّن البُعْد النفسي والذهني الخطير للصور التي شاهدها من وُزِّعتْ عليهم الاستبانات، فمنهم من تعمِّق صُوَرُ الحروب والدَّمار في نفسه الإحساسَ بالإحباط واليأس، ومنهم من تعمِّق صورُ النساء في نفسه الشعورَ بالحب على الطريقة الغربية؛ الحب الذي يعني المتعة الجسدية أولاً وآخراً، ومنهم من تعمِّق صورُ العنف والإجرام من خلال أفلام العنف في نفسه المَيْلَ إلى الجريمة التي تعني عند كثير من المراهقين الفتوَّة والبطولة.
وتؤكِّد الدراسات النفسية والتربوية أنَّ دقائقَ معدودة يجلس فيها الطفل أو الشاب أمام صورٍ إباحية، أو صور عنفٍ وإجرام كفيلةٌ بمسح آثار تربية الأسرة لابنها أو بنتها، وبذلك يحطِّم أثرُ الدقائق آثارَ سَنَواتٍ من التربية والتوجيه.
وقد أشار د/ أحمد سيف الدين في تحقيق شامل نُشر في مجلة الدعوة السعودية قبل أكثر من عام إلى الخطورة البالغة للمَشاهد والصور التي يتلقَّاها الناس عبر القنوات ووسائل الإعلام المختلفة، لما تتركه من آثار سلبية «خطيرة» بسبب الانحراف الخلقي والفكري، وقبل ذلك الديني الذي يشيع بصورة مؤسفة في معظم وسائل الإعلام في العالم.
والصورة يمكن أن تغيِّر معنى الحدث في ذهن المشاهد، وأن تعكس رسالة وتحدث انطباعاً في النفس يريد أن يصل إِليه من يقفون وراء تحديد الأهداف والغايات من الصور.
وقد نجح «الغرب» نجاحاً كبيراً في استخدام الصور بصفة عامة، وصور النساء بصفةٍ خاصة لتوصيل كثيرٍ من أفكاره ونظرياته، وأخلاقة إلى أبناء المسلمين ذكوراً وإِناثاً.
فصورة المجرم الملتحي، والمتدين الضعيف «المُتَدَرْوِش»، والمرأة المتعرّية، والأسرة المتحرِّرة «المنحلَّة»، وصورة الرجل المنحرف «الناجح عملياً وتجارياً»، وغيرها من الصور، كلُّها تُعَدُّ رسائل ذهنية ونفسيَّة لم يضعها معدُّوها عبثاً، ولم يأت استخدامها من فراغ، وإنما تكمن وراء ذلك كلِّه أهداف بعيدة ظهر لنا أثرُها في سلوك أبناء المسلمين وأخلاقهم وأزيائهم ونَمَط حياتهم.
أثر الصورة «التلفازية» -مثلاً- ينتقل مباشرة إلى نفس المشاهد، فإذا نالت إعجابه مال -بصورة قوية- إلى تقليدها، وهنا يتحقق هدف أولئك.
-أيها الأحبَّة- إذا نزلتم إلى أيِّ سوقٍ من أسواق الأزياء النسائية الحديثة في أيِّ مدينة عربية إسلامية فتأمَّلوا الأزياء، واسألوا أنفسكم: هل تحقق هذه الأزياء جزءاً صغيراً من رسالتنا التربوية الإسلامية في الحياة؟؟.
وتأمَّلوا الصفحات الأخيرة من بعض الصحف «المسلمة»، وما تنشره يومياً من صورٍ بارزة كبيرة لامرأةٍ مّا، واسألوا أنفسكم: ما الهدف من هذه الصورة؟؟.
إشارة


عجبي لداعية «التحرُّر» وهو في
قيد الهوى تبكي عليه خُطاه
لو مُثِّلَتْ أخلاقُنا رجلاً، له
عقلٌ ونفسٌ حرَّةٌ، لَهَجاه

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved