Sunday 7th July,200210874العددالأحد 26 ,ربيع الثاني 1423

     أول صحيفة سعودية تصدرعلى شبكة الانترنت

 

التحول دولياً مسألة ثقة التحول دولياً مسألة ثقة
فوكوياما: التحدي في عصر العولمة هو إنشاء قرية عالمية مفتوحة

كتب فرانسيس فوكوياما، صاحب كتاب «نهاية التاريخ»، كتابا جديدا عنوانه «الثقة»، حلل فيه فوكوياما الأنماط الاجتماعية والمؤسساتية لمجتمعات مختلفة أخذا بالاعتبار «الثقة» كعامل مهم ؛ الأمر الذي مكنه من تجاهل متلازمة الشرق والغرب المتعبة حيث وجد بدلا من ذلك مقارنات مثيرة للاهتمام بين المجتمعات في ثقافات مختلفة.
اليابانيون والألمان يثقون بالمؤسسات العامة وبالأفراد الذين يرتبطون بها، الفيلسوف السياسي الإيطالي نيكولو ميكافيللي لا يمكن أن يكون ألمانيا، كما لا يمكن أن يكون الفيلسوف الصيني لاو زو يابانيا، في كلا التاريخين الياباني والألماني، كانت القاعدة هي ثبات الحكومات ؛ حتى أثناء فتراتهم «الفاشية» في الثلاثينات والأربعينات. وعلى الرغم من أن الأقليات والأجانب قد عذبوا وأبيدوا، نجد أن السكان المحليين لم يعانوا كثيرا في ذلك الوقت، عامل الثقة هذا في المؤسسات العامة سمح لكل من الألمان واليابانيين بتأسيس الشركات العامة الكبيرة، على خلاف الإيطاليين والصينيين.
الثقة والهوية والتماسك هي أساس المجتمع، عندما يثق الأفراد في مجتمع معين ويتقاسمون هوية مشتركة ويتضامنون مع بعضهم البعض فإنهم سيكونون قادرين على إيجاد أمة ناجحة، لكن عندما تفتقد هذه العناصر فسيحدث في المجتمع في كثير من الأحيان الفوضوية، الحروب الأهلية، الانهيار الداخلي.الخ.
هذه الظاهرة والتي وصفها مؤرخ القرن الرابع عشر التونسي ابن خلدون بالعصبية أوالعشيرة، هي العامل الحاسم في الهوية المشتركة والتضامن. لا يفكر الإيطالي أو الصيني بوطنيته كثيرا لكن هذه الهوية المشتركة يشعر بها كثيرا ضمن حدود منطقته مثل كالابريا Calabria بإيطاليا أو شاندونج Shandong في الصين، لكن بالمقابل نجد أن الألمان واليابانيين رغم وعيهم بالاختلافات العرقية داخل أوطانهم في بافاريا Bavaria الألمانية والتوهوكو Tohoku اليابانية يشعرون بانتمائهم كثيرا إلى ألمانيا أو اليابان خارج أوطانهم.
يقول فوكاياما: «لقد أصررت في عدة مناسبات على أن التحدي في عصر العولمة ليس ببساطة تأسيس سوق عالمية مفتوحة لكن التحدي الصعب هو إنشاء قرية عالمية مفتوحة».
الفكرة الرئيسية للكتاب هي أن اليابانيين ليسوا جيدين في السوق العالمية كما أنهم أقل من ذلك في القرية العالمية ولهذا فإن مساهماتهم ضئيلة أو سلبية في أغلب الأحيان، وحيث ان اليابان تمثل ثاني أكبر اقتصاد في العالم و تمثل عضوا رئيسيا في القرية العالمية، فإن وجودها في عزلة تامة أمر غير صحي، لذا فإن اليابان يجب أن تقتنع، على هذا النحو أو ذاك، بالانضمام، والالتزام بالمشاركة في هذه القرية العالمية. ويقول فوكاياما: لقد اندهشت لمستوى التحدي بعد محادثة حصلت لي مؤخرا مع فتاة شابة في لندن عملت لفترة مع فرع لمؤسسة يابانبة في لندن قبل أن تغادرها، لقد وصفت لي حادثة ستدهش كل شخص غير ياباني لكنها في الوقت نفسه مألوفة لكل شخص عمل في مؤسسة يابانية، لقد أقامت هذه المؤسسة اليابانية معرضا تقنيا في متحف لندن العلمي، لكن، بدلا من إسناد هذه المهمة إلى الموظفين المحليين بلندن فقد قامت المؤسسة الرئيسية بإرسال فريق ياباني إلى لندن بالتعاون مع المقيمين اليابانيين في لندن للتنظيم وعمل اجتماعات في المتحف، متجاهلين تماما الموظفين المحليين البريطانيين، وحيث ان اللغة الإنجليزية للزواراليابانيين ضعيفة كانت إدارة المتحف تستدعي كثيرا الموظفين البريطانيين للمساعدة في الإجابة على الأسئلة لكن هؤلاء لا يستطيعون ذلك لأنهم لا يعرفون ما الذي يحدث لأن اليابانيين لم يخبروهم بشيء. المشكلة الحقيقية التي يعاني منها اليابانيون هي الثقة، ليس الأمر هو أن اليابانيين لا يثقون بالأجانب لأنهم غير أمينين ولكنهم لا يثقون بهم في عمل الأشياء على الطريقة اليابانية أو على الأخص بطريقة يمكن فهمها لليابانيين الآخرين سواء كانوا من الأقرباء أو من أولئك الذين هم أعلى منهم وظيفيا. خلال السنوات الماضية عقدت العديد من اللقاءات السنوية الدولية، جزء من نجاح هذه الاجتماعات يعتمد على حق الجلوس في المقاعد حيث أتعمد ليس فقط خلط الجنسيات والوظائف بل أيضا الجنس والأعمار والمراتب. هذه اللقاءات يحضرها عادة الصينيون والكوريون والهنود والآسيويون والأوروبيون والأمريكيون والمكسيكيون، الخ..، وطبعا اليابانيون.
من وجهة نظر يابانية، القرية العالمية هي في الحقيقة مجرد نقطة صغيرة جدا في أفق بعيد.

اسم المؤلف: Francis Fukuyama
اسم الناشر: Penguin Putnam

 

[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][الأرشيف][الجزيرة]
توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية الىchief@al-jazirah.com عناية رئيس التحرير
توجه جميع المراسلات الفنية الىadmin@al-jazirah.com عناية مدير وحدة الانترنت
Copyright, 1997 - 2002 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved