* واشنطن - جلين سمرفيل - رويترز:
صورة الدولار الأمريكي المتردي في أسواق الصرف قد لا تبعث على الارتياح ومع هذا فليس هناك ما يشير إلى ان إدارة الرئيس جورج بوش غير راضية عن انخفاض قيمته حتى الآن، وفي حين يصف المحللون أسلوب تعامل الفريق الاقتصادي بالإدارة الأمريكية مع انخفاض الدولار بأنه غير مناسب على أفضل تقدير يبدو البيت الابيض وكأنه يستفيد من انخفاض الدولار بارضاء مجتمع الاعمال من ناحية وربما بدعم الانتعاش الاقتصادي من ناحية أخرى.
غير ان انخفاض العملة يجب الا يؤخذ باستخفاف فهناك خطر ان يتسارع الانخفاض فجأة وبشكل خطير لأسباب منها ان العجز التجاري الامريكي الضخم يمول بتدفقات رؤوس الاموال الاجنبية كما ان هناك المخاوف المتعلقة بالشرق الاوسط وبالارهاب وقضايا أخرى جعلت الاستثمارات الأمريكية تبدو أقل أمانا مما كانت عليه في الماضي كما ان الفضائح المحاسبية مثل فضيحة شركة وورلدكوم للاتصالات التي تفجرت الاسبوع الماضي تلتها شركة زيروكس للادوات والاجهزة المكتبية تقوض الثقة في أكثر أسواق العالم سيولة مما يشكل عقبة جديدة أمام الدولار.
ويقول الاقتصادي الن سيناي من مؤسسة ديسيجن ايكونوميكس في بوسطن هناك احتمال أكبر بكثير الآن لانخفاض حاد مفاجىء في قيمة الدولار بالمقارنة بما كان عليه الحال قبل عام أو عامين فقط.
ومع انخفاض الدولار إلى أدنى مستوياته منذ ثمانية أشهر أمام الين يوم الخميس وإلى أدنى مستوياته منذ بضع سنوات أمام اليورو مقتربا من معادلته في القيمة يتساءل المستثمرون والمحللون متى سيبلغ أدنى مستوياته ويبدأ في الصعود من جديد؟
وحتى الآن هذا العام ارتفع اليورو بأكثر من عشرة في المائة أمام الدولار، وانخفض الدولار بنحو تسعة في المائة أمام الين رغم الجهود الدؤوبة من جانب بنك اليابان المركزي في الفترة الاخيرة لابطاء ارتفاع الين.
ووسط تراجع العملة الأمريكية يتساءل كثيرون عما حدث لسياسة «الدولار القوي» التي ظهرت للوجود في عهد الرئيس السابق بيل كلينتون وبدت متخبطة في عهد الرئيس الحالي جورج بوش.
وتمثلت هذه السياسة في تكرار بسيط لعبارات مثل «الولايات المتحدة تفضل سياسة الدولار القوي.
وقال لورانس لينزي المستشار الاقتصادي بالبيت الابيض لشبكة تلفزيون «سي.ان.ان» ان الإدارة تؤيد بالفعل سياسة الدولار القوي لكنه ايد كذلك وجهة النظر القائلة بأن السعر يجب ان تحدده قوى السوق.
وزاد هذا من التشويش الناتج عن تصريحات صدرت في وقت سابق هذا الاسبوع عن بوش ووزير ماليته بول اونيل وعبرت عن نفس المعنى تقريبا وهو ان قوى السوق هي التي ستحدد قيمة الدولار.
وفسر تصريح بوش الثلاثاء الماضي على انه اشارة لبيع الدولار الذي انخفضت قيمته لتقترب من أدنى مستوياتها منذ عامين ونصف العام مما دفع الخزانة ثم البيت الابيض لأن يعلنا يوم الاربعاء انه ليس هناك تغيير في السياسة.
وقال أري فلايشر المتحدث باسم البيت الابيض بعد تدخل بوش النادر بتصريحات تؤثر على سوق الصرف وهو مجال اقتصر على اونيل عادة: الموقف الامريكي لم يتغير. سياسة الدولار القوي هي سياسة الولايات المتحدة.
وأيا كانت النوايا وبصرف النظر عن التعامل المتخبط مع الموضوع بالمقارنة باسلوب تعامل إدارة كلينتون المنظم في سياسة الصرف يقول المحللون ان الاثر كان مرضيا للفريق الاقتصادي في إدارة بوش.
وقال الاقتصادي سونج وون سون من ويلز فارجو بنك في مينيابوليس: الحقيقة انهم لا يعارضون انخفاض الدولار طالما انه ليس حادا... فليس هناك في حقيقة الامر ما يطلق عليه دولار قوي وضعيف بحد ذاته فالسوق عادة ما تحدد القيم بشكل صحيح.
وقال ان هناك ايجابيات لانخفاض الدولار مضيفا انه يعطي رجال الاعمال الامريكيين الذين طالما شكوا من ارتفاع قيمة الدولار فرصة لزيادة مبيعاتهم... فإذا انخفض الدولار كما هو متوقع منذ فترة طويلة فإن ذلك يأتي في الوقت المناسب تماما من الناحية الاقتصادية.
فالدولار الضعيف يجعل السلع الأمريكية أقل تكلفة في الاسواق الخارجية مما يدعم الشركات الاعضاء في الرابطة القومية للمصنعين الامريكيين الذين قادوا حملة ضد ارتفاع قيمة الدولار.
كما انه يجعل الواردات مثل السيارات اليابانية أكثر تكلفة على الامريكيين وتزيد من احتمالات تحولهم إلى الطرز المحلية وأشارت لارا رام نائبة رئيس بحوث أسواق الصرف في براون براذرز هاريمان في نيويورك إلى ان انخفاض الدولار جاء تدريجيا حتى الآن ومحدودا لكنها انتقدت أسلوب تعامل الفريق الاقتصادي في إدارة بوش مع الامر.
وقالت: أعتقد ان الفريق شكل جبهة اقل توحدا مما كنا نراه في الإدارة السابقة فيما يرجع أساسا إلى ان الفريق السابق الذي كان يقوده «وزيرا الخزانة السابقان» روبرت روبن ولاري سمرز كانا يلتزمان بسيناريو واضح تماما.
لكن يبدو ان اونيل يغير أسلوب تعامله مع الأمر كثيرا، ومما زاد الوضع سوءا انه لم يعد المسؤول الوحيد الذي يدلي بتصريحات عن الدولار على عكس الحال في عهد كلينتون.
وتابعت رام: اونيل خرج عن هذا السيناريو واخرج نفسه من اللعبة عندما قال ان الاسواق هي التي تحدد قيمة الدولار فيما بدا انه ايماءة بالموافقة على ما يحدث. وعندما تزداد الضغوط يقول ان سياسة الدولارالقوي تخدم المصالح الأمريكية.
ومضت تقول: البساطة أفضل وكذلك التكرار في التصريحات المتعلقة بالعملة لكن يبدو ان إدارة بوش ابتعدت عن هذا النهج او لم تتعلمه أصلا، وأشار سيناي إلى عدة عوامل سلبية من شأنها زيادة صعوبة احتواء انخفاض العملة وهي العجز الكبير في ميزان المعاملات الجارية والاتجاه العام للاقتصاد الامريكي والمخاوف السياسية فإذا ساءت الاحوال فيما يتعلق بأي من هذه العوامل فسيعاني الدولار من مزيد من الانخفاض السريع.
وتابع سيناي: انه في الوضع الراهن فإن أفضل سياسة هي التزام الصمت فكلما قلت التصريحات كلما كان ذلك في صالح الدولار كما كان يفعل روبن.
وقال ان الإدارة الأمريكية لم توضح ما تقصده بسياسة الدولار القوي، وأضاف: هناك اعتقاد في السوق بأن الإدارة ليس لديها سياسة فيما يتعلق بالدولار لكن إذا استمر انخفاض العملة ستضطر الإدارة لتوضيح سياستها.
|