* موسكو- خدمة الجزيرة الصحفية:
في ظل بحث إسرائيل المتواصل عن حليف جديد للقرن الحادى والعشرين أنهى المؤتمر الدولي لليهود الناطقين باللغة الروسية أعماله في موسكو والتي استمرت على مدى اليومين الأول والثاني من يوليو الجاري ثم انتقل إلى تل أبيب ولمدة يومين أيضا (3 ، 4 يوليو الجاري) بهدف مواصلة أعماله وشارك فيه حوالي 500ممثل عن مختلف الجمعيات والاتحادات اليهودية والصهيونية من الولايات المتحدة وروسيا ورابطة الدول المستقلة (الجمهوريات السوفيتية السابقة) ودول البلطيق وكندا واستراليا والنمسا وألمانيا.
في هذا المؤتمر الذي لا يقل أهمية وخطورة عن المؤتمر الصهيوني الأول في باز لعام 1897 وبعد كلمة الترحيب الرسمية التي بعث بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المشاركين تأسست المنظمة اليهودية العالمية غير حكومية باسم المؤتمرالعالمي لليهود الناطقين بالروسية وحضر المؤتمر حاخام روسيا الأكبر بيرل لازار المعين من قبل الكرملين وممثل اللجنة التنظيمية للمؤتمر الجديد المؤتمرالعالمي لليهود الناطقين بالروسية فاليري إنجيل وفي مؤتمر صحفي عقد خصيصا لإلقاء الضوء على أهداف المؤتمر الجديد قال إنجيل ان المؤتمر في خطواته الأولى يهدف إلى مساعدة اليهود الناطقين بالروسية سواء من روسيا أو دول الاتحاد السوفيتي السابق على الانخراط والتأقلم في المجتمعات التي هاجروا إليها.
أما الهدف الأهم فهو انضمام المؤتمر الجديد إلى الدول التي تحارب الإرهاب وفي مقدمتها إسرائيل إلى ذلك وعلى الرغم من أن المؤتمر الجديد هو عبارة عن منظمة عالمية غير حكومية إلا إنه تأسس على قاعدة مجموعة هامة من المنظمات اليهودية والصهيونية التي شارك ممثلوها في جلسات التأسيس في كل من روسيا وإسرائيل وهي اتحاد الجمعيات اليهودية في روسيا ومؤتمر الجمعيات اليهودية في أوكرانيا والندوة الصهيونية ليهود الاتحاد السوفيتي السابق ومقرها إسرائيل والجمعية الأمريكية لليهود الأمريكيين ومقرها الولايات المتحدة.
تأسس المؤتمر الجديد في روسيا على المستوى القانوني ليضم مجلسا عالميا للحاخامات ومجلسا للتخطيط وممثلين للجمعيات اليهودية والصهيونية الناطقة بالروسية من 22 دولة وأصبح حاخام روسيا الأكبر بيرل لازار هو رئيس مجلس الحاخامات بالمؤتمر الجديد ولا يزال السر يحيط بأسماء رؤساء اللجان والمجالس الأخرى.
وبعد انتهاء القسم الثاني في إسرائيل أكد عضو الكنيست الإسرائيلي يوري شتيرنو بفخر شديد أمام كاميرات القناة الأولى بالتلفزيون الروسي (أو.إر.تي) أن المؤتمر الجديد ليس له مثيل في تاريخ اليهود وسوف يكون اللبنة الأساسية لتجميع يهود العالم المتحدثين بالروسية كخطوة أولى ل «لم الشمل» وأضاف شتيرن اليهودي السوفيتي السابق أن هناك مهام عاجلة أمام هذا المؤتمر العالمي على رأسها إعادة تنظيم وهيكلة مناهج التعليم لليهود الناطقين بالروسية وإعادة كتابة البرامج التعليمية لليهود الذين درسوا بالروسية وخاصة في التاريخ والثقافة إضافة إلى محاربة «معاداة السامية» و«الهوس ضد اليهود» أما المهمة السياسية الوحيدة فهي دعم دولة إسرائيل والدفاع عنها.
أما المحور الآخر والأكثر خطورة فهو أهداف مثل هذا المؤتمر المتعلقة بروسيا والعالم والتي لخصها شتيرن في عدة نقاط أهمها:
-مساعدة روسيا على تنمية وتطوير اقتصادها.
-المؤتمر عبارة عن لوبي عالمي داخل روسيا وخارجها وسيكون أحد أهدافه مساعدة روسيا على تجاوز العديد من أزماتها.
-تطبيق نفس معايير الإرهاب على معاداة السامية ومكافحة الأخيرة كشكل من أشكال الإرهاب.
-إنشاء شبكة متكاملة من العلاقات مع روسيا وجميع يهود العالم وإسرائيل تسمح فيما بعد بتأسيس قاعدة متينة لتبادل المصالح سياسيا واقتصاديا وعسكريا.
- مواجهة الموجات الجديدة لمعاداة السامية في أوروبا الغربية والعالم الثالث، وخاصة الشرق الأوسط والعالم العربي.
-الوساطة بين روسيا والولايات المتحدة من أجل رفع جميع العقوبات والعقبات الاقتصادية والسياسية وعلى رأسها تعديل فينيك-جاكسون الذي اتخذ ضد الاتحاد السوفيتي عام 1974 بسبب عدم سماح السلطات السوفيتية بهجرة اليهود السوفيت إلى إسرائيل ومن ثم العمل على تكامل روسيا نهائيا مع الولايات المتحدة وإسرائيل بالدرجة الأولى ومع الغرب عموما.
إنشاء مثل هذا المؤتمر العالمي وفي ظل الظروف الحالية يشير إلى أن إسرائيل قد بدأت تشك بدرجة أو بأخرى في مستقبل الولايات المتحدة وعلى الرغم من الدعم والمساندة غير المحدودين لإسرائيل من واشنطن إلا أن تل أبيب بدأت تستشعر خطرا قادما وبالتالي فهي في بحث متواصل عن حليف جديد في القرن الجديد ففي نهاية القرن التاسع عشر كانت المنظمات الصهيونية العالمية تستخدم دولا أوروبية عديدة على رأسها بريطانيا وفرنسا وألمانيا إلى أن استقرت على بريطانيا حتى الحرب العالمية الثانية وبعد صعود نجم الولايات المتحدة قررت التنظيمات الصهيونية اختيار الولايات المتحدة كحليف رئيسي إلى أن تشكلت دولة الكيان الصهيوني ولكن المتغيرات الجديدة وظهور الولايات المتحدة بمظهر الرقيب والشرطي والقاضي ثم منفذ الأحكام بدأ يثير قلق ليس حكومة إسرائيل بالضبط وإنما التنظيمات والهيئات الصهيونية العالمية التي تمثل العمود الفقري لدولة إسرائيل من هنا تحديدا تحاول هذه المنظمات الابتعاد تدريجيا عن واشنطن والاقتراب من «النجوم الصاعدة» في القرن الحادي والعشرين ويبدو أن هذه الهيئات العالمية تختار الآن بين الهند والصين وروسيا بعد أن انفضحت إسرائيل تماما أمام الرأي العام العالمي وخاصة الأوروبي والأمريكي إضافة إلى محاولات القيادة الإسرائيلية استخدام الدعم الأمريكي بنفس منطق البيت الأبيض والقيادة الأمريكية في التعامل مع بقية الشعوب وهو ما يكشف عن التورط الأمريكي في كل ممارسات إسرائيل من ناحية ومن ناحية أخرى يساهم بشكل أو بآخر في ضرب مصالح واشنطن ليس فقط في العالم العربي والإسلامي وإنما أيضا في مناطق كثيرة ولكن المرشح الأقوى لإقامة حلف مع إسرائيل هو روسيا الجديدة نظرا لأن المجتمعين الهندي والصيني ليسا مستعدين بعد لهذه الخطوة والتعاون يقتصر فقط على المغازلات السياسية والتعاون الاستخباراتي والتصنيع العسكري المشترك بيد أن روسيا قد أصبحت جاهزة تماما على المستويين الرسمي والشعبي لإقامة تحالف تاريخي مع إسرائيل خلال هذا القرن.
|